تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


محمد عامر مارديني في «حموضة معدة».. خلجــــات قــلم يــرصد واقــع المــرارة

ثقافة
الأثنين9-9-2019
عمار النعمة

أن تقع عيناك على مجموعة قصصية يقدمها كاتبها لأول مرة، ستشعر أن ثمة توجساً من أن لاتكون كما تتمنى، فكيف إذا كان الكاتب استاذا جامعيا وبتخصص علمي دقيق,

‏‏

وشغلته مناصب سياسية وعلمية كثيرة !!..‏‏

ولكن ما إن تبدأ بالقراءة حتى تتبدل هذه الهواجس، وتشعر أنك أمام كاتب محترف يجيد فن القصة، والقدرة على جعلك تمضي إلى نهاية المطاف بأسلوبه الساخر.‏‏

«حموضة معدة» عنوان مجموعة قصصية صدرت حديثاً عن دار الشرق للطباعة والنشر للدكتور محمد عامر مارديني لتعالج موضوعات كثيرة رصدها الكاتب من الواقع بأسلوب جميل وممتع ولافت.‏‏

المجموعة التي هي باكورة إصدارات مارديني تحمل خصوصية جلية بأن قصصها قريبة من القلب، تحمل دلالات ومفردات وعناوين بسيطة،لكنها عميقة وحميمية استنهضت شيئاً ما من ذاتنا.. فكيف لا وهي تحاكينا وتقتحم أسوارنا لصدقها وواقعيتها ؟!!‏‏

كما تحمل النصوص صفة خاصة من العنونة، تجعل القارئ يتماشى معها كي يصل إلى ماهيته دون انقطاع.. حيث فرش المارديني مفرداته على مستوى البوح فجاءت النصوص لتمتع وتشفي وتطيب.‏‏

قدم للمجموعة الدكتور نبيل طعمة مدير الدار ليتحدث بأنها انعكاس لغوص المؤلف في الحياة والتي هاله فيها أن يصنع أقدار الناس..بعض الناس، وأن يصبح الإنسان عبداً في زمن يحطم القيود، معتبراً أن المؤلف أراد أن يعرفنا على شخصيته الممتزجة بالعلم والكتابة ليبث من خلالها ما في نفسه،وعما يخامره من مشاعر وانفعالات، حينما خط كل قصصه بسلاسة تلفت أبصارنا إلى جمال ورقة ماتحمله.‏‏

وأضاف: لن أخوض في غمار عناوينه المختارة بدقة،والممتعة لدرجة الإدهاش وكيفية تحدثه عن طرفة حماته أو سن اليأس أو تأمله في فتحة سقف أو حتى عنوانه المختار لمخطوطه، وعن هدية المساء والعديد من العناوين المسكونة بين دفتي كتابه الأدبي، لكن أثق أن كل من يحمل هذا المخطوط لن يذهب به إلى وضعه في مكتبته دون أن يقرأ ويتأمل كل تفصيلة من تفاصيله.‏‏

طرح الكاتب نصوصه «كمونولوج « حقيقي ليعطينا متعة القراءة،وليضعنا في ساحة النص،أجاب عن تساؤلات كثيرة في نفوسنا،جعلنا ننجذب ونزدهي بلذّة تعبه، وبحصاده الذي أثمر أفعالاً ندّية وغايات بهية،لاسيما وأن في نصوصه ثمة ما يحتمل التفكير والتحفيز والاستنتاج.‏‏

لاشك أن د.مارديني في مجموعته يتحسس واقعه بكل مايحمل من مكنونات داخلية، ليعود إلى الماضي بما فيه من حنين،ومن طفولة بريئة، عاد روحياً بكل مايحمل من مؤثرات أحدثت بفعل الزمن.. نرى الكاتب يتعلق بمدينة دمشق العظيمة،فصوّر ووصف الكثير من الساحات والأحياء والجمال الذي تحمله في صميمها، رسم واقعاً زاخر بالرؤى وتوطين الأحداث،فكان جمال النص وتأثيره ببراعة يده، وبتقنيات كتابته وتعابيره،ولهذا تفجرت ينابيع الجمال الدافقة حين أحسن تصوير الحدث،وتشريحه كطبيب مداو.‏‏

ومن نصه الذي عنونه (بحموضة معدة) لابد أن نقرأ بعضاً مما قال: في ليلة من ليالي الصيف الحارة فررت ومجموعة مختارة من الاصدقاء هرباً من صخب العاصمة إلى مصيف معروف يدعى عين الفيجة حيث الطعام الألذ والهواء الأنقى.‏‏

أذهب عادة إلى عين الفيجة بسرور بالغ لا بل بإصرار،بالرغم من المعاناة التي قد تنتظرني قبل النوم من عسر الهضم الذي سيرافقني بالتأكيد إلى الصباح، بعد امتلاء البطن بكثير من الطعام،ومن انتفاخه وتطبله نتيجة لتنوع طفيليات البقدونس والجرجير،أضف إلى كل ذلك حموضة في المعدة ناتجة عن اختلاط شحم الكبة المشوية مع الباذنجان المقلي، وامتزاج المحمرة بالعيران، مع كل ذلك أشعر أن مثل هذه السهرات قد أصبحت بالنسبة لي شراً لابد منه، وجزءاً من احتياجاتي الشهرية،وشيئاً شبه مقدّر لايمكن الهروب منه..‏‏

يذكر بأن الدكتور محمد عامر مارديني حائز إجازة في الصيدلة والكيمياء الصيدلية من جامعة دمشق ودرجة الدكتوراه في الصيدلة من جامعة هومبولت الألمانية شغل عدداً من المناصب العلمية في سورية والوطن العربي،له العديد من الأبحاث والمقالات العلمية المنشورة في المجلات العلمية المحلية والعربية ammaralnameh@hotmail.com‏">والعالمية.‏‏

ammaralnameh@hotmail.com‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية