تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


والدة الشهيد الرائد محمد مرشد الخازم: الشهداء .. درع الأمان .. ونبراس النصر .. وعنوان الوجود

مجتمع
الأحد 1-11-2015
غصون سليمان

في ربيع الشهادة الدائم تجسد طقوس الحب ألوان شتى من البطولات ..وتزدان في حدائق الوطن أوسمة الكرامة ..

‏‏

ففي حضرة الشهيد تتقدم حروف اسمه على كل المعاني ،فهو اختصر البلاغة بأعظم الصفات‏‏

..شهداؤنا هم عنوان عزنا ومن أعطوا لكبريائنا طعم الحياة ،ففي فضائهم تنتفض الذاكرة وتتسع ليحلو في نبض المكان من هم الأولى في الذكر والعنوان ..‏‏

شهيد سما كما الآلاف من الشهداء ممن خبرتهم الأرض الطاهرة وامتحنتهم الأمكنة ،وشهدت على عزيمتهم وبطولاتهم أعماق الجغرافيا بتفاصيلها ومسمياتها ، وكما رفاق دربه ممن سبقوه إلى المجد فهو لم يهن ولم يضعف ..كان دائما في المقدمة يقتحم منازل الموت متحديا الصعاب وفجور الإرهاب لأن للرجولة معنى واحدا لايتجزأ في حق الوطن ووطن الحق..‏‏

إنه الشهيد المقدم محمد مرشد الخازم صاحب الرؤية السديدة والعنفوان الكبير ورجل الميدان حيث أصيب أكثر من مرة وفي كل مرة كان يودع جراحه المتفاوتة بعبارة لا وقت للوجع والألم، الوطن أولى بالصحوة والاستيقاظ ومتابعة المهام..‏‏

بقي صامدا ومواجها بكل قوة وثبات أدوات الإجرام إلى أن غادر تراب الوطن الذي أحبه ورواه بدمائه الطاهرة أثناء مداهمة أوكار الإرهابيين في مدينة المليحة قرب العاصمة دمشق لعام 2014 ..‏‏

نحن من يصنع الحياة‏‏

يتحدث المقربون منه والمحيطون به من أهله وذويه وأصدقائه كيف كان يتمرد على القهر والخوف والقلق ويبعد شبح تأثيرهما السلبي على النفوس بكل ثقة وطمأنينة ، كان صاحب مزاج هادئ ونفس عفيفة طيبة ..عبارته الدائمة التي كان يرددها باستمرار على مسامع الجميع لا يهم أن نموت ونغادر الحياة ،بل المهم والأهم أن تبقى سورية بكرامتها وشرفها وخصوصيتها ..‏‏

مساحات التفاؤل لا تغادر محيطه ويسخر ممن كان يخاف دون وجه حق في سبيل الوطن، وفي هذا السياق توضح والدة الشهيد ملك الأسعد تلك السيدة الفاضلة في حديث ابنها كيف كان محبا لفعل الخير ،متحليا بالصبر والإيمان ويصوب الهدف باتجاه رفع المعنويات جراء حجم الإرهاب والخراب الذي حل ببلدنا ،وعندما كان يسأله أي شخص من الناس خلال إجازته القصيرة ،(أنت في الجو وتعمل في الميدان ..طمنّا كيف حال الواقع ) ..‏‏

كان يرد بابتسامة فيها الكثير من الثقة والإيمان وحتمية انتصار سورية على الأعداء فيقول (من كل عقلكم أنتم خائفون يا أبناء بلدي ..لاياشباب صحيح أن بعض القلق مشروع لكن طالما في سورية شعب أبي ورجال أشداء وأقوياء مخلصون وأوفياء لا خوف على مستقبل من كسب الرهان وفاز دائما بجولات الحق والوجود والانتصار ..‏‏

فالثقة التي كان يحملها الشهيد ويتحلى بها كما تقول والدته الفاضلة كانت درع الأمان لكل المحيطين ..بالتأكيد هي صفات الأبطال ممن آمنوا بالله والوطن والحياة وأهمية الخصوصية السورية ، وتضيف هذه السيدة في عبارات الشجون وألم الفراق وهي التي رعت وكافحت مرارا وتحملت المسؤولية ،‏‏

على أكمل وجه في تربية أسرتها وعائلتها المؤلفة من ثمانية أشخاص اربعة ذكور وأربع إناث بعدما توفي الزوج والأب باكرا..وكيف كانت تواصل الليل بالنهار حيث التعب والسهر والعمل لتفوز بتربية صالحة تليق بنموذج الأسرة السورية والأم التي تضحي بأغلى ما تملك..أنا أختلف عن كثير من الأمهات هكذا وصفت نفسها.كانت تدرك جيدا أهمية مواساة الناس لها باستشهاد ابنها البطل لكن حرقة الفراق جعلتها تطلق عبارة ربيت أبنائي بدموع عيني إذ كنت أسابق الحياة لأعلمهم وأؤمن مستقبلهم الذي يطمحون إليه مهما كلف من تعب مادي ومعنوي ..‏‏

كان الشهيد يحب سلك الجيش وتمنى أن يدخل هذا المجال وكان له ما رغب ..تحمل معي مسؤولية الأسرة بروح مقبلة دائما على الحياة..لم يدع التشاؤم يزحف إلى داخله يوما،يستطيع حل أي مشكلة تعترض أيا منا ..مزوحا ضحوكا خفيف الظل يمتلك شجاعة داخلية لا حدود لها كالعديد من الشباب السوري ورجال الوطن..‏‏

أبناؤنا أقوياء تؤكد الأم وهم قادرون على صنع المعجزات وهم يخوضون معارك الوطن الكبرى..ومستعدون للتضحية بكل الأثمان في سبيل أن تبقى سورية بخصوصيته وهيبتها فوق كيد المتآمرين ..‏‏

هم أبطال في حياتهم وأشداء في مماتهم وعظماء في استشهادهم..هكذا علمنا الأبطال وتعلمنا منهم..‏‏

نشتاق لهم بلوعة الفراق لكن لا حول ولا قوة إلا بالله ولا عزة إلا في أحضان الوطن ووفاء الأبناء وإخلاصهم وتضحياتهم...‏‏

عبارات لاتنتهي في شريط الذكريات فهي أم شهيد وعمة شهيد وخالة شهيد.‏‏

رحم الله شهداء الوطن فهم القدوة و منارة الخلاص بهم يشمخ الوطن وبصبر أهلهم وعائلاتهم نستمد القوة والصبر والثبات‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية