|
عين المجتمع ليحولنا إلى فتات بشري نعجز عن لملمة نثراته لنعيدها إلى ما تبقى من كيان إنسان ، بينما نحن نخيب ظن أقرب الناس و نتبرأ من جرمنا المعنوي ، و ننفلت بجرأة من عقاب ضمائرنا التائهة في فوضى أزمة جاثمة و انفلات رقيب أخلاقي ، و التحايل بخبث على حارس مرمى منظومة القيم المسكين ، شكوانا من بني البشر حلقات مفرغة لا متناهية ، ترافقها موجات إحباط و يأس تكاد تأسر نفوسنا المرهقة في زنزانة موحشة، بغية تلافي خدوش على أديم جلودنا يطول منها البراء . صفحات التواصل الاجتماعي تعكس حالنا وشكوانا و همنا ، نفاخر ببروزتها على صفحاتنا الشخصية لتكون مرآة أمزجتنا الموجوعة ، و لتحاكي بصراحة جارحة واقعاً مؤلماً آذى نفوسنا وسط غابة بشرية نحن من سكانها مرغمين ، ربما نحن فيها الحلقة الأضعف و فريسة سهلة للأقوى ، و كثيراً ما نتبارى في تسجيل تعليقاتنا و إعجابنا على تلك «البوستات» ، لنبصم بأصابعنا المحترقة ألماً أن حال إنسانيتنا في خطر ، و أن داخل البعض منا تحول إلى أدغال موحشة تستوطنها أشرس المخلوقات . و لكن .. قبل الشكوى و الإدانة والشجب والاستنكار و الذي بتنا نتقنه بمهارة ، ولكوننا شركاء في الفصيلة البشرية و الصفة الإنسانية ، لماذا لا نبدأ بأنفسنا و نكون نقطة بداية نحو تصحيح أخطائنا كبشر غير معصومين عن الخطأ و لكن على تصويبه متمكنون ؟ و عوضاً عن ندب جروحنا النفسية لنبادر في خطوة و لو متواضعة لنكون قدوة في التسامح و الوفاء و الإخلاص ، لنضع ولو خطوطاً واهية لخطة طويلة الأمد ترسم ملامحنا الإنسانية من جديد ، صورة خالية من الحقد لا تشوهها الطعنات في الظهر تلونها المحبة ، مذيلة باعتذار صادق عن خربشاتنا نحن البشر .. |
|