تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عنف منظمات الاستيطان

هآرتس
ترجمة
الأثنين 30-4-2012
ترجمة: ريما الرفاعي

أنصار الاستيطان في تل الاولبانة يرددون بأن المستوطنين هناك «أناس عاديون» (هل يؤكدون هم بذلك أن المقيمين في بقية البؤر الاستيطانية أناس غير عاديين). أي أن إقامة الحي وإسكانه بالمستوطنين ينسجمان،

برأيهم، مع المقاييس المعتادة في المجتمع الاسرائيلي. واذا كان الامر كذلك فثمة شيء سيئ جدا حصل لمعاييرنا الاخلاقية. تل الاولبانة ولد في الخطيئة ونشأ في الجريمة. ولشدة المفارقة، فقد ولد عام 1999، في عهد ايهود باراك في مكتب رئيس الوزراء. نعم، باراك ذاته الذي يتعرض للهجوم الان من قبل رفاقه في الحكومة لأنه يتجرأ على تنفيذ امر المحكمة العليا التي أمرت بهدم الحي.‏

وقد صدر أمر وقف العمل الاول في 27 ايلول 1999. وحتى 2003 صدر لكل واحد من المباني «العادية» المزيد من أوامر وقف العمل وأوامر الهدم النهائية. وكما هو دارج في دولة المستوطنين فان البناء الاجرامي استمر لأكثر من ثماني سنوات، رغم أنف كل السلطات.‏

وقد جرى استيطان الحي رغم علم الجميع بان كل المنازل مرشحة للهدم وانه في كانون الاول 2008 رفع أصحاب الارض من قرية دورا القرع، بمساعدة منظمة «يوجد قانون» التماسا الى المحكمة العليا مطالبين بتنفيذ أوامر الهدم ومنع اسكان المستوطنين. وقد ابلغت الحكومة المحكمة بان شركة امانه من غوش ايمونيم المبادرة لبناء الحي، عرفت ان البائع ليس المالك القانوني للارض ، وانه كان ابن سبع سنوات عند تسجيل الارض. وخلال المداولات في الالتماس أفادت النيابة العامة ان شركة تطوير بيت ايل هي التي بنت وأسكنت المباني «بالمستأجرين». بمعنى، ان احداً من سكان المباني الخمسة المرشحة للهدم ليس مالكا بل وليس مستأجِرا في هذا الحي.‏

وتل الاولبانة ليست هي الابنة غير الشرعية الوحيدة في بيت ايل، حسب المعايير الدارجة في العالم السليم. فالمستوطنة كلها اقيمت بقوة المعيار الفاسد المسمى «اوامر الاستيلاء المؤقت». وعبر السنوات الماضية، تمددت المستوطنة شمالا الى خلف حدود تلك الاوامر، نحو اراض خاصة لسكان دورا القرع. وفي اي مجتمع اخر عادي، فان الناس والهيئات الذين جعلوا سلب الاراضي وتزييف الوثائق معيارا اخلاقيا عاديا مكانهم السجون. اما في اسرائيل فان اسمهم يعلو على ألسنة الوزراء، النواب، ويجعلونهم شهداء، والنيابة العامة تغلق لهم الملفات.‏

وخذوا مثلا حالة عوفرا. فقبل ثلاث سنوات نقل درور أتكس، في حينه الناشط البارز في منظمة «يوجد قانون»، الى المستشار القانوني للحكومة ميني مزوز، عقدين عرضا على المحكمة العليا من شاريين لمنزلين في المستوطنة، كان صدر بحقهما أوامر هدم. أحد العقدين تم مع دائرة الاستيطان في الهستدروت الصهيونية، والاخر مع الجمعية التعاونية لمستوطنة عوفرا. وجاء فيهما، بان الدائرة خصصت للجمعية أراضي بموجب اتفاق بينها وبين المسؤول عن الاملاك الحكومية والمهجورة في المنطقة. وكتب أتكس بان الاراضي لم تخصص ابدا ولا يمكنها أن تكون مخصصة من قبل سلطة حكومية اسرائيلية، انطلاقا من السبب البسيط بان هذه اراض خاصة اجتازت التسوية لسكان القرية المجاورة عين يبرود. وهذه المعلومة نقلتها الحكومة نفسها في ردها على التماس الى المحكمة العليا رفعه السكان انفسهم. وعلى أساسه اصدرت الادارة المدنية أوامر وقف عمل وأوامر هدم نهائية لمئات المباني الاخرى التي بنيت في نطاق عوفرا. ولا حاجة الى القول ان المنازل لا زالت قائمة على حالها.‏

وقد اشار أتكس الى أنه كون دائرة الاستيطان هي هيئة عامة، وكل ميزانيتها تأتي من الحكومة ، فان على المستشار القانوني ان يأمر بفتح تحقيق سريع لاستيضاح الشبهات، وبالفعل أعلن مكتب مزوز في تموز 2009 ان الشرطة بدأت تحقيقا جنائيا. والاسبوع الماضي ذكر الناطق بلسان وزارة العدل انه في ايار 2010 تقرر اغلاق الملف لانعدام الأدلة.‏

ومن الاشياء المألوفة لدى الصحف ومنظمات اليسار أنه بعد ان يقوم صحفي بأعداد عن الحفريات الجارية في قرية سلوان في شرقي القدس برعاية جمعية اليمين العاد الاستيطانية وبتمويلها، وبعد طلب الصحفي رد فعل الناطق بلسان الجمعية، يصل الى أسرة تحرير الصحيفة مبعوث من المنظمة يحمل رسالة من مكتب محامين معروف، يهدد برفع دعوى تشهير بمبلغ خيالي. في السنة الاخيرة تحرك العاد نحو ست دعاوى ضد منظمات ونشطاء سلام، احداها دعوى بمبلغ مليون شيكل ضد مجموعة مهندسين انتهت بتعويض رمزي بمقدار ألف شيكل.‏

وقبل بضعة ايام انتهت المداولات في دعوى تشهير رفعتها العاد ضد حركة السلام الان. وقد اشتكت الجمعية من أن السلام الان المحت في موقعها على الانترنت بانها تشتبه بعلاقة بين سقوط باص قبل سنتين في بئر عميق وبين الحفريات الاثرية التي نفذتها سلطة الاثار بجوار المكان بناء على تكليف من جمعية العاد وبتمويلها. وذكر في الموقع بانه بعد اصابة ثلاث تلميذات سقطن في الحفرة التي كانت تحت المدرسة طلب سكان المكان وقف أعمال الحفريات حتى القيام بفحص هندسي شامل.‏

وقد رد قاضي محكمة الصلح في القدس عوديد شوحم الدعوى بتعويض بمبلغ 200 ألف شيكل وباعتذار وقرر ان منظمة العاد ستدفع للمدعي العام أتعابا قضائية بمبلغ 7 آلاف شيكل. وتعهدت السلام الان بتخصيص المال لمكافحة المستوطنة في سلوان. لعل هذا يعلم العاد ومحاميها أن يكفا عن فرض الرعب على الجميع.‏

 بقلم: عكيفا الدار‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية