تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نتنياهو خائف ويخيف الجمهور أيضاً

هآرتس
ترجمة
الأثنين 30-4-2012
ترجمة ليندا سكوتي

إن نسيتم أو غاب عنكم الشعار الذي رفعه نتنياهو إبان حملته الانتخابية عام 1999 فما عليكم سوى البحث عنه عبر غوغل أو يوتيوب وعندها سيكون بوسعكم معرفة الكيفية التي استفز بها مؤيدوه عندما أطلق شعار «إنهم خائفون».

لكن الواقع أكد لنا بأن بيبي هو من انتابته تلك الحالة آنذاك حيث ظهر ذلك جليا بما أسفرت عنه الانتخابات من تعرضه لهزيمة نكراء على يد أيهود باراك. أما اليوم وعلى الرغم مما يتوفر لديه من أغلبية في الكنيست تمكنه من الدعوة لإجراء انتخابات مبكرة أو إبرام اتفاق مع الفلسطينيين، إلا أنه مازال حتى الآن يعزف على وتر الخوف سواء على نفسه أو ليخيف الأمة جمعاء.‏

لقد أخذت قواعد اللعبة بين إسرائيل وبقية أنحاء العالم في التغيير، وأصبح للحرب سبل أخرى لن يتاح لنا الفوز بها، إذ لو رغب غونتر غراس (الحائز على جائزة نوبل في الآداب الذي نشر قصيدة في مطلع الشهر الحالي انتقد بها إسرائيل) القيام بزيارة إلى إسرائيل فهل ستقبل الحكومة بدخوله البلاد في ضوء ما ترامى إلينا بأن وزير الداخلية أيلي يشاي قال إن شخصاً مثله غير مرحب به في البلاد؟ وهل هذا يعني بأن أي شخص يعبر عن رأيه السلبي ضدنا لن نسمح له بالدخول؟ وهل يعني ذلك بأننا نعيش في بلاد ديكتاتورية؟ وهل سنعمد إلى إحراق كتبه إزاء انتقاده لنا؟!‏

من الملاحظ بأن نتنياهو الذي يعرض عضلاته في وجه إيران قد أصيب بالهلع من مواجهة بضع مئات من متظاهري السلام الذي يرغبون بالسفر إلى الأراضي الفلسطينية، فهل كانت الأمور تستدعي إرسال حوالي 1000 عنصر من الشرطة إلى مطار بن غوريون والتسبب في حالة من الفوضى في المطارات الأوروبية كل ذلك لردعهم عن دخول البلاد لمَ علينا أن نولي هذا الاهتمام الكبير لقدوم تلك المجموعات إلى بلادنا؟ فالبلاد التي تدعي بأنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط كان عليها الالتزام بالمبادئ الأساسية لتلك الديمقراطية التي من أولى أسسها حرية التعبير عن الرأي، فإذا جاء المتظاهرون ليتحدثوا عن الاحتلال فلندعهم يقولون ما يشاؤون دونما حاجة لاتباع ذات الأسلوب الذي اتخذناه في معالجة أمر أسطول مرمرة ومثيلاته التي جوبهت بردع جنوني بادعاء التحسب مما قد تفضي إليه من تقويض لمكانتنا وأمننا.‏

على صفحة الفيسبوك الخاصة برئيس الحكومة أعرب بنيامين نتنياهو عن جزيل الشكر إلى أجهزة الشرطة الإسرائيلية وقادتها لما حققوه من نجاح في ردع النشاطات المناوئة المخطط تنفيذها في مطار بن غوريون الدولي، واستطرد القول «بأن التنظيم والطرق الدبلوماسية والعملياتية قد أتت أكلها وأصبح العالم أكثر تفهما للمشكلة الحقيقية في الشرق الأوسط».‏

وما يجدر بالإشارة ما كتبه على صفحته أيضا من أن رئيس الولايات المتحدة (على سبيل المثال) سيستقبل بحفاوة بالغة بالكنيست في حال زيارته لإسرائيل وإلقائه كلمة في الكنيست، وذلك على غرار الاستقبال الذي حظي به في الكونغرس الأمريكي. لكن الواقع يؤكد لنا بأن الكنيست لن يقابله بذات الحفاوة لأن أغلبيته تعارض السلام.‏

إن الخوف المتجذر في أعماق بيبي دفع به للتصرف بطريقة غير لائقة تجاه الرئيس أوباما، وجعله يوجه اللوم إليه لجهة منح إيران مهلة خمسة أسابيع تلك المدة «بوقف إطلاق النار»، كما لو أنه كان على وشك إسقاط قذائفه على إيران لكن أوباما هو من حال دون ذلك لينقذها من نتائج ما قد تقدم عليه إسرائيل.‏

هل تعلمون ما قاله رئيس الوزراء الراحل ليفي إشكول» الدفتر مفتوح وليكتبوا ما يشاؤون». لكن علينا أن نأخذ باعتبارنا بأنه إن عاد أوباما للبيت الأبيض فسيكون أقل تسامحا مع إسرائيل.‏

ثمة أمريكيون من ذوي الاطلاع يقولون بأن الرئيس أوباما قد ضاق ذرعا ببيبي، كما وأن ثمة من يقول إن الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي قد وصفه بالكذاب في عدد من المناسبات. ويبدو أننا لن نكف عن تلك الترهات إلى الحين الذي يصبح به العالم يعتبرنا من أكثر الدول إزعاجا. وعندها لن تفيد طلاقة بيبي باللغة الإنكليزية في استبعاد القناعات التي تقول بأنه هو من وضع اللبنة الأساس لنزع شرعية الدولة، وجعلنا لا نفرق بين العدو والصديق.‏

تتفاخر قوات الشرطة بأنها حققت نجاحا باهرا، لكن العالم الذي تلقى صورا للأحداث الجارية ومن ضمنها صورة لكولونيل إسرائيلي يضرب بأخمص بندقيته متظاهرا دانمركيا في الأسبوع الماضي قد أظهرت الحقيقة عارية. وعلى الرغم من ذلك لم تتورع إسرائيل عن استمرار ترديدها عبارة دولتين لشعبين، لكن من يتابع الأمور على أرض الواقع سيتوصل إلى قناعة بأن إسرائيل ستأخذ طريقها نحو الانهيار وفقا لما قاله أحد السياح.‏

إن مناصري بيبي يلقون باللائمة على الكاميرا، ويرون بأنه يتعين على إسرائيل ألا تسمح للمصورين بالتقاط الصور بحرية الأمر الذي ينفي ما تدعيه باستمرار بأنها الدولة الأكثر ديمقراطية وأهمية في العالم. وكان عليهم طلب دراسة الأسباب التي حدت بذلك الجندي على التصرف بهذا الشكل من العدائية تجاه المحتجين.‏

لقد أثار نتنياهو في نفوسنا بارقة أمل عندما نادى بمبدأ دولتين لشعبين في خطابه الذي ألقاه في بار-إيلان عام 2009، وإننا كشعب تقبلنا ذلك المنطق الدبلوماسي الذي يقول بدولتين لشعبين، لكن عندما يكون على رأس البلاد قائد تكتنفه المخاوف والتحسبات على الرغم مما يتمتع به من أغلبية ساحقة فلا ريب بأن الأمة أجمعها سينتابها القلق والخوف أيضا حتى قبل الإقدام على تنفيذ أي خطوة في هذا الصدد..‏

 بقلم: عمير أورين‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية