تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ليته كان قراراً سياسياً !

شؤون سياسية
الأثنين 30-4-2012
بقلم: نواف أبو الهيجاء

يوم الأحد قبل الماضي ابلغت شركة توريد الغاز المصري الحكومية ( أي غاز) شركة الغاز الطبيعي ( الاسرائيلية ) – أي . ام . جي – الغاء العقد المبرم بين الطرفين وبالتالي لم يعد الغاز المصري يضخ الى الكيان الصهيوني .

كان القرار ذا وقع كالصاعقة بداية الأمر حتى ان المسؤولين الصهاينة اعتبروه خطوة خطيرة للغاية وتقع بالضد تماما من ( اتفاقية كامب ديفيد ) واشتراطاتها ونصوصها . وعلى الصعيد العربي الشعبي والمصري عموما سرت حالة من الابتهاج والتفاؤل . . الى درجة ان بعض الصحف العربية كتبت عناوين مثيرة من مثل ( اتفاقية كامب ديفيد تترنح ) .‏

بيد ان الامور مالبثت ان اتضحت وان الطرف الصهيوني اعتبر القرار تجاريا لاأكثر كما ان الطرف المصري ابلغ الصهاينة انه مستعد لاعادة تزويد الكيان الصهيوني بالغاز المصري وفق اسعار جديدة وباتفاقية جديدة .‏

حقيقة الامر ان توريد الغاز المصري للكيان الصهيوني لم يكن متضمنا في اتفاقية كامب ديفيد على الاطلاق كما افادت الاهرام المصرية . ولكن المسألة ان شعب مصر دفع خسارة تبلغ اكثر من ثلاثين مليار دولار نتيجة الاسعار المخفضة التي كان الصهاينة يشترون بها الغاز المصري . الاتفاقية ابرمت بعد مرور حوالي ربع قرن على ابرام اتفاقية كامب ديفيد فلو كانت متضمنة كشرط في الاتفاقية لجرى ابرام الاتفاقية قبل عام 2005 بكثير . الشعب المصري كان يخسر ما مقداره اربعة مليارات دولار سنويا نتيجة رخص الغاز المباع للكيان الصهوني اضافة الى ان مصر كانت تبتاع الغاز الطبيعي بسعر يزيد نحو عشرة اضعاف عن سعر غازها المورد للكيان الاحتلالي الصهيوني .‏

الشعب العربي في مصر ما يزال يعتبر الكيان الصهيوني عدوه الاول . والتطبيع بعد نحو خمسة وثلاثين عاما لم ينجح الا بنسبة 2% وفي القطاع السياحي فقط . اما غالبية المصريين الساحقة فلم تتغير صورة العدو الصهيوني في اذهانهم على الاطلاق.‏

اذا كانت الاسباب وراء الغاء اتفاقية الغاز تجارية – وهو امر كنا نتمنى الايكون بل كان المواطن العربي يتمنى لو ان القرار كان سياسيا بمعنى رفض اتفاقية كامب ديفيد وما نتج عنها من اخراج مصر العربية من ساحة الصراع العربي الصهيوني .كنا نتوقع ان تكون ( ثورة 25 يناير ) التعبير الطبيعي عن طموحات وامال واحلام المواطنين العرب في مصر وفي غير مصر – بمعنى ان تعود مصر الى حضنها العربي وان يعود العرب اكثر قوة ومنعة بعودة مصرهم اليهم . لكن ماحدث كان مخيبا لكل الآمال المعقودة على التغيير ( الراديكالي ) في مصر كما يقال .‏

الحقيقة ان مصر كانت تمنح العدو الصهيوني – بتوريد الغاز اليه – اوراق قوة اقتصاديا وعسكريا وسياسيا في وقت واحد . وان العودة الى عقد اتفاقية تجارية جديدة ترفع بموجبها اسعار الغاز المصري الى الكيان الصهيوني لايغير من حقيقة ان مصر تقدم للعدو الصهيوني احد اسباب قوته العسكرية والاقتصادية والسياسية . والسياسية هنا تعني ان مصر مازالت متمسكة باتفاقية كامب ديفيد التي كانت السبب الرئيس في انهيار منظومة الدفاع العربي في وجه المخططات العدوانية الصهيونية. ولقد كشف الحدث عن مدى كراهية الصهاينة للعرب عموما ولمصر خصوصا حيث بدأت على الفور تدق طبول الحرب في تل ابيب وتصدر التصريحات النارية حيال مصر وجيشها وشعبها .‏

وعليه اذا كان من فائدة تذكر للقرار المصري فهو يتركز في اظهار الوجه العدواني السافر للكيان الصهيوني من جديد حيال مصر العربية وهو - أي القرار – اعاد اجواء ما قبل كامب ديفيد الى الظهور في اطار شعبي عربي عام ومصري خاص.‏

ولعل الدرس يستوعب هذه المرة لتقول مصر العربية كلمتها العربية فكم من اتفاقيات الغيت بين الدول ؟ وليست كامب ديفيد استثناء من هذه الحقيقة . ارادة شعب مصر عبر عنها الملايين من ابناء مصر العروبة وهم يطالبون بغلق سفارة العدو الصهيوني والغاء اتفاقية العار ( كامب ديفيد).‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية