تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الخصام مع المسميات

معاً على الطريق
الأثنين 30-4-2012
أنيسة عبود

أين هم الأصدقاء الذين يحفرون في أرض الحبر والبياض؟

أين هم.. وأين قهوتهم المشاغبة.. نختلف مرة..ونتعارك على معنى مرة أخرى.. أو نتجادل في رواية، أو موقف، أو نختصر الحوار ونذهب لنشرب القهوة على كورنيش البحر.. نحاور الموج.. وننم على الغائبين.. فهل الكتابة نوع من النميمة على الأحبة والأصدقاء والزمن الذي نهجوه كل حين؟‏

أريد أن أهجو هذا الزمن الرصاصي الذي غيبنا.. وأن أصرخ في وجه المدينة المغلقة على الحزن والدم..أين الأصدقاء؟ وأين اختفى الأحبة الذين لم نعد نلاقيهم عند منعطف مفاجئ، أو على طاولات رصيف غارق في الهدوء؟‏

من غيّر زماننا؟ ومن الذي أطلق الرصاص على مواعيدنا.‏

لماذا نسير غرباء مع أنفسنا؟ نتساءل في منعرجات هذا الوقت؟‏

ضيعنا الوقت.. وضيعنا الأصدقاء.. لا الهواتف ترن ولا الرسائل تصل.. من الذي سرق بريدنا.؟‏

كأنه صار من البديهي أن نتحدث عن الغياب والخوف والدم والتفجير وحرية السيوف.. فهل ستجلب لنا السيوف حرية مثل حرية بنغازي أم مثل حرية تونس والقاهرة؟‏

السيوف تقطع رأس الحرية وتهدم سور البلد الحصين.. الحرية لا تحتاج إلى كل هذه الدماء السورية الطاهرة..‏

..وهنا.. وعند كلمة سورية.. ينزّ الجرح.. ويحفر الحزن حفراً في القلب..هنا (حطّنا الجمّال) حيث ضاعت الجهات.. واختلطت الأوراق.. وبدأنا تسمية جديدة للأشياء حتى صرنا نتخاصم مع هذه الأسماء والجهات ونصوب الرصاص على من يرفض تسمياتنا.‏

ولأن الرصاص يصوب حتى على الكلام.. ضاعت حروفنا في مفترقات الدم.وضاع الأصدقاء الأدباء إذ لم تعد المهرجانات ولا الندوات تجمعنا.. ولم تعد الطرقات البعيدة تصل إلى بيوتنا. لقد انقطع الطريق بيني وبين مساءات الكتاب الذين كانوا يرمون ضحكاتهم على العتبات ويمضون لتمضي القصيدة إلى جهات جديدة باحثة عن قارئ لا تعرفه وهو لا يفهمها.‏

نعم.. كنا نلتقي.. أصدقاء وغير أصدقاء..منتمون وغير منتمين..نختلف ونتفق ونتخاصم في الـتأويل والتفسير، ولكن لم يكن خلافنا يتجاوز اختلافنا كحق إنساني.. فنحن لسنا نسخة كربون.., لا نحمل نفس الرؤيا.. لكن كنا دائما نحمل سورية في القلب. فهي التي تجمعنا دائما. لكن سورية الآن على رؤوس السكاكين..يقطعها الغرباء ليشرب دمها الأوغاد.. سورية الآن نسخة جديدة من الوجع العراقي الذي عايشناه وتألمنا له ورفضناه.‏

سورية الآن.. طائر جريح يقاوم ألمه كي يظل محلقاً في الأعالي.. لكن الرصاص الحاقد والهمجي ينهمر كما المطر فتنبت الأفكار السامة.. وتخضرّ الفتنة اليابسة.. ويشمخ رأس الأفعى الصهيونية لتشرب من دم الوطن.. والوطن غال وهواه قتّال.‏

ولأن هواء الوطن قتال.توجعنا هذه القبعات الزرقاء الحاقدة التي تتجول في همسنا وبوحنا وتلوث جراحنا.. أخرجوا القبعات الزرقاء من سورية فهي لم تدخل بلداً إلا وخربته.. يريدون الحقيقة؟؟ الحقيقة ظاهرة وواضحة.. الحقيقة أننا نذبح بسكاكين هذه القبعات الخبيثة.. لكن.نحن متجذرون في الأرض..باقون على عهد الانتماء لن نخترع أسماء جديدة.. ولن نضيف تأويلات نتخاصم عليها ومن أجلها.. فنحن سوريون.. كلنا للوطن وكلنا معارضون للفساد والخراب والقتل وللأفكار الهدامة والتكفيرية.. أما الذين يقطعون أوصال البلاد والعباد؟.. فهم العملاء المأجورون. الذين لا اسم لهم غير ذلك. ماذا نسمي الذي يتعامل مع الخارج ضد بلده؟ أما كنا نسميه عميلاً وخائناً.؟ ألا ترفض كل النواميس البشرية الاستقواء بأعداء البلد؟‏

نعم.. إنه عميل وخائن هذا الذي يطلب مساعدة الصهاينة ضد أبناء شعبه. وهو جبان وخائن من يطلب من مجلس الأمن (الصهيو أميركي) معاقبة بلاده لأنها لا تسمح له بتخريبها ونهبها. فإذا لم يكن هذا اسمه فأعطوني اسما آخر يليق بما تقترف يداه..‏

أما كذبة المعارضة..فهؤلاء ليسوا معارضة.. إنهم تجار.. المعارض يعارض من أجل وطن أكثر أمنا وقوة وتطوراً وسلاماً..؟؟ –هكذا كنا نعرف -.. لكن بعض مدعي المعارضة اليوم ممن تحولوا إلى نجوم مطاعم وفنادق وفضائيات وثروات طائلة، و لا يرعوون عن ذبح الجيش العربي السوري وذبح أهله وأبناء شعبه فأي اسم يليق به غير الخائن. نعم. إنه الخائن وليس المعارض الوطني. فلنقف في وجهه ونمنعه من هدم بلدنا الصابر الصامد.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية