تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أسواق تحكمها الأذواق

أسواق
الاحد 24/12/2006
أحمد العمار

تسوق الشركات عادة واحداً أو أكثر من السلع المادية الملموسة, والتي يمكن معاينتها كالأغذية والملابس وغيرها,

ثم الخدمات التي لا يمكن معاينتها مباشرة ولكن عبر نتائج الحصول عليها كخدمات الهاتف والكهرباء والتأمين.. وأخيراً الأفكار والمتمثلة ببيع فكرة كما هو الحال عند تقديم الاستشارات والدراسات والبحوث.‏

واختلاف هذه الأنشطة يستدعي بالضرورة اختلاف آلية بيعها وعرضها والترويج لها, وتتفاوت صعوبة ذلك, بحيث تكون السلع المادية هي الأسهل بيعاً ثم الخدمات والأفكار, والسبب في ذلك راجع إلى حقيقة بسيطة تتمثل في إمكانية عرض قطعة من الملابس للزبون, بحيث يعاين لونها وتصميمها وصناعتها, ما يساهم في اقتناعه بها, وبالتالي اتخاذ قرار شرائي نحوها. وفي مجال السلع المادية يمكننا التمييز بين سلعة استهلاكية يكون الطلب عليها شبه يومي ولا يلعب تصميمها دوراً مهماً في بيعها كالأطعمة والمشروبات مثلاً, وسلعة يكون الطلب عليها أكثر بطئاً, ولكن الشكل الجمالي لها هو أهم مزايا ترويجها, وبالتالي بيعها, ومن هذه السلع على سبيل المثال لا الحصر الملابس والمجوهرات والمفروشات, فقد تتساوى قطعتان من الذهب بالقيمة المادية والوزن والعيار, ولكن اختلاف التصميم بينهما يمكّن البائع من تصريف الكثير من القطع المتماشية مع الذائقة الجمالية للزبون والمتناغمة مع خطوط (الموضة), بينما يكسد التصميم الآخر أو يخفق في تحقيق مبيعات تذكر.‏

تصميم راقٍ‏

وإذا كان المزيج التسويقي - أي خلطة المنتج والسعر والترويج والتوزيع - لهذه السلع الجمالية يقوم على تقديم تصميم راق بسعر عال, فإن هذا يستدعي الوقوف مطولاً عند تحديد متى يكون التصميم راقياً والسعر عالياً, إذ كثيراً ما يكون المستهلك هنا ضحية لتغرير وتدليس وربما غش من قبل بعض الباعة الحاذقين, خصوصاً إذا راعينا أن أغلب مشتري هذه السلع هم من فئة أصحاب الدخول العالية, والتي تتصف بارتفاع القوة الشرائية لديها, ما يجعل الباعة يركزون على عدد محدد من هؤلاء الزبائن, لأنهم بمثابة الدجاجة التي تبيض ذهباً للمحال التي تبيع سلعاً جمالة وخصوصاً المجوهرات والملابس الراقية والمفروشات الوثيرة.‏

الزبونة (المدسمة)‏

يقول باسل, بائع مجوهرات, إن التصميم الراقي للقطعة يجلب الزبونة (الدسمة), أي التي لا تهتم بارتفاع سعر القطعة طالما أعجبتها حتى لو دفعت أضعاف سعرها الحقيقي, فالسؤال التقليدي الذي تسأله مثل هذه الزبونة: ما الجديد والمتميز لديكم, وكيف أستطيع أن ألبس قطعة لم يسبق أن لبستها إحدى صديقاتي? وهناك تكمن مهمة - يقول باسل - البائع الحصيف, الذي يحول هذا السؤال إلى قرار شراء بشكل مؤكد, ولابد بالطبع لإتمام عملية البيع من بعض العبارات التي تساهم في إقناع الزبونة حول جودة القطعة وتصميمها الفريد وغير ذلك.‏

النجوم والمشاهير..‏

يعتبر رائد - بائع ملابس جاهزة - أن ما تقدمه الفضائيات والمجلات من ملابس وإكسسوارات تخص هذا الفنان أو تلك الفنانة, يشكل عامل جذب للكثير من الشباب والشابات, الذين يلجؤون للتقليد والمحاكاة, فكثيراً ما تحضر لدينا فتاة وتطلب فستان نانسي عجرم وقميص روبي أو يحضر شاب ويطلب بدلة عاصي الحلاني أو عمر دياب, فالمسألة مسألة ذوق وتقليد في المقام الأول.‏

مبالغة لا أكثر..‏

ويجزم خالد, متسوق, أن الأسعار غالباً ما تكون محل مبالغة وتهويل, فالقطعة التي تشترى في الأسواق والمناطق الراقية جداً هي نفسها تباع في أماكن أخرى بنصف أو ربع السعر, والمشكلة ليست في الباعة, بل فيمن يشتري, وهنا يلعب الدخل والمستوى الاجتماعي دوراً محدداً ومؤثراً في عملية الشراء, وهذا أمر موجود في أغلب الأسواق على ما أعتقد.‏

وهكذا.. تتفاوت النظرة إلى مسألة البيع والشراء بتفاوت العديد من المعطيات والعوامل المحددة لذلك, فالقوة الشرائية وطبيعة التصميم وموقع المحل والموضة كلها تحدد من يشتري وماذا يشتري ومن أين يشتري, دون أن يقلل ذلك من أهمية تحكم الأذواق بالأسعار كما الأسواق وقبل هذا وبعد بما تحتويه الجيوب.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية