|
أسواق ففرد أصنافه الدوائية المتعددة وأخذ يتحدث عن محاسنها محاولاً إقناع الطبيب بتضمين ما لديه في وصفات المرضى.. وبعد أخذ ورد دفع له ببطاقة لحضور احتفال كبير تقيمه الشركة المصنعة في أضخم المطاعم الدمشقية لإطلاق صنف دوائي مضاد للالتهابات, وأعلمه أن الشركة تقدم جوائز قيمة للأطباء الذين يحضرون هذه المكرمة. فسأل الطبيب عن الجائزة فقال المندوب هي براد أو غسالة أوتوماتيك وربما جهاز ميكرويف وغير ذلك. هز الطبيب رأسه معلناً الموافقة لكن ابتسامة صفراء ارتسمت على وجهه فالدواء (المميز) يحمل سعراً خيالياً يصل لقرابة 1000 ليرة عندها فهمت سر هذا الترويج الكريم جداً.. وعرفت فيما بعد أن حفلات مشابهة تقام لصيادلة دمشق وهناك محفزات على نسب المبيعات تصل إلى حدود 30% وهناك عروض إضافية بمنح الصيدلاني عبوات مجانية على كل صندوق يشتريه من هذه الشركة. هنا أدركت أنني أمام سلعة حقيقية يحكمها منطق التسويق والترويج والأرباح واستغربت لماذا لا يصنعون دعايات وإعلانات تلفزيونية لهذا الدواء وغيره طالما أن المواطن المسكين هو الذي سيدفع التكاليف وسيدفع فواتير المطاعم الضخمة والهدايا والاحتفالات وغير ذلك? المهم أن هذا الموضوع قادني إلى تقصي المسألة بدافع شغف المهنة والفضول فعرفت ما تشيب له الولدان من تسابق شركات إنتاج الدواء في تقديم عروضها السخية جداً للأطباء والصيادلة.. والنسب التي يتقاضاها كل منهم على مبيعات هذا الصنف وغيره. وكيف ارتبط سعر الدواء المرتفع بفعاليته الطبية, وكيف يوزع الصيدلاني ظرف السيتامول مثل السكاكر.. ولماذا يتم حجب الدواء المصنع في تاميكو والقطاع العام رغم الاعتراف بفعاليته الكبيرة إضافة إلى المزيد من الأسرار التي تتحدث عن طرح أدوية في الأسواق على حساب الفعالية الطبية, عندها قلت أعان الله مراقبي وزارة الصحة, كيف بإمكانهم ضبط هذه المسألة, وهل سنستعين بالرقابة التموينية على عجزها? أم سنحرر أسعار الدواء المحلي..?! ونترك الحكم للسوق والعرض والطلب? فعرفت أن المسألة تتعلق بالمادة الفعالة القادمة من أوروبا و شرق آسيا وفارق الأسعار بين الحالتين.هنا سألت نفسي ماذا يفعل المواطن الفقير أمام ظروفه الصحية وتعرضه للمرض? مع قناعتي بالنجاحات المبهرة للدواء السوري التي مكنته من المنافسة ودخول الأسواق العربية والعالمية كمنافس جيد في السعر والفاعلية.أما أن يتحول الموضوع إلى تجارة بحتة فهنا المشكلة ونحن بانتظار الإجابات. |
|