تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


غازي الخالدي .. ومحطات من مرفأ الذاكرة

شؤون ثقا فية
الاحد 24/12/2006
ديب علي حسن

( فناننا غازي الخالدي , هو هذه الموهبة واللهب والأنامل المضيئة , إن شيئاً ما , عفوياً , حاراً محبباً يبرز من عينيه ويوشح جبينه ويسكن جسمه ..

مجد دمشق الذي قرأناه في القلوب والكتب قرأناه في لوحاتك أيضاً , فكأنك أيها الفنان الرائع ريشة وشخصاً, مسكون بهذه المدينة .. ألوانك ظلالك , دوائرك , تدرجاتك , بين الاصفر والذهبي, توشحات الغمام في اللون الابيض النقاء في الثلوج.. كل ذلك ينم عن حساسية فائقة القدرة على الالتقاط وكبيرة القدرة على الأداء ) .‏

بهذه الرؤية المقدرة للإبداع والمبدعين خاطبت د. نجاح العطار وزيرة الثقافة آنئذعام 1984 م غازي الخالدي ...‏

غازي الخالدي الذي عمل على نشر رسالة الجمال والابداع وتعددت مواهبه منذ طفولته وقد توقف هو بذاته عند أهم المحطات في حياته من خلال كتابه الجميل الذي أصدره عام 2004 م وحمل عنوان : ( عشرة عمر .. حكايات وخواطر من مرفأ الذاكرة ) .‏

وإذا كانت رحلة العمر الحافلة بكل ما هو إنساني وجميل لايمكن اختزالها بمحطات لكننا مضطرون أن نقف عند خطوط عريضة شكلت مجرى حياته وتحمل في الاعماق سر الإبداع ...‏

لوحتي والزمن ...‏

يروي الخالدي أنه عندما كان طفلاً صغيراً رسم لوحة صغيرة وعلقتها أمه على باب الغرفة وحين عاد الاب متعباً سأل ما هذا ? فأجابت الام إنها لوحة رسمها غازي .. وكان ذلك دافعاً .. وازداد الحماس حين قالت له أمه : إذا نجحت في هذه السنة سأقيم معرضاً لرسومك واعتبرت هذا وعداً منها .وبدأت أدرس وأجتهد رغم كسلي وعدم انسجامي مع مواد العلوم .. نجحت بأعجوبة وأمي وفت بوعدها ...‏

أول معرض ...‏

وكان لي أول معرض في بيتنا في حي الحريقة شارع ابن خلدون الطابق الثالث ,دعيت إليه الجيران والحارة , وطبعت على الآلة الكاتبة بطاقة الدعوة والتي أحتفظ بها. وقد مضى على ذلك المعرض أكثر من نصف قرن .. نعم افتتح في 16 /3/1950 م . وقد زار المعرض اثنان من كبار فناني سورية آنئذ محمود جلال , وصلاح الناشف .‏

في المعرض السنوي ...‏

سأله خاله ذات يوم : لماذا لاتشترك بالمعرض السنوي الذي ستقيمه وزارة المعارف في المتحف الوطني وهو أول معرض للفنانين السوريين قدم لوحة ( الليلك ) وقبلت .‏

على باب المتحف ...‏

ارتدى ( جاكيت ) أخيه الاكبر كما يروي ... لونه أبيض وأريد الدخول الى المعرض وأبرزت بطاقة الدعوة التي وصلتني بصفتي أحد المشاركين فطردني الآذن الذي كان ينظف المتحف , بقيت أنتظر في حديقة المتحف حتى صار موعد قدوم المدعوين وحشرت نفسي بين أرجلهم وكأنني ولد من أولادهم .. وكم تمنيت أن أسلم على الوزير وأنا أقف أمام لوحتي وكاميرات الصحافة تصورني صورة تذكارية والوزير يصافحني مهنئاً ولكن حشود المرافقة مع سيادته أبعدتني تماماً عن لوحتي , وعندما غادر الوزير المعرض أخذت دليل المعرض الذي وجدته ملقياً على الأرض تماماً .‏

بعد التخرج ...‏

درس الفن في مصر وبعد تخرجه في كلية الفنون الجميلة عام 1962 م بدرجة جيد جداً من قسم التصوير الزيتي , ( أول ما فكرت به هو أن أعيش حراً لفني ولوحاتي ومعارضي وطموحي بأن أدرس وأطور نفسي وثقافتي الفنية بالتحضير للدكتوراه وتقدمت الى مسابقة الدكتوراه بمنحة من وزارة التربية ونجحت بدرجة امتياز بالمقابلة , وكنا ثلاثة :الاول أنا والثاني هشام المعلم والثالث يوسف الايوبي , فشطب اسمي وسافر الاثنان الى لندن ونالا الدكتوراه .‏

بقيت حرقة في قلبي منذ ذلك التاريخ وحتى 3/5/1996 م حيث نلت الدكتوراه من نفس الاكاديمية الملكية الجميلة في لندن في علوم الفن‏

بين دفء القلوب ...‏

يقول الخالدي : تعودت أن أغادر مرسمي الى الاحياء القديمة في الشام كلما أردت أن أجدد نفسي وأعيد الى روحي فرحها وتفاؤلها والى أعصابي نشاطها وهدوءها .. أقف في الحارة بين دفء قلوب الناس أشعر بهم ويشعرون بي معجباً بعالمهم السحري الشرقي .. كثيراً ما أنسى أنني مع أم ( الود ) زوجتي التي ترافقني في كل مشاوير الفن , خاصة خارج المرسم وبين أحضان الطبيعة أنسى كل من حولي يقدمون لي الشاي فأغمس فرشاتي الملونة فيه على عادتي بأن أغمسها بفنجان زيت الكتان لا أستريح , ولاأجلس ولااتحدث مع أحد .. ولا أرد على تساؤلات الفضوليين إن وقفوا إلي جانبي وأنا أرسم .. وعندما أعود من رحلتي في الطبيعة وفي حارات الشام القديمة أدخل مرسمي وسعادتي لا يمكن تصورها وأذكر كلمة بلخانوف : إن أسعد لحظة يمكن أن يقدمها الفنان لنفسه هي مجرد انتهائه من عمل فني صنعه وهو راض عنه .‏

***‏

قالو في إبداعه:‏

* أعرفه جريئاً ....‏

سألوني مارأيك بغازي الخالدي ....الواقع أني أعرفه شاباً جريئاً متحمساً لكل مافي هذه الكلمة من معنى عرفته يريد أن يحمل هذي الدنيا على كفيه ,لا أقول إنه مثالي ولكن أقول إنه يقترب من الكمال كل سنة رويداً‏

محمد عزيز شكري 1954م‏

* طفل كبير ....‏

لقد أحببت فيك منذ أن عرفتك تلك الحيوية المدهشة والعفوية في السلوك ودوماً كان يخيل إلي بأنك لست سوى طفل كبير يحتفظ ببراءته رغم البيئة السوداء .‏

زكريا تامر 1957م‏

* فنان أصيل....‏

ملأتني سعادة غامرة ,وأنا أتأمل الصور الحلوة يعرضها الصديق الكريم عازي الخالدي ....عرفته فناناً أصيلاً يمور نشاطاً وحماسة وتتملكه الفرحة حين ينجز عملاً فنياً يحقق فكرته ويستجيب لرؤاه .‏

شاكراً الغمام 1974م‏

* فنان قومي ....‏

وأعمال عازي الخالدي تؤطرها رسالة تربوية قومية لعلها أجل مايبرر انتشار هذاالفن التعبيري وهي رسالة أساسية تحرر الفن من أية مجانية أو عبث وتجعله وسيلة تعليمية وقومية وحضارية .‏

عفيف بهنسي 1982م‏

* فنان كبير....‏

عزيزي غازي أن تنطلق دمشق القديمة من لوحاتك فهذا لايعود إلى التجربة والخبرة إلى الأصالة الشامية فقط , بل أيضاً إلى الروح الشعبية الرائعة التي تعيش في قلبك وأصابعك .‏

حنا مينة1982م‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية