|
|
فضائيات هي الاكثر تداولا في وسائل الاعلام ( الثورية) وتكاد تكون صنو كلمة الاشتراكية ومثالها الفاقع شعار احدى المجلات التحررية ( كل الحقيقة للجماهير) التي كانت تتصدر غلافها ( بالبنط العريض) في زمن السبعينيات والثمانينات الوردي, ومع تلاشي ( الحلم- الوهم) اضمحل الشعار ليصبح سطرا خجولا بالكاد تراه العين المجردة على المجلة الاسبوعية التي تأبطناها يوما كدليل عمل وكعلامة ( ثورية) شبيهة بقبعة غيفارا. بموازاة شعار المجلة كان صوت فايز قنديل يصدح مساء في برنامج اذاعة فلسطين من دمشق بفقرته اليومية ( الحقيقة أولا) وبفعل الزخم الاعلامي اليومي صرنا محاطين بالحقائق المطلقة التي أنتجها عقل تسليمي- ايماني وبالتالي ختمنا العلم وأصبحا قاب قوسين من الكمال. ما فعلناه أو ما فعلوه لنا في السنوات الاخيرة أن البندقية نفسها انتقلت من الكتف اليسار إلى الكتف اليمين واستبدلنا اللحية الفوضوية وبنطال الجينز باللحية الممسدة مع الجلابية والصندل.. ولكن الاخيرين محظوظون أكثر من الاولين فبعد الانهيار الكبير الذي أصاب الصروح الايديولوجية مع نهاية عقد التسعينات من القرن الماضي اخترعت البشرية البث الفضائي, هذا الاختراع الشبيه باختراع الالة البخارية في القرن الثامن عشر تلقفه الايديولوجيون الجدد ( كضالة المؤمن) فتكاثرت الفضائيات الارشادية والتوجيهية والنصحية ( الكوثر- الرسالة- اقرأ- الانوار..) وأصبح المشاهد من جديد تلميذا في ( الكتاب) عليه الطاعة وتنفيذ تعاليم شيخ الكتاب التلفزيوني الذي يوشي تعاليمه ومحاضراته بالتهديد والوعيد وبالويل والثبور وعظائم الامور ان سولت للمشاهد نفسه بتجاهل شيخ الكتاب المودرن أو أبو العقال والشماخ. والمثال الاوضح والابرز لقنوات الوعظ والارشاد قناة الحقيقة المختصة بالامراض العضال وبالكائنات تحت الارضية ( النارية) فالمحطات الفضائية شبيهة بالمشافي أو بالاطباء لكل منها اختصاص محدد فهناك محطات للتداوي بالاعشاب وللساونا ومريم نور والتنحيف و(الستربتيز) وقراءة الكف والابراج.. السيد الهاشمي صاحب الحقيقة اختص في قناته بشفاء الامراض المستعصية على الطب الحديث (الشقيقة والصرع والسرطان والقلب وربما الايدز..) وصفات الهاشمي السحرية دواء لكل داء, وهي سهلة بسيطة في متناول الجميع بضع جمل تكررها عشرات المرات كتعويذة كافية للقضاء المبرم على أعتى فايروس خاصة وأن أغلب الفيروسات من الكائنات الكافرة (الحقيقة). الهاشمية قادرة على(شفاء الامراض فما عليك أخي المشاهد الا متابعة عشرات الامثلة من المرضى الميؤوس من شفائهم وهم يتحدثون عن القدرة الاستثنائية لوصفات الهاشمي التي أعادت لهم الصحة والحياة وهم على فراش الموت. ولا يكتفي الهاشمي بملاحقة أمراض الجسد بل يمتد سلطانه إلى أمراض النفس فهو يشفيك من القلق والاضطراب والشقيقة والهلوسة.. كما يطهر البيوت من الجان والعفاريت والشياطين فقط احفظ رقيته ورددها وأنت داخل الى بيتك لتختفي الكائنات النارية في الارض السابعة.. ومشفى السيد الهاشمي الفضائي يفتح أبوابه على مدار الساعة بالمجان لمرضاه ( المؤمنين) وزيارة مشفاه لا تكلف المريض الا ( كبسة زر) الريموت كونترول على قناة الحقيقة أو الاتصال بالرقم الظاهر على الشاشة أو الدخول إلى موقع الحقيقة الالكتروني للتجول على هواك في الموقع باحثا عن دواء يشفيك من مرضك. ونظرا لنجاح ( القناة) في معالجة كافة الامراض المستعصية ندعو جميع الحكومات بما فيها الغربية (مخترعة البث الفضائي) إلى اغلاق كافة المشافي والمراكز الصحية وبالتالي الغاء وزارات الصحة لانتفاء الحاجة اليها بعد اليوم فالحقيقة هي الحقيقة الحقيقية الوحيدة على هذه الأرض. طبعا ولا مانع من الغاء المدارس والجامعات لانها تحارب الشياطين والعفاريت الساكنة في الرؤوس (فالحقيقة) كفيلة بمحاربة كل الكائنات المجهرية والخفية المعادية للانسان وبأقل التكاليف فيا أيها المشاهد ثبت لاقطك على قمر الحقيقة وتمتع بحياة أبدية مع فضائية الهاشمية.!! |
|
