تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


التحدي المزدوج للاتحاد الأوروبي

لوموند
ترجمة
الاحد 24/12/2006
ترجمة مها محمد

يشارف العام 2006 على الانتهاء وتبقى العلاقات شائكة بين الاتحاد الأوروبي

وجاريه الكبيرين روسيا وتركيا, فمع روسيا يسعى الاتحاد لعقد اتفاق شراكة حول موضوع الطاقة التي ستفسح له المجال بفتح أسواقه لكنه يتعثر برفضها التصديق على هذه الاتفاقية لأسباب عديدة, ومع تركيا فإنه يبذل ما بوسعه لإنجاز مفاوضات مثمرة بشأن الانضمام التركي إلى الاتحاد لكنه يتعثر بجملة من العراقيل.‏

والسبب هو أن الأوروبيين هم من عرقل هذا الانضمام بالشروط الصعبة التي فرضوها كالقضية القبرصية ومذابح الأرمن, فمن حججهم أن تركيا ما تزال تغلق موانئها ومطاراتها في وجه الملاحة القبرصية رغم أن البروتوكول يقضي ببسط الاتحاد الجمركي على الاعضاء العشر الجدد.‏

إن هذا التحدي المضاعف يضع مصداقية الاتحاد الأوروبي على المحك فالاتحاد يريد استخدام نفوذه في تقوية علاقاته مع هاتين القوتين الشرقيتين دون التخلي عن متطلباته بل التأكيد علىها والدفاع عن مصالحه.‏

على أي حال وإن اختلفت الطرق الهدف واحد: فإحداهما فقط مدعوة للدخول إلى الاتحاد أما الأخرى فلا, المهم هو إيجاد أكبر مساحة من الاستقرار على طول الحدود الشرقية لأوروبا وذلك تفادياً لأي نزاع مستقبلي, وفي دراسة أجراها شارل غرانت مدير مركز أبحاث بريطاني حول هذا الموضوع يقول: إن كلاً من الدولتين لها ثقلها في أوروبا وآسيا عاصمتاهما الثقافيتان (سان بطرسبورغ واستانبول) تميلان نحو الغرب في حين عاصمتاهما السياسيتان (موسكو وأنقرة) تتجهان إلى الداخل وكلتا الدولتين تنحدران من امبراطوريتين كبيرتين عريقتين وتضم الكثير من القوميات.‏

واليوم بعد التفكك الذي اصابهما لا يزال كل من البلدين حريصاً على القومية وعلى المركزية, أما الهوية الأوروبية التي لم تتضح بعد هناك بعض الجهات الحداثوية تدافع عنها بينما ترفضها الأوساط التقليدية حتى السياسيون الأتراك الذين كانوا مع فكرة الانضمام إلي الاتحاد الأوروبي تراهم اليوم يعارضون لأنهم يجدون في ذلك تخلياً عن هويتهم ومساً بعراقة الشعب التركي وغيرها من العراقيل التي يضعها الاتحاد الأوروبي.‏

وعلى هذا فالاتحاد مرتبك بانقسام اعضائه والتجاذب بين صرامة البعض وتساهل البعض الآخر فاسبانيا أعلنت دعمها لتركيا واعتبرتها دولة مساهمة في (استقرار الشرق الأوسط) بينما لا تزال كل من المانيا وفرنسا والنمسا تعارض الانضمام مكتفية بما يسمى (شراكة).‏

لكن وإن اختلفت دول الاتحاد حول هذا الموضوع فالأرجح ألا يصل الأمر إلى حد الانقسام, مع أن الكل يعتبر أن هاتين الدولتين لن تكونا شريكين مريحين وقد يسببان صعوبات للاتحاد بتمسكهما بمواقف يعتبرها الاتحاد صعبة لا بل استفزازية طبعاً لأن تركيا ترفض محاولة ابتزازها بسبب القضية القبرصية أو مذابح الأرمن ثم إن الاتراك لن يرضوا بجرح كبريائهم والتعرض لعراقة دولتهم لقاء هذه العضوية, وأقل ما يمكن قوله هو أن أياً من الدولتين لن تتساهل في هذا الموضوع ولن تقدم تنازلات, علماً أن العلاقات بين البلدين لم تكن على خير ما يرام لكن ثمة وفاق تم بينهما بهدف التصدي لهذا المشروع ويتزامن هذا التقارب مع تصاعد الشعور بالعداء لأوروبا والذي لا يشجع إلى إعادة الحوار.‏

إذاً على الاتحاد الأوروبي أن يبحث عن السبل لإعادة الثقة مع جيرانه لأن أياً من الجارين لا يبدو الآن مستعداً للتحرك أو التجاذب فتركيا لن تتخلي عن قبرص وروسيا ستبقي مشاكسة في موضوع الطاقة.‏

إذاً يحتاج الأوروبيون لمزيد من المهارة للخروج من المأزق, ولحين أن تتحقق (أولاً تتحقق) عضوية تركيا فإن الاتحاد الأوروبي يحاول المساهمة في إقامة سلام وتعاون مع أنحاء العالم الاسلامي.‏

وبما أن لموسكو وأنقرة دوراً كبيراً في تنفيذ هذا الهدف فمن المفترض أن تنضم روسيا وتركيا إلى السياسة الأوروبية‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية