تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ما بعد قمة موسكو

إضاءات
الأثنين 26-10-2015
د.خلف علي المفتاح

وقائع الميدان والنجاحات المتلاحقة التي يحققها أبطال الجيش العربي السوري والمقاومة الشعبية هي من سيعجل في الانتصار وتحقيق الحل السياسي للأزمة التي أضحت أزمة دولية لها تداعياتها وآثارها على كامل المنطقة والكثير من دول العالم

وما الحديث عن حل سياسي في ظل الإرهاب الذي ينتشر كالنار في الهشيم إلا وهم وسراب وابتعاد عن الواقع ومحاولة يائسة لفرض وقائع ميدانية تصب في خدمة معسكر العدوان على الشعب السوري وشعوب المنطقة على وجه العموم.‏

لقد كان للحل السياسي أكثر من فرصة كي يتحقق وذلك بانفتاح الحكومة السورية وتعاونها مع كل الجهود التي بذلت في هذا الاتجاه ومنذ بداية الاحداث التي وقعت وشهدتها الجغرافية السورية ولكن الواضح للجميع أن إنهاء ملف الأزمة لم يكن هو المطلوب لدى القوى الخارجية ومن معها من المعارضة لأن الهدف كان إسقاط النظام السياسي في سورية وتدمير مقدراتها العسكرية والاقتصادية وإخراجها بشكل كامل من المعادلة الاستراتيجية في المنطقة خدمة للكيان الصهيوني والمشاريع الغربية التي تستهدف المنطقة.‏

لقد كانت الحكومة السورية وما زالت تدعو للحل السياسي وتسعى إليه بإرادة صادقة انطلاقاً من حرصها على أمن سورية واستقرارها والحفاظ على مقدراتها وكرامة أبنائها وقامت بإجراء إصلاحات بنيوية شملت جميع مناحي الحياة السياسية والاقتصادية بما في ذلك إقرار دستور جديد للبلاد وقانون أحزاب وإعلام وتوسيع دائرة المشترك السياسي في قيادة البلاد وكان كل ذلك يواجه بمزيد من الإصرار على رفض أي حوار سياسي سوري - سوري والدفع بالعسكرة والإيغال في مستنقع الدم وجلب آلاف الإرهابيين إلى الساحة السورية ليمارسوا كل أنواع الاجرام بحق الشعب السوري وممتلكاته.‏

لقد اعتقد أعداء الشعب السوري أنهم قاب قوسين أو أدنى من تحقيق أهدافهم وأن النظام السياسي السوري ومرتكزاته ساقط لا محالة واستخدموا آلة إعلامية جبارة لتحقيق أهدافهم حيث عملت على تضليل الرأي العام العالمي بحقيقة ما يجري ومحاولة تشويه صورة النظام السياسي وشيطنته وتشكيل انطباع سلبي عن كل ما تحقق من إنجازات طيلة خمسة عقود ونيف من عمر ثورة آذار المجيدة ومع ذلك كله واجه الشعب السوري بأكثريته هذا العدوان الشرس معتمداً على ذاته من خلال قواته المسلحة الباسلة وقيادته الحكيمة والشجاعة ممثلة بسيادة الرئيس بشار الأسد الذي استطاع أن يواجه هذا العدوان غير المسبوق بصبر وأناة وشجاعة وثبات وحكمة قل نظيرها ما مكن الشعب السوري من وقف هذا العدوان عند حدود معينة ولي ذراع الإرهاب وكسر عموده الفقري والإبقاء على الدولة السورية متماسكة وقوية وحاضرة في كل ميدان لا بل إنها أضحت الرقم الأصعب ليس في المعادلات الداخلية وإنما في الإقليمية والدولية ولعل ما تشهده الساحة الدولية راهناً هو الدليل الحي والعملي على ذلك.‏

إن الشراكة السورية في الحرب على الإرهاب وما حققته من نتائج باهرة في الميدان وما ستحققه من نتائج مستقبلية بعد الزيارة التاريخية للسيد الرئيس بشار الأسد إلى موسكو ستعجل في القضاء على الإرهاب وبالتالي الوصول إلى الحل السياسي الذي يلبي طموحات الشعب السوري ورغباته لا طموحات ورغبات القوى الخارجية وأدواتها وهو ما لن يكون باعتقادنا بعيد المنال بحكم معطيات الميدان والمناخ الدولي الذي بدا أكثر واقعية في مقاربته للأزمة وسبل حلها والوصول إلى بر الأمان ما يعني أن الاوضاع والمعطيات ما قبل قمة موسكو ليست كما بعدها.‏

khalaf.almuftah@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية