|
على الملأ الذي كان من المفترض أن نرى ونسمع محاولات أصحاب محطات الوقود من أجل تخفيف الأزمة، ولكن المشهد فعلاً لم يكن كذلك، فكلما تفاقمت هذه الأزمة، كلما عمّت السعادة أصحاب المحطات، فأزمة الوقود توفّر لهم البيئة الخصبة من أجل فسادٍ واسع الطيف، حيث تُلغى التسعيرة، ويرفعون ثمن الوقود كيفياً، عدا عن الرشاوى المتفق عليها عبر البوابات الخلفية للمحطات..! كما ازدادت نسبة المخاطر في التنقل على الطرقات بسبب الأحداث المؤسفة الجارية في سورية، غير أن هذه النسبة بالغ فيها أصحاب سيارات التنقّل والشحن وابتعدوا عن المنطق والموضوعية، فكان يكفي أن ترتفع أجور النقل بمثل هذه الظروف خمسة أضعاف .. أو ستة.. أو سبعة، أمّا أن ترتفع أحياناً عشرين أو خمس وعشرين مرّة .. فهذا غير معقول إطلاقاً مهما تكن هذه المخاطر..! فالسيارة التي كانت تشحن نقلتها – قبل الأحداث – من محافظة إلى أخرى بثلاثة آلاف ليرة، صارت اليوم لاتقل عن 75 ألف ليرة .. وبصعوبة أيضاً ..! والقصة هكذا لم تعد حكاية مخاطر أكثر مما هي استغلال للأوضاع وحالة من التمادي بالانتهازية البشعة وغير المسؤولة. أمام هذه المعطيات الواقعية والمؤسفة بشأن ما آل إليه وضع النقل، التي انعكست على مستوى معيشة الناس، وساهمت بانخفاضه إلى حدٍّ كبير لتزداد مظاهر البؤس والفقر أكثر، وليعيشها الناس فعلاً أكثر وأكثر، دعونا من الأسواق ولهيب أسعارها التي فاقت بقوتها كل دعاة الرقابة التموينية، ودعونا من سعر الصرف ونقص الإنتاج، وتعالوا نُركّز الجهود الصادقة والمخلصة فقط حول معالجة شؤون النقل وكبح جماح وشذوذ هذا القطاع، لأننا لو عالجنا وضعه بكل إصرار لاستطعنا أن نُحسّن أحوال السوق وأحوال الناس بشكلٍ عام وتلقائياً، ومن ضمن هذه المعالجة يمكن – مثلاً – تخفيض أسعار الوقود، أو على الأقل إلزام أصحاب المحطات ببيع الوقود بالسعر المحدد، ولا سيما بالنسبة للمازوت الذي يشكل الوقود الأهم في نقل البضائع والسلع، ونقل الناس أيضاً، وارتفاع سعره بهذا الشكل سينعكس بشكل طبيعي على ارتفاع أسعار السلع في الأسواق. ومن ضمن المعالجة أيضاً إيجاد طريقة محكمة تضع أصحاب الشاحنات والسيارات عند حدّهم، وتمنعهم من فرض مثل هذه الأجور اللا معقولة، وليس من الخطأ أن يُحسب حساب المخاطر، ولكن ليس هكذا بالتأكيد. أوجاع النقل هذه توجعنا .. فمن يسمع الأنين ..؟! |
|