|
سينما وبعدأن كان قد حضره من حضره ورآه من يهتم بمشاهدته، وهذا يفسر إعراض الجمهور عنه حيث لايتجاوز عدد الحضور في اليوم عدد أصابع اليد، في حين غصت دار الأوبرا بالحضور عند عرضه الافتتاحي في مهرجان دمشق الرابع عشر عام 2005، وقد منحه المهرجان الجائزة الثالثة.
يحمل فيلم (علاقات عامة) توقيع المخرج سمير ذكرى من الجيل الثاني في المؤسسة العامة للسينما، ويشكل الفيلم التجربة الرابعة لذكرى خلال ثلاثين عاماً إضافة إلى بضعة أفلام وثائقية، وحسب (علاقات عامة) وماسبقه يبدو أن ذكرى لايزال في طور التجريب والبحث- ليس في الموضوع وحسب، بل في أسلوب السرد والتعاطي مع موضوعه، ولايزال يقتبس مواضيعه من هنا وهناك. ففيلمه الأول (حادثة النصف متر) 1980 عن رواية بذات العنوان للكاتب المصري (صبري موسى) والتي كانت قد تحولت إلى فيلم مصري، والثاني (وقائع العام المقبل) 1985، عن سيناريو كتبه بنفسه حول حكاية فانتازية عن شاب موسيقي، والثالث (تراب الغرباء) 1995، عن رواية (تراب الغرباء) التي تتضمن رؤية أحادية عن الكواكبي. أما الفيلم موضوع حديثنا (علاقات عامة) فيذكرنا بالسينما التجارية المصرية التي عفا عليها الزمن، ويبدو أن ذكرى عاوده الحنين إليها، لكن هذا الحنين وقع في مأزق التقليد والتكرار، ويمكن أن نحيله إلى عدة أفلام مصرية.
الفيلم باختصار رجلان وامرأة ضمن الثلاثية التقليدية الزوج والزوجة والعشيق.. زوج صاحب أموال، ذئب بصورة إنسان وعشيق يبدو أبله لكنه في النهاية يتضح أنه أذكى من الثعلب، أما الزوجة النعجة فتحاول أن تلعب بين ذئب وثعلب، فلاينالها منهما سوى النهش والفتك، بحيث تصبح في النهاية كغراب نعق فوق عشه. لنلاحظ أوجه الشبه بين بداية فيلم (علاقات عامة) وبين بداية فيلم (موعد غرام)، هنا فارس الحلو يلتقي سلافة معمار وهناك عبد الحليم يلتقي مصادفة فاتن حمامة.. هذه واحدة. وبعد تتبع الخيوط الدرامية نكتشف بعض أوجه الشبه مع فيلم (دمي ودموعي وابتسامتي)، ولنلاحظ وجه الشبه بين الشخصية التي أدتها نجلاء فتحي، وشخصية سلافة في (علاقات عامة) وكذلك بين كمال الشناوي وسلوم حداد، والتقاطع بين حسين فهمي وفارس الحلو، مع الأخذ بعين الاعتبار بين صياغة الفيلم المصري وحبكته المشوقة وبين تفكك الفيلم السوري وبنيته الضعيفة. لانريد أن نقسو كثيراً على فيلمنا، لكن بماذا يفسر المخرج أن يستخدم (أفيهات) الفيلم المصري في فيلمه.. لننظر مثلاً في لقطات تركيز الكاميرا على سلافة معمار بشكل مماثل لما كان يفعل حسن الإمام مع بطلات أفلامه. وأكثر من ذلك ذكرى إلى السينما الفرنسية في مشاهد تقبيل العشيق لقدم حبيبته- كما يدعي- والتي نحيلها إلى الفيلم الفرنسي (ركبة كلير). ماذا يبقى إذاً من خصوصية (علاقات عامة)؟!!. ما بقي هو اقتحام المحرمات التقليدية.. الجنس.. الدين.. السياسة.. وحيث إنه في الجنس لم يخرج عن (افيهات) السينما المصرية والفرنسية، فإنه عندما تناول القيم الروحية اتبع الأساليب التهكمية الساخرة، فكانت النتيجة انتزاع الفكرة من أهميتها بحيث بدت كفقاعة صابون، ليس لها أي أثر. وتبقى مشكلة سمير ذكرى في اختيار أبطاله.. وإذا صرفنا النظر عن سلوم وسلافة، نستطيع القول: إنه لم يكن موفقاً في اختيار فارس الحلو لدور العشيق الذي تقع الدليلة السياحية في غرامه مع الإشارة إلى أن فارس ممثل كبير يمكن أن أقبله امبراطوراً أو غيلاناً لكن لايصلح لدور الشاب العشيق في مثل الحبكة القصصية الموجودة في (علاقات عامة). ومشكلة اختيار الشخصية المناسبة ليست جديدة عند ذكرى فقد سبق أن وقع بذات المطب مع اختيار عبد الفتاح المزين لحادثة النصف متر ونجاح سفكوني لوقائع العام المقبل. لقد هبط سمير ذكرى في (علاقات عامة) من حيث أراد أن يرتفع، أراد أن يضمن فيلمه أفكاراً ورؤى كثيرة، لكن الطريقة الفوضوية في رسم الشخصيات وتشتت البنية الدرامية وتأرجح الحبكة وعدم توازنها أدت إلى نتيجة معاكسة، فبدا الفيلم أقرب إلى لوحات ساخرة تنتمي إلى مسرح الشوك أكثر مما تنتمي إلى فيلم سينمائي حقيقي. |
|