|
إضاءات حيث انطلق منه قاتل إسحاق رابين الذي اعتبره الصهاينة خارجاً عن مبادئ العنصرية الصهيونية بقبوله التفاوض مع الفلسطينيين والدخول في مفاوضات سلام مع العرب. لقد تحدث رئيس وزراء الكيان الصهيوني عن الفلسطينيين ودولتهم وكأنهم شعب تحت الإقامة الجبرية أو لاجئون سياسيون يقبعون تحت رحمته وهذا يعكس طبيعة نظرة قادة الكيان للشعب الفلسطيني ورفضهم الاعتراف بحقه في إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة، ولعل المفارقة العجيبة التي تعكس حجم المأساة العربية، والوضع السياسي العربي هو ذلك التحول في الخطابين العربي والصهيوني في النظر إلى قضية الصراع عبر عقود ستة, فمن رفض قاطع للكيان ولاءات عربية في حالات الضعف العسكري وزمن النكسات إلى مبادرات سلام وقبول بالكيان في وقت أصبح العرب فيه أكثر قوة وتأثيرا، بل استطاعت المقاومة الوطنية اللبنانية على محدودية قوتها العسكرية إلحاق هزيمة تاريخية به تعكس حقيقته الهشة ومحدودية قدرته على المواجهة الطويلة. لقد كان حلم قادة الكيان منذ استزراعه في فلسطين المحتلة هو أن يتحول من واقع فرض بالقوة إلى حقيقة يقبل بها العرب، وهو الأمر الذي لم ولن يتحقق على الرغم من كل الاتفاقيات التي وقعت، ولعل الورقة الأقوى في صراعنا مع الكيان العنصري هي عدم الاعتراف به وهذا ما فرط فيه بعض العرب، ما جعله يمعن في رفضه الاعتراف بالحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني ويتحدث قادته عن الفلسطينيين أصحاب الأرض وكأنهم هنود حمر يجب إبادتهم واقتلاعهم من جذورهم. إن خطاب نتنياهو يشكل رسالة حرب للعرب والأمريكيين ولكل من يعنيهم الأمر، وقبل ذلك كله للإسرائيليين أنفسهم الذين اختاروا الأكثر تطرفاً بين قادتهم وأحزابهم ليكون عنوانهم السياسي، في وقت ارتفعت فيه وتيرة الحديث عن السلام مع الإدارة الأمريكية الجديدة التي حاولت أن تقدم مقاربة جديدة في إطار تعاطيها مع قضايا المنطقة ومن بينها عملية السلام التي وضعها الصهاينة في غرفة الإنعاش أو الموت الاكلينكي كما هو حال شارون الأب الروحي لنتنياهو. لقد شكلت المراهنة على موقف الإدارة الأمريكية الجديدة واعتقاد بعض القادة العرب بجدية الكيان الصهيوني ورغبته في السلام جانباً مهماً, من الحراك السياسي العربي وهذا يعكس ضعف الفعالية السياسية العربية ومحدودية تأثيرها في عملية الصراع لأنها أهملت جانباً أساسياً من جوانبه وهو استمرار الفعل المقاوم وهذا ما حذر منه السيد الرئيس بشار الأسد في قمة الدوحة «قمة غزة الطارئة» التي عقدت إبان العدوان الصهيوني على غزة عندما دعا إلى سحب المبادرة العربية للسلام وإخراجها من التداول السياسي لإجبار الكيان الصهيوني على الانصياع إلى متطلبات عملية السلام. إن المتابع لأصداء خطاب نتنياهو في الشارع الصهيوني يدرك تمام الإدراك أنه تحدث بلسانهم وعقولهم وقلوبهم جميعاً وكان منسجماً مع نفسه ونفسية المجتمع الصهيوني المؤسس على القتل المنهجي المؤدلج والرافض كلياً لحقوق الشعب الفلسطيني في العيش على أرضه وإقامة دولته المستقلة. ولعل السؤال الذي يطرح نفسه أمام مندرجات خطاب نتنياهو هو ما الموقف المطلوب عربياً ودولياً في مواجهته؟ وهنا لابد من العودة إلى خطاب السيد الرئيس في قمة الدوحة عندما قال: «ما يتغير في إسرائيل هو المظهر أما المضمون فهو نفسه لأن يمينهم كيسارهم كوسطهم جميعهم يتنافسون على أراضي العرب وأرواحهم ودمائهم، لذلك علينا ألا نعتمد على الآخرين ولا أن نبني على مواقفهم، بل يجب الاعتماد على قوتنا الذاتية ورغبتنا في السلام يجب أن تكون الدافع لنا لدعم المقاومة لأن دعمها هو واجب وطني وقومي وأخلاقي وهي خيارنا الوحيد في غياب الخيارات الأخرى». |
|