تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


رهاب المدرسة ... بين ذكريات الطفولة وحنين المقاعد

مجتمع
الثلاثاء 11-9-2012
رويدة سليمان

كل واحد منا يذكر، عندما يعود بذاكرته إلى طفولته الأولى يذكر مشاعر الخوف من المدرسة ورهبتها ، هذه المشاعر قد تصل إلى درجة الخوف المرضي ، الرّهاب من المدرسة.

يقول العلامة البسيكاتري بوصفه للمدرسة «كمؤسسة تربوية ذات أهمية خاصة نظراً لأنها تحدد دور السلطة التي تعزز القلق عند الطفل فالمدرسة بهذا المعنى تهيىء الأسباب والمناخات لرّهاب المدرسة.‏

وفي تقرير حول جلسات التشاور مع يافعين في سورية أظهر النقاش إن علاقة اليافعين بمدرستهم كان يشوبها الخوف وعن مبررات الخوف هذا تحدث اليافعون عن «نفاد صبر المدرسين ، وعدم قدرتهم على الاحتمال فهم يصرخون في وجهك حتى لو قدمت الجواب الصحيح ويهزؤون من مقترحاتك ويستخدمون كلمات تؤذي مشاعرك..‏

وسلط بعضهم الضوء على مشكلة التفضيل والتمييز فالمدرس يفضل الطالب الشاطر وبعض المدرسين يفضلون دائماً أبناء زملائهم المدرسين وأبناء العائلات التي تتمتع بالنفوذ ونتيجة النقاشات التي دارت بين اليافعين تبين الأثر الذي تتركه هذه المعاملة على الطالب فهي تقضي على ثقته بنفسه وتزرع الخوف الشديد والكراهية للمدرس والمدرسة .‏

وبالنسبة للبيئة المدرسية يرى بعض اليافعين أن الأسوار المحيطة غير ملائمة نفسياً « فهي تجعلنا نشعر وكأننا في سجن كما أن المباني ودورات المياه على وجه الخصوص لاتتم صيانتها وهي دائماً قذرة».‏

أما عن آلية التواصل بين الأهل والمدرسة أكد اليافعون أن التواصل أداة تهديد وعقاب للطالب حين يستاء الطرفان من وضع الطالب فيتلقى عقابه مرتين مرة في المدرسة ومرة في المنزل.‏

الذكور أكثر خوفاً‏

اذا استمر الخوف المرضي من المدرسة مترافقاً بمشكلات سلوكية ونفسية فإن ذلك يتطلب تدخل المعالج النفسي أو السلوكي ، يعرّف الطبيب النفسي رمضان محفوري رّهاب المدرسة إلى المدرسة وهو أمر شائع وقديمربه الطفل في أي وقت خلال حياته الدراسية وهو حالة قلق من الذهاب إلى المدرسة وهي غالباً ماتكون من المدرسة وانتشارها بنسبة 1-3٪والذكور أكثر خوفاً.‏

وعن أسباب هذه الحالة المرضية يقول محفوري: عند أول ذهاب للمدرسة بسبب تعلقه بوالديه وبالمنزل، وعند العودة إلى المدرسة بعد عطلة أو بعد مرض طويل، بسبب الخوف من تبديل المدرس أو الرفقاء، وقد يكون الخوف من المدرس نفسه بسبب طريقة تعامله مع الطلاب أو سخرية الزملاء من الطفل الخوّاف بسبب مثلاً وزنه الزائد أو كسله أو...‏

وكذلك الأمر عند تغيير المدرسة إلى مدرسة أخرى ، أو وجود حالة مرضية (اضطربات التعلم) أو‏

( فرط الحركة) عند الطفل الخوّاف، أما الأسباب التي تخص الأسرة فتعود إلى ولادة طفل جديد أو وجود شخص مريض جداً أو وهو السبب الأهم وجود مشاكل عائلية ، وخلافات زوجية .‏

ويلخص محفوري أعراض هذا الخوف المرضي بألم بطني - صداع- غثيان - ادعاء الشعور بالتعب - تسرع نبضات القلب - التبول بكثرة - البكاء، نوب من الخوف والذعر عند المراهقين وهكذا..‏

للأهل دور أيضاً‏

مجموعة من التوصيات يتوجه بها الطبيب النفسي رمضان محفوري إلى الآباء والمعلمين والمهتمين بشؤون الطفل: يجب على الأهل إكساب أطفالهم مفاهيم إيجابية تجاه المعلم والمدرسة وكذلك عليهم معرفة قدرة وإمكانية أبنائهم وعدم مقارنتهم وبالمقابل ينبغي على الوالدين أن يكونا حازمين في قرارهما بشأن انتظام طفلهما في المدرسة وأكثر مايؤذي الطفل ويفقده ثقته بمن حوله هو شجار الزوجين ( الآباء) أمامه.‏

ويقع على عاتق الأباء تهيئة المناخ المناسب للنمو النفسي وإشباع حاجات أبنائهم الروحية والنفسية والابتعاد عن السلطة المستبدة القائمة على القمع والتخويف.‏

أما فيما يخص المدرسة فلا بد من توفير الرعاية الصحية للتلاميذ والاهتمام بالصحة النفسية للمدارس والتوسع في إنشاء عيادات نفسية خاصة بكل منطقة تعليمية وتأمين سجلات ملاحظة خاصة بكل تلميذ تعنى بقضايا الصحة النفسية بإشراف المرشد النفسي .‏

أخيراً لايمكننا أن نتجاهل دور المعلم المعد مهنياً وأكاديمياً على الأساليب الحديثة التي تركز على الاستكشاف والاستمتاع وأهمية اتباع أسلوب الحوار والنقاش بحرية مع الطلاب لزرع الثقة بنفوسهم ، واحترام الذات والاعتماد على الذات والسلوك السليم والشجاعة واحترام الآخرين والإخلاص .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية