تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هذا التراب دمٌ بالدمع ممتزج.. تهب منه على الأجيال أنسام... يا عروس المجد.. تيهي !!

ثقافة
الأربعاء 18-4-2012
فاتن دعبول

أكثر من ربع قرن من النضال المرير، قدم خلاله الشعب السوري الكثير من التضحيات والشهداء من أبنائه في سبيل الحرية وطرد الغاصب من بلادهم، حتى استحقوا شرف الاستقلال وعزته...

وشكل السابع عشر من نيسان 1946، بداية مرحلة تاريخية مشرقة من مراحل نضال الشعب وجسراً للعبور إلى مراحل متقدمة أرست الأسس لبناء سورية الحديثة...‏

فالسابع عشر من نيسان، لا يؤرخ فقط لجلاء المستعمر الأجنبي عن أرض سورية، بل هوتاريخ مفصلي يؤرخ للثورات والمقاومات والتضحيات السورية في معارك العز والبطولة ضد المستعمر...‏

ونحن إذ نحتفي بعيد الجلاء، إنما نحتفل به بوصفه عيداً قومياً يجسد معاني التضحية والنضال وإرادة التحرر والتحرير، كيف لا، وقد استطاعت سورية أن تخرج المستعمر ومعه ثقافاته الاستبدادية وممارساته السلبية التي تهدد وحدة المجتمعات بالتشتت والانقسام....‏

ولم تنس سورية يوماً تضحيات أبنائها ورجالاتها الذين بذلوا الدماء في سبيل الدفاع عن السيادة والكرامة، بل ظلت أمينة على تاريخها الحضاري والإنساني رغم ما يحاك عليها من مؤامرات ورغم ما تواجهه من تحديات على مر السنين...‏

فسورية الحضارة، هي سورية الكرامة والممانعة والمقاومة، وعيد الجلاء الذي نحتفل به اليوم، إن هوإلا تجسيد لقيم العطاء والكفاح، ولثقافة التحرير والمقاومة، وترجمة فعلية لثقافة التضامن والوحدة العربية، وملهم الأدباء والشعراء، فقد تغنى به الكثيرون، ووقفوا عند هذا الحدث الأهم في مسيرة سورية وبطولاتها،‏

ويستوقفنا الشاعر عمر أبوريشة، حيث لم يتطرق شاعر معاصر للشعر القومي، كما تعرض هوله..‏

فلقد عاش حياته مقارعاً للاحتلال، منشداً القصائد الوطنية الملتهبة، التي هاجت فيها مشاعر وأحاسيس الجماهير الرافضة للاستعمار والاحتلال... وكلنا يذكر قصيدة الجلاء التي أنشدها في الحفل التذكاري الذي أقيم في مدينة حلب ابتهاجاً بجلاء الفرنسيين عن سورية، ومن هذه القصيدة:‏

ياعروس المجد تيهي واسحبي في مغانينا ذيول الشهب‏

لن تري حفنة رمل فوقها لم تعطر بدما حرّ أبي‏

درج البغي عليها حقبة وهوى دون بلوغ الأرب‏

وارتمى كبر الليالي دونها ليّن الناب، كليل المخلب‏

لا يموت الحق، مهما لطمت عارضيه قبضة المغتصب‏

إذاً لتهنأ سورية عروس المجد، ولتفخر بنصرها، ولتسحب وراءها إكليل العز، لتطال به عنان السماء وتلامس الشهب...‏

بعد أن عطرت كل ذرة تراب بدماء الشهداء الأبرار الذين بذلوا دماءهم في سبيل التحرير والنصر، فالحق لا شك يعود إلى أصحابه، مهما طال البغي ومهما حاولت يد الاستعمار الظالم أن تحكم القبضة الغاشمة عليه...‏

وفي كل سنة يستذكر السوريون جميعاً، هذا اليوم، ويشحذون الهمم لتحرير آخر شبر من أرض الوطن المحتلة في الجولان الحبيب، والحفاظ على أمن بلادهم وسلامتها، من أي تدخل أجنبي، وحمايتها من عبث المخربين الذين يعيثون في الأرض فساداً ودماراً...‏

هنيئاً لشعبنا عيد الجلاء، وكل عام وسورية وشعبها بألف خير...‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية