|
اقتصاديات مطلب يبدو اليوم اكثر من حاجة مدعوما بتضخم الاوضاع المعيشية وارتفاع الاسعار وتراجع قيمة الليرة السورية - يضع القائمون امام استحقاق مفروض اجتماعيا واقتصاديا .. والاستمهال فيه يعني نتائج لاتحمد عقباها. تراجيديا الأسعار ليس بعد الان سيكون الحديث عن رفع الرواتب والاجور لموظفي القطاعين العام والخاص وفق منطق الخوف الذي يبدأ من تراجيديا تضخم مستويات المعيشة وارتفاع الاسعار وزيادة الكلفة الاقتصادية لاسيما ان ثبات الاجور والرواتب لفترة زمنية خاصة في القطاع الخاص احدث خللاً في التوازن الاجتماعي.
وللارقام دلالة اكبر: حيث تراجعت حصة الاجور والرواتب من حجم الناتج الاجمالي المحلي الى25 بالمئة بينما شكلت الارباح نسبة 75٪ هذه المعادلة المشوهة وجدت دلالاتها في واقعنا المعيشي فباتت اكثر من نصف الاسر تعاني فقر الدخل فيما ان اكثر من 30٪ من العمال يعملون في القطاعات الهامشية واكبر من هذه النسبة لايستفيدون من اي تعويض في نهاية الخدمة. ويعود الخلل في هيكل الاجور اجمالا الى التفاوت الكبير في مستويات اجور كبار الموظفين وصغار العاملين في القطاع العام والهيئات الاقتصادية بسبب التفاوت في البدلات والمكافآت الشهرية. كما يتقاضى البعض رواتب باهظة دون ان يمثلون خبرة نادرة تعود بالنفع العام في الوقت نفسه يحصل البعض ممن هم اكثر واعلى خبرة على رواتب لاتصل الى عشر ما يحصل عليه هؤلاء المدللون من امثله هذه الفئة اساتذة الجامعات و الاطباء وغيرهم! ضبط التوزيع تنظر المعادلات الاقتصادية فيما يتعلق برفع الاجور الى عاملين اساسيين يتثمل الاول بانخفاض نسبة الاجور من القيمة المضافة والناتج الاجمالي المحلي في هذه الحالة فان رفع الاجور يكون على حساب الارباح والفوائد اما العامل الاخر فيراعي حدية الارباح والفوائد فإذا كانت الاجور حدية تؤدي الزيادة في هذه الحالة الى رفع التكلفة الاقتصادية وزيادة الاسعار. في الحالة السورية يتفق الكثيرون ان المستوى الذي يجب دراسته لجهة رفع الاجور دون ان يؤثر على التكلفة الاقتصادية وارتفاع الاسعار يبدأ من تخفيض نسبة ارباح وفوائد الشركات لجهة ضبط آلية توزيع المداخيل لاسيما ان فلسفة النظام الاقتصادي والاجتماعي السوري تتسم في بنية العرض بالمستوى المرتفع نسبيا لمعدل نمو القوى العاملة . اما في بنية الطلب فتغلب عليه المؤسسات الصغيرة الحجم الذي يظهر فيها الغياب الواضح للحركة الصناعية التكنولوجية والتكرار والتماثل وضعف القيمة المضافة والذي حدث خلال السنوات القليلة الماضية . وفي القطاع العام تحديدا ان نسبة الرواتب والاجور ارتفعت في القطاعات الاقتصادية ذات القيمة المضافة المخفضة مستندة الى الجانب الاجتماعي وليس الى الجانب الاقتصادي بمعنى ان هذه الزيادة لم تكن جدية انما كانت نتائجها سلبية على ارباح المؤسسات العامة التي لم تستنهض طاقاتها وترفع انتاجها لذلك وبحسب الاقتصادي الدكتور عابد فضلية ( ان القطاع العام لايتحمل زيادة في الرواتب والاجور اليوم إلا بالمستوى المحدود بينما هناك قطاعات في القطاع الخاص يجب ان تتبع المنطق الاجتماعي ويجب ان يترافق في الفترة الراهنة مع العامل الاقتصادي حتى لو كان ذلك على حساب الارباح والفوائد). وبرأيه ان المبدأ الاكثر صحة خلال هذه المرحلة قد يكون في ربط الاجور بالاسعار والانتاجية في علاقة ثلاثية تحقق اهدافا كمحاربة التضخم وارتفاع معدل نمو الدخل القومي. الاستمهال الخطير تفيد دراسة لمنظمة العمل الدولية ان الاجر الحقيقي الذي يحصل عليه السوري هو قريب من خط الفقر بعد مراجعته في ضوء ارتفاعات معدل التضخم فيما المتعارف عليه تطبيق الدول آليات محددة للمحافظة على القيمة الحقيقية للاجور حتى لا تتآكل بمرور الوقت وفقا لمتغيرات التضخم في اسعار السلع الاستهلاكية وبالتشاور مع منظمات الاعمال. فالاستمهال الان في معالجة قضية الاجور وبشكل صحيح لن يضر بالاستقرار الاجتماعي فقط بل لن يؤمن ايضا اي نمو اقتصادي على المدى القريب والبعيد خصوصا ان المرحلة التي تمر بها البلاد تستوجب ان تقوم الجهات المعنية الرسمية وجهات المجتمع الاهلي وقطاع الاعمال باعادة النظر بالاجور والراتب بحيث تتناسب والشرائح العظمى من السوريين. |
|