تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حوار.. الفكر والفن والإبداع أركان الإنسانية... التشكيلي محمد بدر حمدان: أكتب فلسفتي البصرية للحياة

شؤون ثقافية
الخميس22-8-2019
فاتن أحمد دعبول

يبحر في عوالم الطبيعة والتراث كأنه البحار الماهر الذي لايجد ضالته إلا في لآلىء بلاده، فيحيلها وهو من خبر فن الريشة واللون إلى إيقونة تحكي للإنسانية تاريخ شعب ينتمي إلى العراقة والأصالة الحقيقية، ومهما جار الزمن وتعاقبت الحروب فهو يؤمن بأن سورية المتجذرة في عمق الثقافة البشرية، لن تستطيع الرايات السود أن تغطي شمسها وسوف تبقى مولد الحضارات وشعاعها الذي لايغيب.

الفنان التشكيلي محمد بدر حمدان لوحاته تحمل في مضامينها رسائله إلى الإنسانية، يحمّلها بعضا منه والبعض الآخر يحكي فيه أمجاد بلاده وعراقتها وشعبها الحي الذي لايستكين لظلم أو اعتداء، لشعب يؤمن بأن الدنيا تؤخذ غلابا.‏

ولكن كيف يجسد الفنان محمد بدر حمدان فضاء الجمال، معه كان لقاؤنا:‏

•• لايكون الفنان فنانا إذا لم تكن لديه رؤية جديدة للجمال يتفرد بها عبر تاريخ إنتاج الجمال البصري في تاريخ الفن، وهذه الرؤية لابد أن تؤسس لمعايير جديدة يتم إبداعها كلما كانت حرفية الفنان وإتقانه منسجمة مع حلمه الذي يحمله إلينا في أي شكل من أشكال الإبداع البصري، بمعنى أن امتلاك الفنان لأدواته سوف يساعده على التحليق في الحلم الفريد الذي يراه بقيمته الجمالية المختلفة، وهذا الجمال البصري الذي لابد أن يلبس جمالا ثقافيا يخص الفنان، وحين ينسجم الجمال الثقافي مع الجمال البصري نجد أننا أمام هوية فنان حقيقي يضيء صفحة له في كتاب الجمال الذي يستمر في زيادة صفحاته كلما سطعت موهبة تستطيع الإفصاح عن إبداع جديد لايشبه إلا نفسه.‏

• يقال: إن الفنان لايمكن أن يخرج من عباءة بيئته، فهل حقا الإبداع هو رهين البيئة؟‏

•• البيئة بمعنى المكان هي الرحم البصري الأول الذي يتعلم الفنان فيه قراءة الأشكال، بمعنى أنه يتعلم الأبجدية البصرية الأولى، وأهم هذه المفردات هي أشكال الناس الذين يعيش معهم طفولته التي تستمر معه في رحلته بين آفاق الجمال في أعماله الفنية، وسوف يستمر في تصفح قاموس الملامح التي تنطبع في مخيلته وتنبض في أعماله، وأهم مايمكن أن نلاحظه أن الملامح سوف تشبه الفنان نفسه لأنه من أهل المكان، وبالتالي تكون أعماله حاضنة لكل أصناف الجمال التي تعلمها بألوانها وضوئها وفرادتها، لأننا حين نرى لوحة إفريقية سوف نعرف ذلك قبل أن نعرف اسم الفنان الذي أبدعها.‏

• ماهي معاييرك الأساس للإبداع؟‏

•• الفن هو صانع الحضارات، وهو الناقل لها عبر الزمن، فلابد لأي حضارة أن يكون أساسها وعمودها الفقري أعمدة الفن بكل أطيافه ومداه المفتوح، لأن الفنان عبر الزمن يحمل رسالة في محبة الجمال وقيم الإنسانية، لم يحمله إياها أحد، بل هو الباحث دائما في أقانيم الحياة عن إبداع الجمال بعشق لايتوقف.‏

• تؤكد في حواراتك أن الديكور هو إعادة تشكيل المكان بما يناسب الفكرة، فكيف تعيد صياغة الأشياء؟‏

•• الديكور في العمل الفني هو المكان الذي يلعب فيه الممثل شخصيته، أي أن الديكور جزء من الشخصية، وبالتالي يكون فضاء للحياة وليس فراغا أو مجرد خلفية، إن واحدة من أهم ميزات الإبداع هي إعادة رؤية الحلم من زاوية أخرى وإحساس آخر.‏

• كيف ترى المشهد التشكيلي في الوقت الراهن، وهل استطاع الفنان أن يكون ديوان أمته والشاهد على العصر؟‏

•• الزمن التشكيلي يختلف عن الزمن الحياتي اليومي، لذلك لابد من مرور وقت ووجود أعمال تشكيلية كثيرة حتى نحكم على ماهو حاصل من إرهاصات تشكيلية، لكن الانطباع العام يقول:إن موجة الأعمال التي نراها قاصرة عن الوصول إلى عمق الحياة التي نعيشها الآن وهي في معظمها أعمال لاتحمل ملامح ولكن في المقابل هناك أعمال تشكيلية ملحمية استطاعت أن تكون ذاكرة بصرية، واستطاع الفنان الذي أبدعها أن يوقف الزمن عندها كنص بصري متألق الحضور في صدر التاريخ التشكيلي.‏

• متى يستطيع العمل الفني أن يحقق قيمة مضافة في عالمنا الراهن، وهل استطاع الفن التشكيلي انتزاع مكانته بين الفنون جميعها؟‏

•• لابد من ثقافة راقية بشكل عام عند المتلقي حتى يستطيع العمل الفني أن يتفاعل وبالتالي يستطيع أن يقدم قيمه الجمالية وهذه الثقافة هي التي تساعد على أن يأخذ الفن مكانه في بناء المشهد الحياتي للمجتمعات رغم أن الفن التشكيلي ليس بحاجة إلى من يساعده لأنه يملأ كل جوانب الحياة، وهو الذي يساعد كلما أحسسنا بالحاجة إليه.‏

• مااللحظة الملهمة لك وكيف تستطيع أن تعيد بناء الجمال والخير والفضيلة في نفوس المتلقي؟‏

•• لاأنتظر مايدفعني للرسم لأنني أكتب فلسفتي البصرية للحياة كل لحظة، وبهذا ربما استطعت أن أصل إلى نص بصري يشبهني ويترجم إحساسي الزمني بالجمال الذي تفصح عنه الأشكال بكل خطوطها وكامل بهائها الموشوم بالمحبة التي هي أحد وجوه الجمال الفاتنة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية