تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ليـــــس بـــأيِّ ثمــــن!!

شؤون سياسية
الأثنين 15-6-2009م
نواف أبو الهيجاء

من الإنصاف القول: إن ثمة مايشير إلى نوايا أميركية بالانصراف عن منهج العدوان ومنهج استخدام القوة والاستعلاء على العرب والمسلمين عامة،

مايعني محاولة تجميل الوجه الأميركي الذي أمعنت سياسة الإدارة الأميركية السابقة في تشويهه، ومما لاشك فيه أن الإدارة الأميركية في ظل الرئيس أوباما تدرك أن صلب القضايا وأسها هي القضية الفلسطينية، وأن أي محاولة اقتراب ناجحة من العرب والمسلمين يجب أن تبدأ بتحقيق تقدم في ملف الحقوق العربية في فلسطين.‏

من هنا كان الرئيس الأميركي قد أكد على أهمية وأولوية الملف، وعيّن ميتشل مندوباً عنه إلى المنطقة، ومن ثم شارك هو شخصياً في حملة (التجميل) بتوجيه رسالة إلى العرب والمسلمين من القاهرة.‏

كل هذا لاينكر، ولكن- إذا كانت النية تتجه إلى تحقيق العدالة والسلام- كونهما متلازمين في كل حين- لتثبيت الأمن والاستقرار، فلا بد من مرجعيات واضحة ومن قواعد راسخة للسير نحو الهدف، أي ليست الغاية هي (العودة إلى مفاوضات السلام)، وليست الغاية (السعي لوقف الاستيطان والنشاطات الاستيطانية)- فهذه نتائج عدوان عسكري تعرض له العرب من قبل الصهاينة وكان العدوان مدعوماً من الغرب ومازال، وبالتالي فالبحث يجب أن يركز على الأسباب وعلى الجذور.‏

(العنف) في عرفهم- أو المقاومة في عرفنا وفي عرف القانون الإنساني والدولي و(الإرهاب) في عرف المحتلين الصهاينة، ليس غاية- بل هو رد فعل طبيعي للاحتلال، ومن هنا إذا أريد تحقيق السلام فلا بد من اجتثاث أسبابه المباشرة وغير المباشرة.‏

اختيار العرب عموماً (السلام) لايعني إطلاقاً أن يكون هذا (السلام) بأي ثمن.‏

أبداً هناك حقوق ثابتة وغير قابلة للتصرف، وهناك قرارات أممية في هذا الشأن- وهي تقول بالانسحاب الكامل من الأراضي التي تم احتلالها بالقوة- وتقول بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة، وتقول بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف (ضمن حق تقرير المصير) وهناك قوانين وأعراف دولية تقول بمشروعية القتال ضد الاحتلال، ومن هنا قلنا إن على الإدارة الأميركية- في عملية تثبيت صدقيتها- أن تكون صادقة حيال الخروج النهائي لقواتها من العراق وحيال إرغام الاحتلال الصهيوني على إنفاذ (المبادرة العربية للسلام) كونها الحد الأدنى المقبول عربياً - و على الإدارة الأميركية ألا تقزم (قضيتنا) فتصبح كأنها قضية (توسيع استيطاني في الضفة الغربية) فالاستيطان غير قانوني وغير مشروع لأنه يتنافى ومبدأ الامتناع عن تغيير الطابع الديمغرافي للمناطق التي يتم احتلالها.‏

نعم نحن ننشد السلام لأننا مارفعنا السلاح لوجه (القتال) وحده، ولأن المقاومة الفلسطينية والعراقية واللبنانية ليست هدفاً بل هي (وسيلة) مشروعة لمجابهة الاحتلال والعدوان والعنصرية والتوسع، وإذا كانت الإدارة الأميركية حريصة على السلام وعلى الأمن فهي المطالبة بإرساء قواعد وأسس راسخة لإدامة السلام، وهذا لن يكون إلا بالعدالة المتحققة التي يشعر بها الطرف المعرض للعدوان- وفي هذه الحال فهو الطرف العربي (في سورية و فلسطين و لبنان- كما في العراق).‏

الحرص على السلام والعدالة له متطلبات وأولها إنصاف المظلوم ومعاقبة الظالم- وعدم المساواة بين الضحية والمجرم، لأن هذه المساواة تصب في مصلحة (الظلم والظالم) فهي إن أسفرت عن أي اتفاق سيظل معرضاً- في أي حين- للنسف لدى أي حالة استعادة التوازن- لدى الطرف المظلوم.‏

في سورية كما في فلسطين ولبنان والعراق العرب تعرضوا للعدوان والظلم، وهم قاموا- أي استخدموا الحق المشروع للشعوب التي يتم احتلال أوطانها ونهب ثرواتها وسلبها سيادتها بالعدوان والاحتلال، وهم لن يرضوا على الإطلاق بإلقاء السلاح- أي بالتخلي عن حقهم في المقاومة- إلا حين ينتفي سبب المقاومة ونعني- استعادة الحقوق المشروعة كاملة- ومنها العودة والانسحاب الكامل من جميع الأراضي التي تم احتلالها.‏

سلام: العرب ينشدونه وتحيتهم هي السلام، لكنهم لن يذهبوا إليه بأي ثمن على الإطلاق، ولهم من الامكانات والطاقات والوسائل ما يجعلهم متمسكين بحقوقهم المشروعة مهما طال الزمن.‏

nawafabulhaija @ yahoo. com‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية