تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لؤلؤة في محارة خانها الزمن...جزيرة أرواد.. هل يشفع لها تاريخها؟...رئيس البلدية يقدم التسويغات لمشكلة قائمة ..!!...واقع خدمي وبيئي سيىء ..!!

مكتب الثورة بطرطوس
تحقيقات
الأثنين 15-6-2009م
ربا أحمد

تتغنى البلاد بجزرها، وتحولها إلى مدن للأحلام، فتبني عليها وتحاول أن تخلق فيها عوامل الجذب كافة، وتنشأ لأجلها الهيئات الخاصة لملاحقة أدق التفاصيل

وللإشراف الكامل عليها ولكن في سورية جزيرة صغيرة قابعة وسط مياه المتوسط، طفلة وحيدة للبلاد بقيت مشردة دون اهتمام أو اكتراث بالرغم من أنها الوحيدة التي تتوسط الشرق والغرب، تحمل التاريخ وسط أحضانها، أرض خصبة لحضارة يمكن أن تجعلها إحدى جنات الدنيا، ولاسيما أنها تبعد عن مدينة طرطوس 3 كم باتجاه جنوب غرب.‏

هي ليست بحاجة لمجهر كي تراها الجهات المعنية ولاتحتاج للتذكير بها، فهي غصة في حلق كل من يعلم مدى قيمتها الحضارية والتاريخية وأولاً وأخيراً السياحية.‏

هي كالأرض الخصبة التي سورت لمنع المساس بها بينما كافة عوامل الخير تنضح بها، هل تلك الحالة ستستمر طويلاً؟ ومن سيهدم ذلك السور الذي هو ليس من صنع أحد إلا يد الإهمال؟‏

يد الحاضر.. مشلولة‏

ما المانع أن تكون منازل الجزيرة موحدة باللون والشكل بيضاء أو زرقاء مربعة أو مستطيلة، جميلة ومنسقة؟.‏

سمير سائح قادم من دمشق تساءل ألا تشكل السياحة حافزاً كافياً للأهالي والبلدية لمنع ذلك؟ والعمل لإيجاد رسومات جميلة على الجدران بحيث تشكل عامل ردع بالإضافة للمنظر الجمالي؟‏

ولكن كيف نطالب بالجمالية والحد الأدنى من الخدمات غير متوفرة، فالقمامة هنا وهناك دون وجود سلة مهملات صغيرة، وأسلاك الكهرباء تملأ الجدران والساحات فلا عمود كهرباء ولا هم يحزنون، بالإضافة للصرف الصحي الذي يسيل في بعض الأحياء ما يسبب روائح كريهة وانتشار الذباب.‏

التقينا عدداً من المواطنين الذين شكوا نقص العمال والحاويات، بينما الكهرباء في الشتاء فتعتبر بالنسبة لهم حلماً يصعب تحقيقه.‏

والغريب أن مديرية البيئة اعترفت رسمياً بالوضع المتردي ولكنها لم تحرك ساكناً، ومن المفيد عرض تقرير 2008 لمديرية بيئة طرطوس الذي يتضمن «الذباب منتشر بكثرة ضمن شوارع الجزيرة، كما توجد حفر واسعة في الجهة الغربية مليئة بالمياه الآسنة ما يشكل بيئة خصبة للجراثيم، بالإضافة إلى وجود مشكلة في الصرف الصحي كما أكد المواطنون، والبيوت في أرواد مغلقة بشكل كامل، ولا توجد منافذ للتهوية ما يجعلها تعاني من الرطوبة وانتشار الحشرات الضارة التي تلتقي مع روائح السفن المحملة بالأغنام التي تبقى مدة طويلة بالقرب من الجزيرة، والجولة في الأزقة تثبت ذلك فالقمامة منتشرة خارج الحاويات أغلب الأوقات، وأمام هذا الواقع يصبح من الطبيعي ألا يعرف الأرواديون معنى كلمة (بيئة)».‏

أما حديقة الجزيرة بلا مقاعد أو شجرة خضراء وهو المكان الذي قد يرغب السائح بالاستراحة فيه أمام البحر، ولكن لن تكون شاذة عن الحالة العامة للجزيرة ولن تكون إلا بحالة يرثى لها كما هي الآن حيث أصبحت مكاناً لتنظيف أدوات الصيد ومخلفاتها، الأمر الذي أدى لتزايد الذباب في الحديقة.‏

محمد (مصور فوتوغرافي) تساءل بحزن عن سبب إهمال الجزيرة التي من المفترض أن تكون تحفة بالنسبة للقطر، بينما بالمقابل الروائح تملأ المكان والقمامة تبدأ من مدخل الجزيرة وتنتهي بكافة أطرافها؟‏

ما المطلوب؟‏

عن الخدمات الشحيحة أكد عضو المكتب التنفيذي لقطاعي السياحة والآثار في محافظة طرطوس أيوب ابراهيم أن قرارات محافظ طرطوس بتوظيف عمال للنظافة، وقرار نقل القمامة من الجزيرة إلى مكب طرطوس بحاويات مغلقة بدلاً من حرقها بالجزيرة بإعانة من المحافظة سيشكل عوناً لنظافة الجزيرة، كما أن إعانة المحافظة المقدمة لإقامة المنطقة الصناعية بالجزيرة بقيمة 70 مليون ليرة تعتبر خطوة جيدة لحصرها بجهة واحدة.‏

مشيراً إلى أنه سيتم رصف الشارع الرئيسي بحجر كلسي (مزخرف) بتكلفة 5 ملايين ليرة.‏

رئيس بلدية جزيرة أرواد علي نجم أجاب عن مشكلة الخدمات قائلاً: «كثرة الذباب تحصل في بعض الأيام وليس بشكل دائم، ناتجة عن بواخر الأغنام التي تؤم مرفأ أرواد وهي غير نظيفة، ولا توجد أي مشكلة بالصرف الصحي فالبلدة تقوم وبشكل دائم بالصيانة اليومية والدورية لكل الجور والمجاري ولا يوجد أي تقصير في هذا المجال، أما بالنسبة للحفر قرب الآثار فنحن لسنا قادرين على مد يدنا باتجاه هذه المناطق، والمياه فيها تأتي من البحر وهي نظيفة ولا تشكل خطراً علينا».‏

أما عن انتشار القمامة في الأزقة وخارج الحاويات بالإضافة للكتابة على الجدران، أجاب رئيس البلدية قائلاً: «عمال النظافة يقومون بعملهم بجد وهم أشبه بخلية نحل ولا يقصرون في ترحيل القمامة أو غسيل الشوارع وتنظيفها والمحافظة قدمت إعانة لتوظيف 20 عامل نظافة خلال موسم الصيف.‏

وعن أسلاك الكهرباء أكد أن الجزيرة تحتاج لدراسة جديدة ومعالجة باعتبار أن شوارع الجزيرة ضيقة.‏

هذا هو الحال الذي يقف غصة في حلق كل إنسان يعلم بقيمة وجود جزيرة لبلد ما، وما يمكن أن تقدمه من رفاهية واستثمار وسياحة وعامل جذب بالإضافة لكونها مقصداً ترفيهياً لأهل البلد أنفسهم، ولكن ماذا يعني أن يكتب ويكتب دون أذن تسمع؟ فالخدمات بهذا السوء يعني أن الواقع لا يبشر بالخير وأن العمل يحتاج لهيئة خاصة أو فريق عمل كبير ومتخصص لإنقاذ الجزيرة التي دقت ناقوس الخطر بالإهمال.‏

تربة غير خصبة..‏

ولكن الأمر الذي يصعب العمل - لمن أراد أن يعمل - أنها من أكثر مناطق العالم كثافة بالسكان، وبالوقت نفسه مستوى التعليم ضعيف جداً وأكثر، فانتشر الأطفال بأرقام غريبة بالأحياء دون حديقة أو ناد أو ملعب صغير ومعظمهم دون تعليم، وشكلت المدرسة وفق تقرير مديرية البيئة بطرطوس - السابق - تراجع التعليم لأن معظم الأرواديين يتجهون للعمل في البحر ولا يهتمون بالتعليم ما أدى لنقص الوعي بشكل عام والبيئة بشكل خاص وساهم في ذلك نقص الكادر التدريسي فالبحر يمنع وصول المدرسين شتاء.‏

ويوجد تسرب من المدرسة بأرقام كبيرة والاتجاه للعمل بالبحر والصيد من أعمار صغيرة وللعمل بالصيد وصنع القوارب والشباك أو تنظيف السمك.‏

أيوب ابراهيم أكد بدوره أن من تراوحت أعمارهم بين 15 - 45 سنة تحرروا من أميتهم.‏

محمود (10 سنوات) متسرب من المدرسة لأن لديه خمسة أخوة وحالتهم المادية سيئة جداً لذا اضطر أن يعمل بالصيد مع خاله باعتبار أنه يجب عليه مشاركة أبيه الذي يبحر بالسفن في مصروف المنزل.‏

وكذلك حال جابر الذي لم يدخل المدرسة أبداً لأنه بعد عمله بالصيد اتجه للعمل بالسفن سواء بالمطبخ أم بالتنظيف.‏

محافظ طرطوس خلال جولته الأخيرة طالب مدير التربية بحل المشكلة فوراً وبرفد الجزيرة بالمدرسين كحال من يرفد للعمل بغير محافظات، بحيث يكونون ملتزمين بالدوام الكامل بالإضافة للاعتماد أولاً على مدرسين من سكان الجزيرة.‏

فضبط التعليم هو الأولوية الأولى لرفع سوية الناس الثقافية بالحد الأدنى وضرورة تنظيم الأسرة لأن الفقر هو السبب الأكبر لترك التعليم والاتجاه نحو البحر والسفن.‏

الاستثمار .. تجربة جديدة‏

وسط هذا الواقع المتردي لجزيرة أرواد بوضعها الاقتصادي والاجتماعي والأثري، كان لابد من بصيص أمل في عيون أحد المستثمرين السوريين محاولاً أن يجد فيها حجر زاوية لمشروع قد يذكر الجهات المعنية بأن الجزيرة بحاجة لخدمات ترافق استثمارها من جهة وأنها قابلة للاستثمار والبدء بنقطة الصفر مهما كان الوضع الاستثماري فيها صعباً وله عوائقه أما المشروع فهو فندق سياحي ضمن الجهة الجنوبية الشرقية للجزيرة قبالة مدينة طرطوس على الساحل السوري بتكلفة 15 مليون دولار وهو عبارة عن أرض تبلغ مساحتها 7 آلاف م2 تعود ملكيتها لوزارة السياحة وقد تم وضع برنامج توظيفي لهذا الموقع ليكون فندقاً سياحياً بمستوى 4 نجوم بطاقة استيعابية لا تقل عن 50 غرفة إضافة إلى مطاعم وأنشطة بحرية ومدة تنفيذ المشروع 3 سنوات ومدة استثماره 45 سنة على نظام BOT.‏

فكرة المشروع رائدة باعتبارها تستفيد من ميزات الجزيرة بالكامل، ولكن بالمقابل يوضع تحت التجربة علامات استفهام ربما نستطيع أن نقول عنها إنها لا تشجع بعد اعتراض أصحاب المنازل التي استملكت منازلهم من أجل المشروع، حيث تقدموا بشكوى يقولون فيها: «منذ حوالي 26 عاماً تقريباً استملكت المنطقة الجنوبية الشرقية من الجزيرة لصالح وزارة السياحة لإقامة فندق سياحي والتي من ضمنها هذه البيوت وهي ملك لأصحابه ولما كانت مصالحنا تمنعنا من ترك الجزيرة وعدنا ببناء بيوت لنا في الجزيرة وبعد مدة أبلغنا بأنه لا يمكن أن يؤمن لنا بيوت في الجزيرة وعلينا إخلاء البيوت، شكونا إلى وزارة السياحة ولم نحصل على نتيجة مرضية وفي الآونة الأخيرة شكلت قوة من الشرطة أجبرونا على الإخلاء دون أي ثمن بل خصصنا ببيوت في مساكن الإسمنت شمالي طرطوس، وطبق علينا قانون السكن العمالي وكان علينا أن ندفع ثمن هذه البيوت مقسطة 25 عاماً».‏

والنتيجة الجميع مع تطوير الجزيرة سياحياً واستثمارها بالشكل الأمثل لما فيه مصلحة الجميع والأهالي بمقدمتهم لا أن يتم ذلك على حسابهم.‏

مدير السياحة بطرطوس المهندس علي درويش أكد أنه وفق القانون 20 الخاص بالاستملاك تم نقل الملكية وأمن لهم سكن بديل من مؤسسة الإسكان الجهة المسؤولة عن البدل ودفعت وزارة السياحة ثمنها، مشيراً أن المساكن استلمت من المالكين 12 واتخذت الإجراءات القانونية المطلوبة بالكامل.‏

وبدوره رئيس بلدية الجزيرة أشار لأهمية المشروع، ولكن من ناحية ثانية قال: «المشكلة نتيجة عدم فهم الأهالي للقانون، حيث وضعت مديرية السياحة ثمن عقاراتهم بالبنك ولكن تقادم عليها الزمن، وعند إعطائهم بيوتاً دفعوا ثمنها مجدداً، فالمطلوب بدل ترحيلهم أي من حقهم العودة للجزيرة ولهم الأولوية بالأماكن الشاغرة بعد صدور التنظيم».‏

الترفيه هنا هو أكسجين الجزيرة، وعله يكون بادرة خير تشجع على خلق حالة استثمارية مستمرة وحديثة تتناسب مع جمالية وحضارة جزر العالم التي تشكل اليوم المقصد الأول للسياح بالعالم.‏

ما مشكلة أرواد الحقيقية؟!‏

بقيت أرواد مجمدة منذ العام 1975 ولا يسمح بالترميم ولا بتشييد المنازل رغم التزايد السكاني والحاجة الملحة إلى الترميم، فأغلب منازلها تعود لفترة الستينيات وما قبلها والسبب وجود القرار رقم 32/أ لعام 1975 الصادر عن وزير الثقافة آنذاك الذي اعتبر أرواد بكاملها منطقة أثرية، وهذا القرار بعيد عن الواقع مع العلم أن هناك قراراً سابقاً له رقم 8 لعام 1958 حدد الأماكن الأثرية في جزيرة أرواد بأربعة أماكن وهي: (القلعة - البرج الأيوبي - الحمام الأثري - السور الفينيقي) والمطلوب: - اليوم عدل القرار رقم 32/أ لعام 1975، وتمت العودة إلى القرار رقم 8 لعام 1958، حيث ينص القرار الجديد للمجلس الأعلى للسياحة - إعادة النظر بقرار تسجيل جزيرة أرواد بحيث تشمل المباني الأثرية الأساسية (السور - البرج - القلعة - بقايا الميناء القديم - المنازل الأثرية والتاريخية)، ووضع حدود الحماية المناسبة لها، إضافة لإمكانية الردم والتوسع بالأماكن المحدودة وفق المخطط التوجيهي للجزيرة.‏

رئيس دائرة آثار طرطوس المهندس مروان حسن قال: «بناء على قرار المجلس الأعلى للسياحة وتوجيهات المديرية العامة للآثار قامت دائرة الآثار بطرطوس بدراسة وإحصاء وتوصيف كافة المعالم والمباني الأثرية بالجزيرة وتنزيلها على مخطط الجزيرة ووضع حدود الحماية المباشرة وهي حوالي 13 منزلاً وإعداد مسودة قرار يتضمن التعديلات المذكورة لعرضه على المديرية العامة والمجلس الأعلى، وحالياً تتم مناقشة المقترح مع رئيس بلدية أرواد للاتفاق النهائي على الشكل النهائي ومن ثم إحالته للمديرية العامة لاتخاذ القرار المناسب».‏

وعن المسودة وما تتضمنه أشار مدير الآثار أن 70 - 75٪ من الجزيرة خارج شروط الآثار، وحدود الحماة لن تتجاوز 10 منازل باعتبار أن هناك 3 منازل ضمن المشروع السياحي حيث سيتم استثمارهم كآثار.‏

ولكون أن الكرة أصبحت بملعب مديرية السياحة قال المهندس علي درويش: «لن نبدأ بالعمل حتى تنتهي كافة إجراءات مديرية الآثار التي لا تزال تعمل على النقاط الخاصة بالآثار، ونحن سنتريث حتى يصدر القرار النهائي عن المجلس الأعلى للآثار لأن الملاحظات لا تزال مستمرة ولم ينته العمل فيها بشكل نهائي».‏

وعن الفكرة العامة لمخطط السياحة القادم أشار علي درويش أن لدى مديرية السياحة مخططاً سابقاً، سيتم تطبيقه مع بعض التعديلات والعمل سيتطلب دفتر شروط وعارضين ودراسات، مشيراً إلى أن المخطط سيكون له بعد تنموي كالردم في المياه وستعطى مرونة للدارس، والأموال متوفرة بالوزارة.‏

ولكن من ناحية ثانية لابد من الإشارة إلى أن إزالة الصفة الأثرية عن الجزيرة ليس مربط الفرس لأنه ووفق ما أكده رئيس البلدية فإنه من دون التنظيم لا يمكن للجزيرة أن تتطور فالتنظيم هو أساس التطور - لدينا مخطط توجيهي لا يلبي الطموحات.‏

هنا أشار أيوب ابراهيم أن نظام ضابطة البناء الجديد سيسمح بالتوسع الشاقولي والبناء الطابقي، لافتاً إلى أن بعد صدور القرار تقدم عدد من مواطني الجزيرة للحصول على تراخيص ببناء فنادق ومطاعم.‏

بالنهاية.. لمن يريد أن يسمع..‏

لؤلؤة في محارة لم تكتشف بعد في سورية بالرغم من أنها على مرمى نظر الجميع، ولكن لم تقف المشكلة هنا بل تعدت إلى تراجع الحالة الجمالية التي وهبها الله لها نتيجة الإهمال وغياب العمل من أصحاب العمل.‏

والنتيجة يجب أن نقول: لا شيء يبرر الوضع الحالي للجزيرة ويجب التأكيد على أهمية تشكيل هيئة خاصة بها تدرس وضعها الراهن بسلبياته وتثمن إيجابياته للانطلاق بالعمل من الصفر والوصول إلى استثمار حقيقي للجزيرة التي تمتلك البحر والتاريخ والموقع المدهش.‏

في صدرها التاريخ .. مجروح‏

لجزيرة أرواد ماض يشهد على مكانتها الجغرافية والتاريخية والحضارية وشكلت إحدى أهم المغانم عبر الحضارات والحروب التي مرت على المنطقة حيث ضمنها الملك سرجون الآكادي إلى مملكته عام 2350 ق.م، ووقعت تحت نفوذ الفراعنة والحثيين وشعوب البحر الذين خربوها، كما خضعت لحكم ملوك آشور والكلدان والفرس والإسكندر المقدوني الذي لم يستطع الاحتفاظ بها.‏

وفي عام 64 ق.م تبعت للحكم الروماني حيث فقدت أهميتها، وبعد انقسام الامبراطورية لحقت ببيزنطة حتى استعادها العرب في عهد معاوية بن أبي سفيان عام 649م على يد القائد جناده بن أبي أمية، ثم احتلها الصليبيون وبقيت بأيديهم إلى أن حررها السلطان قلاوون عام 1302م، وفي عام 1516م خضعت أرواد للحكم العثماني، واتخذت مقراً لأحد قادتها العسكريين حتى الحرب العالمية الأولى، حيث أصبحت مركزاً للجيش الفرنسي ومعتقلاً للأحرار.‏

وعليه تضم الجزيرة أوابد تاريخية وهي قلما تحتويه الجزر بشكل عام، ومن أهم تلك الآثار: قلعة أرواد (البرج الأحمر، برج المحارة) وهم دلائل على عظمة هذه القلعة.‏

أليست أسباباً كافية لنقنع الحاضر بإمكانياتها الرائعة لخلق مستقبل رائع لها؟ تكتنز الآثار إحدى عوامل الجذب سلفاً لمن يريد أن يفكر فقط بإمكانية استثمارها.‏

ولكن في الحقيقة الوضع والواقع معاكس تماماً فلم تنس هذه الآثار من الاستثمار بل نسيت من أبسط درجات الاهتمام بتأمين الخدمات الأساسية حيث عاثت القمامة بمنظرها بل وحاربت وجودها وجمالها كحال السور الفينيقي (الناحية الغربية) الذي تلفه القمامة أمام أعين الجميع بطريقة تمنع السائح - النادر - من الاقتراب.‏

هذه هي حالة الآثار والتي تشكل حجر زاوية بالنسبة للسياحة في البلاد فكيف يكون مكانها إن كانت ضمن جزيرة وسط مياه المتوسط.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية