تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الســــومريون ..السؤال الخطأ والحقيقة المجهولة

حماة
ثقافة
الاثنين 15-6-2009م
أيدا المولي

بكثير من الحزن والأسف يذكر الباحث نائل حنون أنه سمع عام 1985 من صموئيل نوح كريمر أن المتحف العراقي يجب أن يتبع لليهود لأن اليهود هم من أنشؤوا المتحف العراقي.

من وقتها - قال- وثقت أن هذا المتحف كان مستهدفاً.‏

- ويذكر أن حضارتنا وتاريخنا لا يهمنا ويتخذ مثالاً على مدينة أوروك التي كان لها دور كبير في التدوين والكتابة والتي ألف عنها لغاية 1980 أكثر من 170 مرجعاً باللغات الأجنبية بينما لم يؤلف عنها بالعربية أي كتاب.‏

- ويضيف أيضاً: اكتشف من النصوص المسمارية ما يزيد على 3000 نص إحداهما ملحمة جلجامش- الخليقة البابلية وترجمت بـ 13 لغة عالمية عن النص الأصلي بينما لا نجد غير ترجمة عربية عن النص الانكليزي منذ أكثر من خمسين عاماً لطه باقر وبشيرفرنسيس.‏

وأضاف الباحث منذ فترة غير قريبة- استضافت جمعية العاديات في سلمية هذا الباحث العراقي وتحدث عن اشكالات البحث العلمي وعدم السعي للشيء المختلف وخصص محاضرته للبحث في (حقيقة السومريين) حيث يذكر: أنه بعد التوصل لابتكار الكتابة في بلاد الرافدين القديمة، استمر استعمال الخط المسماري في تدوين اللغتين السومرية و الآكادية ، واللغات الأخرى التي اقتبست الخط نفسه لمدة تزيد على ثلاثة آلاف عام، وبعد قرون أصبح الخط سراً من أسرار البشرية ، وبدأت قصة حل رموز الخط المسماري حيث توصل أول سفير لاسبانيا والبرتغال في بلاد فارس إلى أن تلك النقوش تمثل علامات لكتابات قديمة وذلك في أوائل القرن السابع عشر الميلادي .‏

- بعد ما يقارب قرنين ونصف القرن تمت قراءة الخط المسماري وأعلن عن ولادة علم الآشوريات ويوضح الدكتور نائل الخطأ الأول والمستمر حتى الآن في إطلاق اسم العلم «بالآشوريات» مشيراً إلى أن وجه الخطأ في هذا الاسم أنه مقرن بلهجة واحدة من اللهجتين اللتين تفرعت إليهما اللغة الآكادية، وهما الآشورية والبابلية فضلاً على لغات أخرى قديمة استعملت الخط المسماري في التدوين ، وما كان يصح أن تفرد لهجة واحدة ليطلق اسمها على هذا العلم.‏

ويبرر الباحث استمرارية استخدام التسمية بأن علماء المسماريات أبقوا على الاسم لأن دراسة النصوص المسمارية ترسخت وتعززت وسائلها نتيجة لاكتشاف آلاف النصوص المسمارية في موقع العاصمة الآشورية نينوى حيث اكتشفت مكتبة آشور بانيبال.‏

خطأ آخر يعاد تصحيحه‏

توصل الايرلندي ادوارد هنكس- 1850م - إلى اكتشاف مهم انتهى من خلاله إلى أن الكتابة المسمارية ابتكرت من قوم من غير البابليين والآشوريين واستعملت من قبلهم لتدوين لغتهم، وأن أولئك القوم،كانوا هم السابقون في استيطان بلاد بابل وآشور، وحين جاء البابليون والآشوريون اقتبسوا تلك الكتابة ودونوا بها لغتهم بعد أن كيفوها لتكون قابلة للتدوين بالمسماري.‏

ونشر هنكس ملاحظة تفيد بأن هنري رولنصن توصل بعد دراسة جداول لغوية مدونة على ألواح الطين المكتشفة من مكتبة آشور إلى أنها جداول ثنائية اللغة أدرجت فيها كلمات مقطعية بابلية وتقابلها مرادفات باللغة الثانية المجهولة وأطلق عليها اسم اللغة الآكادية.‏

وهنا يستند الباحث نائل حنون إلى حقائق تقول: إن تسمية اللغة المجهولة هي اللغة السومرية وإن الباحثين أطلقوا عليها اسم الآكادية خطأ بسبب عدم المعرفة ، ولم يهتد علماء القرن التاسع عشر إلى تسمية اللغة السومرية إلا في عام 1869 م نسبة إلى اللقب الملكي القديم «ملك سومر وأكاد» ونسب اسم أكاد إلى البابلية والآشورية، ومنذ ذلك الحين وحتى نهاية القرن 19 انقسم العلماء إلى فريقين، الأول يعترف بوجود قوم هم السومريون بدليل لغتهم والثاني يرى أنه لا يوجد دليل واضح على وجود السومريين وأن اللغة هي سرية من ابتكار البابليين أنفسهم لأغراض دينية وشعائرية ، وبعد جدال ازداد مؤيدو الفريق الأول وأبرز المتحمسين له «صموئيل نوح كريمر» الذي كانت له أهداف لا ترمي إلى تحقيق الغاية العلمية الذي اتهم الأقوام السامية بالتسلل إلى مستوطنات السومريين ووظف بحوثه لتأكيد وجود السومريين ودورهم الفاعل والمتفوق في خلق حضارة بلاد الرافدين وعلى تخلف الآكاديين والأقوام العربية الأخرى وكريمرروسي يحمل الجنسية الاسرائيلية وبعد أن عرض الباحث حنون نتائج أبحاث أكبر علماء المسماريات في القرن العشرين توصل إلى أنه لا يوجد سوى اللغة دليلاً على وجود السومريين باعتبارهم قوماً عاشوا مع الآكاديين، وأما في مجال اللغة السومرية فيذكر الباحث نائل حنون يوجد لدينا ما يكفي من الأسباب التي تجعلنا نذهب إلى أنها لغة وضعت من قبل الآكاديين لغرض التدوين قبل أن يتمكنوا من ابتكار وسيلة لتدوين الآكادية نفسها ويضيف، إن اللغة السومرية بالشكل الذي وضعت فيه لم تكن قابلة للتحدث بها ولكنها ساعدت الآكاديين على التوصل إلى المقطعية ، والمقطعية كانت الوسيلة التي تمكن من تدوين نصوص اللغة الآكادية التي كانت مستعملة بالتخاطب ، ويذكر الدكتور دليلاً آخر على استنتاجه وهو أن هناك عدداً كبيراً من المفردات والمقاطع السومرية الرمزية وضعت لأول مرة بعد الاختفاء المفترض للسومريين بأكثر من خمسة قرون ما يعزز ويؤكد أن تلك المفردات وضعت من قبل الآكاديين أنفسهم، ويتساءل إذا كان الآكاديون وضعوا المفردات السومرية في ذلك الزمن فما الذي يمنعنا من الاعتقاد بأنهم وضعوها قبل ذلك الزمن؟!‏

الباحث في سطور‏

الدكتور نائل حنون يحمل شهادة ماجستير آداب في الآثار القديمة من جامعة بغداد (1976) وماجستير آداب في الكتابات المسمارية من جامعة تورنتو، كندا ودكتواره فلسفة في اللغة الآكادية أصدر أول ترجمة عربية للنصوص المسمارية لشريعة حمورابي وملحمة جلجامش وقصة الخليقة البابلية وأصدر أول معجم عربي للغتين السومرية والآكادية .‏

- للمؤلف أكثر من ثلاثين كتاباً وبحثاً منشوراً ، ويشرف على عدد من رسائل الماجستير والدكتوراه .‏

- درس في جامعات بغداد ويدرس في جامعة دمشق حالياً.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية