تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


فـــــــن ســـــــوري.. مغنـــــاة نابعـــــــة مــــــــن الأصالــــــــة

ثقافة
الأحد 20-12-2015
 أحمد بوبس

على امتداد أيام ثلاثة تابع جمهور كبير العرض الغنائي الرائع (فن سوري) الذي أبدعه كلمات وتلحيناً وإخراجاً الفنان الكبير حسام تحسين بك. فكنا أمام لوحة غنائية نابعة من أعماق التراث.

ولاينتمي العمل إلى المسرح الغنائي، بل هو مغناة تألفت من عدة أغنيات جمعها نسيج واحد، هو الانتماء إلى الألوان الغنائية الموجودة في سورية، كما جمعتها المأساة التي تعيشها سورية الآن، وما نجم عنها من تشريد وبشكل خاص للأطفال، وهجرة للشباب.‏‏

‏‏

وسأتوقف أولاً عند المقدمين اللذين تشاركا في تقديم فقرات من الكلام الفصيح تارة والكلام العامي تارة أخرى، كتمهيد لكل فقرة غنائية، واستمعناه بصوت الممثلة المتألقة نادين تحسين بك والفنان أيمن عبد السلام.‏‏

بدأت السهرة بأغنية (حبيبتي الشام) بصوت كورال الفرقة الوطنية للموسيقا العربية، ثم نقلنا حسام تحسين بك إلى الأجواء الدمشقية القديمة، من خلال أغنية (افتكرتك رحتْ) التي تألقت في أدائها المغنية همسة منيف التي ارتدت ثوباً ذا طابع دمشقي قديم وأدت الأغنية باقتدار وباسلوب المطربات القديمات. ساعدها صوتها القوي الجهوري وخاصة في المقاطع التي هي قريبة من الارتجال. ومن الفقرات التي استمعنا إليها وشاهدناها أغنية (لأني قادرة) التي أدتها بأناقة ورومانسية المغنية كارمن تكه جي. وكارمن تملك صوتاً دافئاً يصلح للأغنيات الرومانسية، وهي تذكرني بجمالها وهدوئها بالمطربة اللبنانية هدى حداد شقيقة المطربة الكبيرة فيروز.‏‏

وكان الطفل عبد الرحيم الحلبي مفاجأة الأمسية. إذ قدم بصوته الطفولي الجميل أغنية (يا سامعين الصوت) التي تتحدث عن مآسي الأطفال في بلدنا في ظل هذه الأزمة. وأدّها عبد الرحيم بتمكن، وكأنه مطرب محترف. فكانت شخصيته قوية، ولم يتهيب من الجمهور الذي ملأ المسرح.‏‏

بعدها نقلنا حسام تحسين بك إلى الأجواء الكوميدية الاجتماعية، من خلال أغنية (عم نميل) التي أداها الفنانون رياض مرعشلي ومحمد قباني ومحمود حداد، وقاموا بدور ثلاثة عجائز، وتحدثت الأغنية على لسانهم عما عانوه في حياتهم حتى وصلوا إلى أرذل العمر. وقدموا الأغنية باسلوب تعبيري كوميدي جميل. ولأن الموشح هو قالب غنائي له في التراث الغنائي السوري مساحة واسعة، فقد لامسه حسام تحسين بك بأغنية (كل ماقيل عني) الذي أداها باقتدار بلال الجندي.‏‏

والهجرة من الوطن كانت موضوع الحوارية الغنائية (المينا) بين المغنية عبير البطل والمغني عماد رمال. وتدور الأغنية حول الفتاة التي تزمع الهجرة من الوطن والشاب الذي يحاول إقناعها العدول عن الهجرة. وذكرتني الأغنية بحوارية غنائية بين وديع الصافي وصباح حول نفس الموضوع. وكان لحسام تحسين بك مشاركة وحيدة في الغناء تمثلت بأغنية (الشاب العربي) التي تحدثت عن ضياع هذا الشاب في غمار الأزمات والتيارات التي تشمل الوطن العربي. وعاد بنا حسام تحسين بك ثانية إلى الغناء الاجتماعي الكوميدي الناقد من خلال أغنية (حبايبنا) التي قدمها باسلوب كوميدي وباقتدار الفنان رياض مرعشلي. وأعادنا رياض إلى هذا اللون الغنائي الذي اختفى تماماً من حياتنا. وذكرنا بالأغنيات الجميلة لجوزيف صقر. وبالحقيقة فإن رياض لم يكن يغني فقط، وإنما كان يمثل أيضاً. وكان مسك الختام مع الأغنية الوطنية التي قدمتها المطربة سيلفي سليمان والتي ليست بحاجة إلى تعريف، فهي مغنية جوقة الفرح والمطربة الكلثومية الأداء.‏‏

ولابد من التوقف عند ناحية مهمة وهي أن المغناة قدمت كاملة وبالموسيقا والغناء بشكل حي بمرافقة الفرقة الوطنية للموسيقا العربية بقيادة عدنان فتح الله. وعادة يتم تقديم مثال هذه اللوحات باسلوب (playback). وقد قاد عدنان فتح الله الفرقة الموسيقة والغناء باقتدار وكان الانسجام بين جميع مكونات المغناء كاملاً. وهذه أول مرة يقود فيها عدنان فتح الله لوحة غنائية بهذا الحجم. أما الكورال فكان أداؤه متناغماً مع مجمل العمل، ويعود سبب ذلك إلى التدريب المتقن الذي تلقاه على يدي نزيه أسعد.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية