تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


النوم على أمجاد غابرة

رؤيـة
الأحد 20-12-2015
 أديب مخزوم

من أبرز المظاهر السلبية في حياتنا العربية المعاصرة، الاكتفاء بالنوم على أمجاد الماضي والمجاهرة بالقول: إن العرب كانوا سباقين في اكتشاف مرتكزات الحضارة الحديثة، في شتى الميادين والمجالات،

ففي الفن مثلاً تتكرر: مقولة أن المعطيات الجمالية المحلية القديمة، الفسيفسائية والزخرفية والحروفية وسواها، شكلت مصدر الهام واستيحاء للعديد من كبار قادة الفن الحديث، في الغرب الأوروبي، وفي مقدمتهم «بابلو بيكاسو» حيث يكررون عبارة منسوبة له جاء فيها: «إن أقصى نقطة وصلت إليها في لوحاتي، وجدت أن الفن العربي، قد سبقني إليها منذ أمد بعيد».‏‏

والسؤال: هل مطلوب من المثقف العربي، أن يكتفي بالنوم على أمجاد غابرة، وماذا قدمنا لثقافة فنون وآداب القرن العشرين ومطلع الألفية الثالثة، رغم وجود بعض الاستثناءات القليلة والنادرة، من أمثال فريد الأطرش، الذي اعتبرته منظمة اليونيسكو الدولية شخصية عام 2015 وبذلك تكرس اسمه كفنان عالمي، قدمت بعض ألحانه وأغانيه، بأصوات مطربين ومطربات أجانب في الشرق والغرب، ووزعت بعض الحانه عالمياً، بعد طباعتها على أسطوانات في عواصم كبرى.‏‏

كما تعرف العالم إلى الرواية العربية، بعد أن ترجمت أعمال نجيب محفوظ إلى العديد من اللغات الحية، اثر حيازته على جائزة «نوبل» للآداب، ولايستطيع أحد أن ينكر شهرة ونجومية عمر الشريف العالمية، لاسيما وان اسمه كان يوضع على بوسترات بعض أفلامه، قبل أسماء بعض كبار نجوم هوليوود، وبنفس الحجم. هذه أسماء عالمية بامتياز، وليس بالإدعاء، كما هو الحال بالنسبة لعدد لايحصى، من أدعياء العالمية من المغمورين والفاشلين والدخلاء.‏‏

ما أردت الوصول إليه يتلخص في أن حركتنا الثقافية، في زمن أزمتنا الحضارية والوجودية المتفاقمة، لاتكتفي بالنوم على أمجاد غابرة، بل تطالب مبدعيها بالبحث عن منفذ نحو جديد الإبداع، لأن الابتكار هو العنصرالوحيد الذي يقربنا، في أزمتنا من الحضارة والانسانية والتراث.‏‏

facebook.com/adib.makhzoum‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية