تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


التحالف السعودي .. قراءة في التوقيت والأهداف

متابعات سياسية
الأحد 20-12-2015
 فؤاد الوادي

دون مقدمات وبشكل مفاجئ من شأنه أن يثير الكثير للريبة والاستغراب ويطرح العديد من التساؤلات وإشارات الاستفهام .. أعلن النظام السعودي الأسبوع الماضي عن تحالف جديد ضم بحسب ما أعلن نحو 34 دولة لما قال انه حلف لـ (محاربة الإرهاب).

في المبدأ إن تشكيل هذا التحالف بهذه السرعة وفي هذا التوقيت تحديدا حيث لا تحتمل المنطقة وجود تحالفات جديدة، في ظل وجود تحالفين كبيرين ورئيسين متناقضين في الرؤى والأهداف، الأول هو التحالف الأميركي الذي يضم بين طياته معظم الدول التي أعلن النظام السعودي أنها منضوية في تحالفه الجديد، وهذا التحالف يدعم الإرهاب ويحتضنه ويدعي في الوقت ذاته انه يحاربه وهذا ما لم يثبته منذ أكثر من عام على تاريخ إنشاء هذا التحالف، أما التحالف الثاني فهو التحالف السوري الروسي الذي اثبت فاعليته وجديته وقدرته على محاربة الإرهاب بالوثائق والصور .. هو أمر يحمل الكثير من السريالية والغوغائية والاستعراض الذي يهدف إلى التغطية على الفشل والعجز الصارخ عن تحقيق أي من الأهداف على الأرض سواء في اليمن أو في سورية أو على مستوى المنطقة .‏‏

كما أن تشكيل هذا التحالف بهذه السرعة التي فاجأت الجميع بمن فيهم بعض أطراف هذا التحالف التي أعلنت عدم علمها أو معرفتها بتشكيل هذا التحالف أصلا (لبنان وباكستان)، قد يكون في احد أوجهه ردة فعل من النظام السعودي بعد إحساسه بأنه بات خارج اللعبة الدولية نتيجة التجاهل الأميركي الواضح له في مقدمات ومخرجات (فينبا 1 و فيينا 2)،وهو الأمر الذي يعتبر جنوحا سعوديا نحو مزيد من الارهاب، وهذا ما أشار إليه صراحة الرئيس بوتين منذ يومين، وبالتالي فإن تشكيل التحالف هو صرخة سعودية يقصد من ورائها إيصال رسالة بأن الرياض قادرة على التغريد لوحدها و اللعب منفردة بعيدا عن تعليمات وأوامر السيد الأميركي، وهذا بحد ذاته منتهى السذاجة والتهور لان الصرخة السعودية ليست إلا في واد سحيق لن يسمعها الأميركي الذي سيعيدها مرغمة إلى الحظيرة الأميركية.‏‏

كما يمكن القول إن الغاية الأساسية من تشكيل هذا التحالف هي التشويش على التحالف السوري - الروسي الذي يحقق انجازات صادمة في الميدان قد تؤدي إلى انقلاب واضح في الموازيين والمعادلات، من شأنها أن تساعد في دفع عجلة الحل السياسي التي بدأت بالدوران رغم كل الحالة التشاؤمية التي يرخيها السلوك الأميركي الغامض، ما يدفع للقول إن تشكيل هذا التحالف يقصد من ورائه وضع العصي في عجلات الحل السياسي.‏‏

ما هو مؤكد أن محاربة الإرهاب لا تحتاج إلى تشكيل تحالفات جديدة لمجرد الاستعراض والاستهلاك الإعلامي واستنزاف المزيد من الوقت لتحقيق غايات وأهداف فردية على حساب دماء الشعب السوري، بقدر ما تحتاج إلى نوايا صادقة وجادة وحقيقية وهذا ما قالته سورية وأكدت عليه مرارا وتكرارا.‏‏

لكن السؤال الذي يتدحرج ككرة الثلج والذي يبدو أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى ، خاصة في هذه المرحلة الفاصلة في تاريخ المنطقة والأمة العربية.. لماذا لم تقم السعودية بتشكيل تحالف لمحاربة الكيان الصهيوني الذي يمثل رأس الإرهاب في المنطقة والعالم من اجل إنقاذ الشعب الفلسطيني من إرهاب الاحتلال وإجرامه ومن أجل تحرير الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة .. سؤال قد تبدو الإجابة عليه صعبة ومستحيلة بالنسبة للكثيرين ممن تواطؤوا مع الاحتلال والغرب لتدمير شعوب المنطقة لكنها بالنسبة لمن يدافعون عن شرف الأمة وتاريخها ساطعة كنور الشمس.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية