|
معاً على الطريق المثال الحي لهذا الحال الأميركي « أي التصريحات المتناقضة» هو التدخل السافر للرئيس الأميركي باراك أوباما امس في الشأن الداخلي السوري وعودته الى «نغمة التنحي» والحديث عن قضايا تمس منصب رئيس الجمهورية والسيادة الوطنية السورية بعد صدور قرار مجلس الامن رقم (2254) وقبل أن يجف الحبر الذي كتب فيه القرار. إن عودة اوباما لطرح ملف اصبح من الماضي له تفسيران الاول: أنه لم يسمع بقرار مجلس الأمن الأخير ولم يطلع على بيان جنيف الذي لم يذكر أي شيء يتعلق بالرئيس إطلاقا، والتفسير الثاني: أنه لم يتعلم الدرس بعد خمس سنوات من الصمود السوري، ولا يزال يستقي معلوماته من أدواته في المنطقة وفي مقدمتهم آل سعود الذين يعيشون خارج التاريخ في نظرتهم للاوضاع في المنطقة. مع الأسف لم يترك أوباما أي مصداقية للمؤسسات الأميركية والأمم المتحدة إلا و فرط بها بعد أن استخدم التنظيمات إرهابية الوهابية المنشأ بدلاً من القوات الاميركية لتحقيق مشاريع بلاده في المنطقة وهذه التنظيمات لن يكون الشعب الاميركي بمنأى عن شرها متى تمكنت من ذلك. يعد تصريح الرئيس الأميركي بشأن منصب الرئيس في سورية والذي يمثل قمة هرم السيادة الوطنية مؤشراً كبيراً على محاولة إدارة أوباما لعرقلة أي مسار يفضي إلى حل الأزمة في سورية وإيقاف الحرب الإرهابية عليها، كما تدرج كل التصريحات التي يطلقها وزير الخارجية الأميركي في سياق حالة التناقض التي ميزت هذه الإدارة عن غيرها. إن إصرار الرئيس الأميركي أوباما على الربط بين تحقيق تمنياته الواهية بشأن منصب الرئيس في سورية، وبين إيجاد حل سياسي للأزمة في وقف إراقة الدماء وتحقيق السلام» يحمل ادارته المسؤولية القانونية والسياسية والإنسانية عما تعرضت له سورية جراء الحرب الإرهابية عليها طوال السنوات الخمس الماضية. لقد ضرب أوباما كل جهود وزير خارجيته جون كيري والافكار التي تبلورت بعد لقائه نظيره الروسي سيرغي لافروف بعرض الحائط عندما اعتبر ان هذه الجهود لا قيمة لها ان لم تؤد الى تحقيق عملية انتقال سياسي تصب في خدمة المشروع الأميركي في المنطقة محاولاً في ذلك الأخذ بالسياسة ما لم يتمكن من إنجازه بالحرب الإرهابية على سورية. إن التحليل المنطقي لتصريحات أوباما يكشف حجم المغالاة والمكابرة في طرح أوباما لملف أصبح تحقيقه شيئاً من الماضي المنسي, لأن الواقع على الأرض لم يعد يسمح لأميركا بفرض شروطها في ظل التطورات العسكرية والأمنية في المنطقة وخارجها. وعلى ما يبدو أن أوباما الذي «يخاف من تسلق الأشجار وفق مقربين منه» صعد على شجرة طويلة الساق قياساً بمشروعه بعد دعوات وتمنيات واستجداءات له بنطق كلمة «التنحي» لكنه لم يدرك صعوبة النزول عن الشجرة بفعل فوبيا التسلق. يقول المختصون في علم المفاوضات اطلب الكثير لتحصل على القليل، وربما يفعل أوباما الشيء ذاته فيما يتعلق بالوضع في سورية وأي شيء غير ذلك هو اضغاث احلام . |
|