|
بقلم ايمانويل واتيليه والتي تحاول أن تنسب الأعمال الإجرامية إلى جانب واحد وهو الحكومة السورية . لفت انتباهي في الثالث عشر من شهر ايلول المنصرم تغريدة لمدير منظمة هيومان رايتس ووتش كينيث روث , ينشر فيها رسماً بيانياً يؤكد أن 6% فقط من عمليات الجيش السوري العسكرية موجهة ضد داعش . ولم يشر الرسم البياني إلى أي مصدر . وطلبت معرفة مصدر هذه المعلومة , استناداً إلى ما أذكره عن الدعم الشعبي الكبير الذي يحظى به الرئيس بشار الأسد وفق مختلف استطلاعات الرأي . ولم يكلف كينيث روث نفسه عناء الرد على طلبي , ولكن أحدهم يدعى « عبدول « (@al_7aleem) وهو اسم مستعار تولى حمل الراية واستنسخ رسومات حاسوبية أخرى يحمل الحكومة السورية المسؤولية أيضاً , مؤكداً أن 95,4 من السوريين الذين يقتلون على يد الجيش السوري هم مدنيون . وبسبب الضغط في ضرورة كشف المصادر , أكد أن هذه المعلومات مصدرها ( منظمة حقوق إنسان مقرها في سورية ) ويتم جمعها من قبل « الشبكة السورية لحقوق الإنسان ». وهذه « الشبكة السورية « ووفق عبدول لا تتلقى تمويلاً من قبل الحكومات الأجنبية وتفرض قيوداً صارمة على صحة معلوماتها . ومن المهم الإشارة هنا أن صحفاً مرموقة على غرار صحيفة لوموند الفرنسية استشهدت بهذه البيانات في مقال بقلم مكسيم فودانو في أحد أعدادها تحت عنوان لا لبس في استشهاده باستنتاجات المنظمة المذكورة دون التشكيك فيها :» من المسؤول عن المزيد من الضحايا في سورية : داعش أم النظام السوري ؟ « مع الإشارة إلى أن الموقع الالكتروني للشبكة السورية لحقوق الإنسان لديه قسم يغطي مختلف وسائل الإعلام التي تستشهد فيه . وكما سنلاحظ , تنطوي هذه التأكيدات على جملة أكاذيب صارخة . دعونا ننظر في « الشبكة السورية لحقوق الإنسان « . على صفحة تعريفها , تقدم نفسها بصفة منظمة « مستقلة « تتحقق من « الانتهاكات التي تقترفها كل الأطراف « في سورية منذ عام 2011 . وهذه المنظمة على غرار المرصد السوري لحقوق الإنسان , الذي فقد مصداقيته حالياً على نطاق واسع مسجلة في بريطانيا – وتلك معلومة , في حد ذاتها تعتبرها غير محايدة . وعلى الرغم من ذلك تؤكد أنها تعتمد على ( العشرات من الباحثين والناشطين ) في سورية . فما المشكلة الأساسية لهذه الصفحة ؟ لا أحد يتحدث عن تمويلها . ونحن نعلم أن مثل هذا العمل يحتاج إلى أموال طائلة , هذا من جهة , ومن جهة أخرى نعلم أنه لا يوجد عاقل يسعى لتمويل منظمة تعمل ضد مصالحه الخاصة . وعلى هذا الأساس إن وجدنا ممول هذه المنظمة سنعرف ما هي مصلحتها . كما أشرت آنفاً , تحرص الشبكة على عدم تحديد مموليها . وفي المقابل , يشير موقعها الالكتروني أن تلك « الشبكة السورية « هي عضو في ICRtoP ( التحالف الدولي لمسؤولية الحماية ) . ويستند التحالف المذكور على قاعدة تنص على (مسؤولية الحماية ) المستخدمة ذريعة للتدخل العسكري في الدول . وهو منقوش بالرخام مع الوثيقة الختامية لمؤتمر القمة العالمية للأمم المتحدة لعام 2005 . ويعتبر هذا المبدأ مشكوكاً فيه بحد ذاته لأنه يسمح للقوى الموجودة ووفق مصالح مختلف الأطراف مهاجمة دولة من الدول النامية . ووفق ذلك فهي تتعارض مع القانون الدولي ومع مبدأ عدم التدخل الذي يفرض « احترام السيادة السياسية لدولة من خلال عدم التدخل في شؤونها الداخلية « . ولكنه على غرار الشبكة السورية لا يفصح عن مصادر تمويله , ومن الممكن أن يعود أصله إلى منظمة « أم « حسبما يشير موقعه الالكتروني . حيث ينبغي توجيه المراسلات إلى ( التحالف الدولي ) إلى « حركة العالم الفيدرالي – معهد السياسة العالمية « . وهذه الحركة أكثر انكشافاً من المنظمتين السابقتين بما يتعلق بتمويلها . وعلى صفحتها ( من نحن – الممولون ) نعرف من خلال اللائحة الشاملة التي تشير فيها إلى المانحين كم هي المنظمات التي تمولها الحركة تعتبر « مستقلة « و « غير حكومية « ! ومن شأن تحقيق مفصل لكل الأموال أن يكشف الخفايا , ولكن ليس هذا غرضي في هذا المقال . في البداية إن العديد من الحكومات , وعلى عكس ما أكده عبدول توفر التمويل إلى الشبكة السورية عبر التحالف الدولي لمسؤولية الحماية وعبر الحركة الفيدرالية العالمية . والقول إن تلك الشبكة لا تتلقى أموالاً من الحكومات هي كذبة فاضحة . ومن المهم أن نلاحظ أن من بين الحكومات جميعها ( ومن ضمنها الاتحاد الأوروبي ) وهي من المعسكر الغربي , لا نجد اسماً لروسيا أو فنزويلا . وجميع المانحين يتقاسمون فكراً عقائدياً موحداً . والحقيقة الواضحة الجلية هي أن لا أحد يمنح أموالاً لمنظمة تتعارض مع مصالحه . وليست الحكومات وحدها هي المصدر التمويلي الوحيد لتلك الحركة . فمن ضمن الممولين نجد في المقدمة مؤسسة فورد ومؤسسة المجتمع المفتوح للملياردير الأميركي المولود في هنغاريا جورج سوروس , الذي يقدم نفسه كأحد المحسنين . ولمع نجم سوروس عام 1992 حينما قاد هجوم مضاربة ضد الجنيه الاسترليني , والذي أغرق انكلترة في ركود مع ما رافقه من عواقب اجتماعية . وفي العام التالي أسس سوروس معهد المجتمع المدني وهو وفق ما يذكره برونو دروسكي « يدعم تحرير الاقتصاديات وفي نفس الوقت يفكك النسيج الاجتماعي من خلال تعزيز سياسة تدعو بحجة التسامح إلى ظهور هويات ثقافية وعرقية ودينية وأخلاقية متعايشة ومتعارضة مع بعضها البعض . ويرتبط ارتباطاً وثيقاً مع مجموعة كارلايل ومع المجمع الصناعي – العسكري « يتعاون سوروس ويشترك بتمويل مبادرات تطلقها هيئات مثل هيومان رايتس ووتش وفريدوم هاوس والصندوق الوطني للديمقراطية » .والعديد من هذه المصادر التي تكشف مدى ارتباط هذه المنظمات بوزارة الخارجية الأميركية تشير إلى مشاركتهم في العمل على زعزعة استقرار دول من خلال تدريب وتمويل ناشطين , ضاربين عرض الحائط بمبدأ عدم التدخل . وبالتالي فنحن أبعد ما يكون عن هيئات «مستقلة»غرضها فضح الانتهاكات التي يقترفها جميع الأفرقاء . أما بشأن الطرفين اللذين نقلا تلك المعلومة , فإن كينيث روث مدير منظمة هيومان رايتس ووتش يتلقى تمويله من جورج سوروس , بينما عبدول هو مدون يسعى إلى «تكذيب وسائل الإعلام الحكومية السورية » والايقونة التي يستخدمها على مدونته والتي صورت قبضة يد مرفوعة ليست بريئة , ويعود أصلها إلى حركة اوتبور الصربية (وكان سوروس أحد المانحين لها ) وقد تم فيما بعد استخدام هذه الصورة الرمز من من قبل ناشطي « الثورات العربية « والذين أشار لهم أحمد بن سعدة في كتابه ( الأرابيسك الأميركية ) أنهم تدربوا وتمولوا قبل هيئات مختلفة قريبة من وكالة السي أي إيه . وبالتالي فإن الناشط على تويتر @al_7aleem مرتبط بالمصالح الأميركية , وبتلك البنوة . صحيح أنه لا توجد حرب « نظيفة » إلا أن البيانات الكاذبة التي ينشرها الإعلام الغربي تسعى إلى العمل من الجانب الحكومي السوري المسؤول الرئيسي لتلك الانتهاكات . وهكذا تم التعتيم على دعم الناتو وحلفائه للجماعات المتطرفة ومصادرة حركة شعبية . كما وحجبوا حقيقة أن الهدف في سورية كما في ليبيا ليس « ترسيخ سلطة القانون , احترام حرية الإنسان والأقليات والتنوع في الرأي والحكومات المنتخبة ديمقراطياً « وفق معايير مؤسسات المجتمع المدني , وإنما نشر الفوضى . |
|