|
الافتتاحيــة وفيما كرة الثلج التي تتقاذفها الأيدي، كما هي الأرجل، تتدحرج مفسحة المجال أمام سيل لا ينتهي من التكهنات والتكهنات المضادة، تقف على الحياد قضية التورط التي بات من الصعب نفيها، كما أنه من العسير تجاهل ارتداداتها وهي تسجل فصلاً جديداً في المشهد اللبناني. فالمسألة التي حرص لبنان الرسمي على مداراتها على مدى الأشهر الماضية، وأحياناً تجنب ملامسة خطوطها الملتهبة..!! تبدو اليوم على المحك ليس باعتبارات السياسة، وإنما بمعايير الجرم والتورط في سفك الدم السوري، دون أن نتجاهل ما ينطوي عليه من حسابات تقتضي في حدّها الأدنى تعديل الكثير من المعادلات القائمة. في جوهر المعضلة أن التورط ليس ناتجاً عن قرار فردي اتخذه أحد النواب، وإنما هو تنفيذ لسياسة تيار سياسي مكلف من قبل رئيسه مباشرة بالأمر، وفي جوهرها أنها لا تقتصر على التورط السياسي في تفجير العلاقة السورية - اللبنانية، بل تمتد إلى عمق المأزق حين تكون أحد أخطر العوامل الملازمة لسياسة التيار في بناء موقف يعتمد في خلاصته على اللجوء إلى السلاح مباشرة وبالوكالة إلى ترجمة حقدهما الشخصي على السوريين دون تفريق على قاعدة الانتقام الأسود. بكل الحالات يبدو الاستعصاء السياسي اللبناني في محاكاة المعضلة وفق ما تقتضيه، قد تجاوز حدود الحياد الذي يعتصم به الموقف الرسمي، في مواجهة تيارات سياسية لم تكتف بالجلوس جنباً إلى جنب في مقطورة واحدة مع الإسرائيلي والأميركي، بل ارتضت أن تكون أحد أوجه القاعدة والتنظيمات التكفيرية التي أنجزت موضوع مصالحتها الكبرى مع الأميركي، ولم تكن بالأساس هناك مشكلة مع الإسرائيلي. على المقلب الآخر تبدو المسألة أكثر استعصاءً وتواجه مأزق الدفع بأي ثمن من منطق الدفاع عن التورط الشخصي، والمفارقة أن الخلاص الفردي الذي يطفو على السطح لدى الكثير من شخصيات تيار المستقبل يزيد من ملامح ومؤشرات الغرق في المستنقع بعد أن أشكلت عليهم القضية، وبدت حرابهم المرفوعة والجاهزة للطعن بوجود حاجة أو من دونها، جاهزة لمحاربة طواحين الهواء التي ارتسمت أمام أعينهم وبعضهم على الأقل لا خبر له ولا علم!! بالطبع لم يكن متاحاً أمام الكثيرين منهم متسع من الوقت لالتقاط الأنفاس، خصوصاً أن كرة الثلج المتدحرجة أمام أعينهم تنقلهم من موقف إلى آخر، وكلما بان وجه تلعثمت الألسن أكثر مما هي عليه. ما يهمنا فعلاً أن الكرة ليست فقط في ملعب اللبنانيين، على المستوى الرسمي كما هي في المقلب الآخر، بل أيضاً في مسح لكثير من الببغائية السياسية التي أتحفتنا بها تصريحات ومواقف قوى وتيارات لبنانية تعكس وجه الإفلاس السياسي والعجز، وهي تحاكي واقعاً أسود تلطخت يديه بالدم السوري وبالتورط في البيع والشراء على حساب هذا الدم سلاحاً ومرتزقة وتنظيمات. كرة الثلج ربما كشفت الكثير مما كان يتوهم بعض المتورطين بأنه لن ينكشف وتميط اللثام عمّا لا يصح -وفق منطقهم- أن يظهر تحت أي ظرف.. ما بان تحت ورقة التوت الساقطة نعرفه جميعاً.. وبدل أن يسارعوا إلى مداراته.. نشهد سباقاً غير أخلاقي في عرض تفاصيله، وفي محاباة لوجوه قذرة، توقد ما تبقى من أعواد ثقاب ليس في هشيم «النأي بالنفس» بل وفي النفس ذاتها. كرة الثلج تلك لن تكتفي بفضح أصابع لبنانية تورطت.. بل ستكشف أيضاً عن سواعد إقليمية وعربية تتوافر عليها الأدلة والقرائن.. ولن يطول الزمن حتى تتوافر الاعترافات.. وهذه المرة ممهورة بمحاضر الجلسات وبكل ما يفوح من الغرف المغلقة.. السوداء منها.. والكالحة السواد في حقدها!! |
|