تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الهنــــــــد تحتفــــل بعيـــــــد الجمهــوريــــة الستين.. علاقات متميزة مع الدول العربية ودعم متواصل لقضاياها العادلة

دمشق
الثورة
أخبار
الثلاثاء 27-1-2009م
تحتفل الهند بعيد الجمهورية الستين في السادس والعشرين من كانون الثاني 2009، ففي مثل هذا اليوم من عام 1950 أقرت الهند دستورها وأصبحت جمهورية، ولهذا اليوم دلالة عاطفية للهنود أكثر منها على المستوى السياسي

فما يلازم هذا اليوم هو الإقرار بأننا نعيش في أمة علمانية ديمقراطية مستقلة تتنفس مبادئ الإخاء والعدالة والحرية والمساوة.‏

الهند واحدة من أقدم الحضارات في العالم بتراثها الثقافي الغني والمتنوع وقد شهدت نهوض وسقوط عدة إمبراطوريات، كما أنها تعرض استيعاباً فريداً لتراث وحضارات متنوعة. الهند بلد متنوع، وهذه الحقيقة جليّة في شعبها وثقافتها ومناخها، وقد حققت ارتقاءً اقتصادياً اجتماعياً متعدد الأوجه خلال الستين سنة الماضية من استقلالها.‏

صورة الهند في العالم اليوم هي صورة الأمة الناهضة المتقدمة، والحقيقة أن الهند قد قطعت العديد من الحدود في جميع القطاعات: التجارة والتكنولوجيا والتنمية وغيرها في الماضي القريب، أما سياسياً فالهند ليست الديمقراطية الأكبر في العالم وحسب، بل إن ديمقراطيتها تشاركية تزدهر بشكل متزايد .‏

مضت الهند من الناحية الاقتصادية في طريق طويل من كونها اقتصاداً زراعياً بشكل رئيس لتصبح قوة اقتصادية صاعدة يعترف بها العالم، وهي اليوم ديمقراطية السوق الحرة الأسرع نموا في العالم. شهد الاقتصاد الهندي منذ تحريره عام 1991 تغيرات هامة فقد سجل معدلات نمو لافتة خلال سنوات الاصلاح الثماني عشرة الماضية، وارتفع إجمالي الناتج المحلي من 1،3٪ في 1991 - 1992 مسجلاً زيادة بنسبة 8٪ خلال 2003 -2008 تحقق هذا الأمر مع تجنب التمزقات الاجتماعية الخطيرة التي غالباً ماترافق التغييرات الجذرية.‏

أكثر المزايا تأثيراً في « قصة نمو الهند» سيطرة الصناعات القائمة على المعرفة والتقنيات المتقدمة في الأداء الإجمالي للنمو.‏

العلاقات العربية الهندية:‏

تتأكد علاقات الهند مع دول غرب آسيا/الشرق الأوسط عبر الروابط التاريخية الحضارية متعددة الجوانب، وفي العصر الحديث تعززت الروابط بين الهند والعرب عبر التجارب التاريخية وعدم الانحياز إضافة إلى الازدهار الاقتصادي في الخليج وحاجة الهند للنفط والغاز الطبيعي، فهذه المنطقة تحتضن أكبر جالية هندية مغتربة، وللهند رهان حيوي على استقرار وأمن ورفاه هذه المنطقة كما أنها تولي أهمية عليا لعلاقاتها مع العالم العربي. تتشارك الهند مع العالم العربي بأهداف مشتركة هي السلام والاستقرار والأمن، وقد وُجد بين الجانبين تقليد من التفاهم الممتاز حول القضايا الرئيسية، فالهند دعمت القضايا العربية بثبات وبكافة الاشكال، كما أدت الزيارات عالية المستوى من الهند ومن الدول العربية عبر السنوات إلى تضامن وتوسيع للعلاقات الثنائية.‏

العلاقات السورية الهندية:‏

تمتعت سورية والهند بروابط حضارية قديمة فقد كانتا كلتاهما على طريق الحرير الذي تمت عبره التبادلات الحضارية لقرون. ازدهرت أحد فروع المسيحية في الهند وهي الكنيسة المسيحية الأرثوذكسية السورية في الهند وهي من أصل سوري، كما جلب القديس توماس اللغة السريانية القديمة ذات الأصل السوري إلى كيرالا في القرن الأول الميلادي، وازدهرت هذه اللغة منذ ذاك الحين ولاتزال تدرس في كليات وجامعات كيرالا.‏

العلاقات السياسية:‏

يوجد بين الهند وسورية تقليد دائم بالمشاورات والتقارب حول القضايا الدولية على الصعيدين الثنائي والمتعدد الأطراف، وقد أكدت الحكومات المتعاقبة في الهند على دعمها للقضايا الفلسطينية والسورية ولحقوقهما وطموحاتهما المشروعة في إطار قرارات مجلس الأمن ومبدأ « الأرض مقابل السلام»، كما دعمت الهند على الدوام ومن دون تنازل مطلب سورية في إعادة مرتفعات الجولان، وهي، كما سورية، تؤمن أن السلام يجب أن يكون عادلاً وشاملاً ليكون مستقرا . حصلت في هذه المنطقة الحيوية تغييرات خطيرة جعلت دور سورية اكثر اهمية ، واعترفت الهند بدور سورية الهام في استقرار المنطقة.‏

استمرت العلاقات السياسية على الصعيد الثنائي نموذجا يحتذى به ، فقد زار معاون وزير الخارجية الهندي السيد إي . أحمد سورية في اذار 2008 للمشاركة في القمة العربية في دمشق كجزء من المشاورات السياسية المنتظمة ، كما زار مبعوث الهند الخاص الى غرب اسيا السيد سي .آر. غاري خان سورية في نيسان 2008 للتشاور حول قضايا اقليمية .‏

اكثر الزيارات اهمية كانت زيارة السيد الرئيس بشار الأسد برفقة السيدة عقيلته الى الهند من العام الماضي التي فتحت فصلا جديدا في العلاقات السورية الهندية ، فهي الزيارة الاولى لرئيس سوري منذ زيارة الرئيس الراحل حافظ الأسد الى الهند عام 1978 قبل ثلاثين عاما.‏

و قد القى الرئيس الأسد خطابا في مأدبة غداء ضمت غرف التجارة و الصناعة في دلهي اضافة الى محادثاته مع الرئيسة براتيبها باتيل و نائب الرئيس حميد انصاري و رئيس الوزراء مانموهان سينغ و وزير الخارجية برناب موخرجي وغيرهم من القادة السياسيين.‏

وزار السيد الرئيس ايضا مركز المعلومات الوطني في ديه و مركز ابحاث الفضاء الهندي و المعهد الهندي لتكنولوجيا المعلومات في بنغالور و المعهد الهندي للادارة و انفوسيس في بنغالور بعيدا عن تاج محل في اغرا.‏

تم اثناء الزيارة ايضا التوقيع على اتفاقات مثل اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي و اتفاقية ترويج وحماية الاستثمار وخطة عمل للتعاون في مجال الزراعة و القطاعات المتحدة .وكان التركيز الرئيسي للزيارة على اعطاء مزيد من الدفع للعلاقات الاقتصادية السورية الهندية .‏

شهد هذا العام عددا متزايدا من الوفود التجارية و وفود الاعمال من كلا الجانبين وشاركت العديد من الشركات الهندية الرائدة من القطاع العام و الخاص في معرض دمشق الدولي في شهر آب 2008 متلقية استجابة مشجعة على جبهة التجارة الثنائية .‏

العلاقات الاقتصادية‏

شهدت السنوات الاخيرة تعزيز العلاقات الثنائية في المجال الاقتصادي استنادا الى الاساس السياسي القوي و قد ظهرت شراكات اقتصادية جديدة واعدة في السنتين الاخيرتين تشمل مجالات متنوعة كاكتشاف و انتاج النفط والغاز و الالات و التقانة و الحيوية وتكنولوجيا المعلومات و المساعدة في المشاريع و الزراعة و التعليم .‏

وصلت التجارة الثنائية خلال 2007 - 2008 الى 693 مليون دولار مقابل 488 مليون دولار في السنة السابقة بمعدل نمو وصل الى 42٪ ، وقد بلغت صادرات الهند الى سورية 673 مليون دولار مسجلة نموا سنويا بـ 29٪ بينما كانت واردات الهند من سورية في 2007- 2008 20 مليون دولار .‏

تعمل ONGCفيديش المحدودة ، وهي شركة قطاع عام ، في مجال اكتشاف النفط مسبقا في منطقة دير الزور وقد حازت حصة في شركة الفرات للنفط مع الصين سوية باستثمار 573 مليون دولار وربحت شركة ابولو الهندية الدولية مناقصة لاعادة تأهيل وتحديث معمل حماه للحديد و الصلب كما ربحت شركة القطاع العام العملاقة BHELعقدا لمشروع محطة تشرين.‏

وقعت شركة هندية اخرى عقدا للانتاج المشترك للجرارات في سورية تورد الشركات الهندية ايضا معدات تحريك التربة الى سورية و آلات قطاع الطاقة و الادوية و غيرها من السلع للسوق السورية و تسعى الهند بدأب نحو فرص للتعاون و المشاريع المشتركة في قطاعات النقل و الاسمدة و الصلب و الصناعات الدوائية و نقل الطاقة و تكنولوجيا المعلومات . تساعد الهند سورية في اقامة مركز للتقانة الحيوية بمنحة قدرها مليون دولار لتغطية التجهيزات و التدريب ، كما توجد خطط لترويج التعليم في تكنولوجيا المعلومات ايضا.‏

اوجدت اليات مؤسساتية متنوعة من اجل التعاون الثنائي كلجنة الهيدروكربون السورية الهندية ومجلس الاعمال المشترك و المفوضية المشتركة و المكتب الخارجي للاستشارات بهدف الحفاظ على الزخم في العلاقات ، كما يتوفر خط الاعتماد الذي اعلن عنه اثناء زيارة رئيس الوزراء الهندي الى سورية اواخر 2003 بقيمة 25 مليون دولار .‏

حوار بين ثقافتين‏

زادت التبادلات الثقافية و التعليمية و التدريب الفني و المساعدة الى جانب تزايد التجارة و الاستثمار ، فقد زادت المنح الدراسية المقدمة الى سورية بموجب البرنامج الهندي للتعاون الفني و الاقتصادي من 35 منحة في 2005 ـ 2006 الى 50 منحة في السنة حاليا .وصلت النشاطات الثقافية و الخارجية للسفارة ابعادا جديدة في السنة الماضية متزامنة مع احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية 2008، ففي مناسبة عيد الجمهورية التاسع و الخمسين في الهند و تحت رعاية سعادة الدكتورة نجاح العطار نائبة رئيس الجمهورية و بالتعاون مع جامعة دمشق نظمت السفارة معرضا للصور الضوئية عن المهاتما غاندي ـ حياته و رسالته في قاعة رضا سعيد للمعارض في جامعة دمشق ، وافتتحت الدكتورة العطار هذا المعرض للعموم من 27 الى 31 كانون ثاني 2008.‏

نظمت السفارة الهندية بالتعاون مع وزارة الاعلام معرضا للصور الضوئية عن المهاتما غاندي ـ حياته و رسالته في صالة البعث من 11 الى 15 آب 2008 بالتزامن مع احتفالات العيد الحادي و الستين لاستقلال الهند.‏

شاركت السفارة الهندية بفعالية في النسخة السابعة من مهرجان طريق الحرير في شهر تشرين الاول 2008 ، كما شاركت ثلاث فرق ثقافية هندية في هذا المهرجان وضمت فرقة رقص البهانغرا بقيادة السيد ميجور سينج و مجموعة موسيقى الشيهناي بقيادة السيد دايا شانكار و مجموعة راجستان للموسيقى الفلكلورية بقيادة السيد سمدار خان لانغا .‏

شاركت السفارة الهندية في عرض الازياء التقليدية ومهرجان الاطعمة ومعرض الصناعات اليدوية التقليدية من دول طريق الحرير كجزء من احتفالية سورية بمهرجان طريق الحرير.‏

عرض احدعشر فيلما هنديا منها فيلمان حديثان هامان هما جودها اكبر و تارا زامين خلال مهرجان دمشق السينمائي الدولي السادس عشر في تشرين الثاني 2008 وعرض فيلم تاج محل قصة الحب الخالدة من اخراج اكبر خان كجزء من الامسية الهندية.‏

إن العلاقات بين البلدين العريقين سورية والهند مؤهلة للازدهار والفائدة المشتركة لشعبي البلدين استناداً إلى هذا المستوى من الثقة الموجودة بين الهند وسورية على جميع المستويات والاحتمالية الكبيرة غير المكتشفة للنمو الثنائي المترافق مع الجهود الجارية لاعادة تفعيل الروابط القائمة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية