تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قـــول الحـــق

معاً على الطريق
الأحد 19-2-2012
مصطفى المقداد

تقاربت الآراء إلى حد التطابق خلال الاجتماع الأخير الذي عقدته لجنة الدفاع عن الحريات الصحفية في الوطن العربي التابعة للاتحاد العام للصحفيين العرب الذي استضافته القاهرة الأسبوع الفائت

والذي خصص في الأصل لاعتماد الاستمارة الاستقصائية التي عملت اللجنة على تطويرها أكثر من مرة ، مستعينة بخبراء وأكاديميين من جامعة القاهرة متخصصين في الإعلام وعلم الإحصاء، تلك الاستمارة التي لم تقو في السابق على إعطاء صورة حقيقية عن واقع الحريات الصحفية في كل دولة على حدة، وفي المجمل بشكل عام، إذ إنها لم تكن تستجيب لجوهر مهنة المتاعب، تلك المهنة التي تركز على مناخ الحرية أساساً لأداء مهمتها الأساسية وبهذا جاءت الاستمارة الجديدة المعتمدة أكثر استجابة للتوصيف الأكثر دقة كونها دعمت باستمارة ثانية يتم توزيعها على هيئات ومنظمات المجتمع المدني الفاعلة والمؤثرة على الأرض.‏

وعدم الأخذ بالادعاءات لأصحاب ومديري بعض المنظمات التي تعتمد موقعاً وعنواناً الكترونياً فيما لا تضم أحداً غير صاحب الموقع نفسه..‏

والاستمارة لكونها إحدى أهم طرائق القياس فإنها قد شكلت أساساً للتباحث في الدور الذي تؤديه وسائل الإعلام وخاصة الفضائية منها، في تغطيتها للأحداث في المناطق الساخنة، وفي مناطق النزاعات وتغطيتها خاصة للأحداث في دول الربيع العربي المزعوم، ومدى التزامها بالمعايير المهنية وتحقيقها للصدقية والموضوعية في تعاملها مع الملفات الخلافية، وأخيراً مدى التزامها بالشعارات التي طرحتها..‏

وباعتبار الشأن السوري الأبرز حضوراً على الساحتين العربية والدولية فإن جل النقاش تركز حول طرائق وأساليب تعامل الإعلام المحلي والعربي والدولي بوسائله جميعها مع هذا الحدث الكبير، مجمعين على أن ما يتم تنفيذه في الداخل السوري أمر مخطط ومرسوم في الخارج ويندرج تحت مسمى المؤامرة، وتمرر تفاصيله مؤسسات إعلامية كبيرة، منفذة لمشروع سياسي دولي يتجاوز الحدود الضيقة لكثير من الدول، ومن الواضح أن تلك المؤسسات الإعلامية جانبت واجبها الأساسي، وابتعدت عن معايير المهنة الأقدس، وتخلت عن مواثيق العمل الصحفي، فصاغت القصص واختلقت الحكايا وقدمت صورة لا تمت إلى الواقع بصلة.‏

كما أنها قد ذهبت أبعد من ذلك في صنع الأحداث ذاتها، لا أن تكون متابعة لها الأمر الذي يبعد الوسيلة الإعلامية عن مهمتها الأساسية، ويضع الكثير من التساؤلات حولها، وهو ما يدشن مرحلة خطيرة تتحول فيها وسائل الإعلام للقيام بدور يتجاوز كل الحدود المعرفية ويستجيب لمطالب السياسيين وأصحاب المخططات ويساعدهم في تنفيذ مآربهم بل يغدو شريكاً أساسياً في الدور السياسي المرسوم والمنفذ.‏

وأمام هذا التوصيف المهني جاءت الدعوة للصحفيين العرب للوقوف على أساليب التعاطي الإعلامي المحلي والعربي والدولي مع الأزمة في سورية ومدى التزامها بالمعايير والمعارف والأعراف المهنية المتبعة على امتداد التاريخ الصحفي والموصوفة أكاديمياً والمقبولة علمياً وأخلاقياً من أصحاب المهنة وجمهور المتابعين لوسائل الإعلام المختلفة.‏

وفي النهاية تقديم شهادة مهنية لتكون وثيقة تاريخية لعمل الصحفيين العرب من جهة ولآليات العمل في وسائل الإعلام المختلفة وتجاوزاتها في حال وقوعها ومخالفاتها المرتكبة من جهة ثانية وإيداعها كوثيقة تضاف إلى أدبيات وأخلاقيات العمل الصحفي.‏

إن الصورة تبدو واضحة أمام أبناء المهنة، لكن الظروف السياسية الضاغطة تلقي بقواها على مسيرة التطورات اليومية. وهو ما يحول في الأغلب دون تقديم شهادات ووثائق مهنية يمكن أن تكون أدلة قاطعة في حضرة المحكمة المستقبلية التي ستقول قولها وتصدر حكمها وإني على أمل أن يكون هذا قبل الخراب والدمار.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية