تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الجرأة بين مسؤوليتها والرقابة الاجتماعية

فنون
الأربعاء 8-9-2010م
آنا عزيز الخضر

أفرز الإنتاج الدرامي المتطور للدراما السورية أعمالاً تعنى بقضايا مختلفة لم تقف مكتفية عند محطات نجاح حققتها بل تطورت معطياتها كي تستمد إبداعاتها أكثر وأكثر من رسالة الفن الحقيقية

عبر التقديم للمختلف والمتجدد والذي يمس قضايا من الواقع خاصة المحرمة منها وها هي الآن على بساط البحث بروح ناقدة بنّاءة وبطروحات جريئة حيث أثارت أعمال درامية سورية الكثير من التساؤلات المهمة والعديد من وجهات النظر الخلافية إذ لفتت النظر بجرأتها وأثارت الكثير من الحوارات والمواقف بتجاوزها ما هو مألوف، فهل الجرأة في الطرح ضرورة لابد منها..؟ وهل يمكن للعمل الفني أن ينهض بمسؤوليته من دونها..؟‏‏

وماذا عن الرقابة الاجتماعية..؟ تساؤلات توجهنا بها إلى عدد من المبدعين من كانت لهم تجارب أثارت ما أثارت من خلال جرأتها الكثير.‏‏

انحسار دور الرقابة‏‏

البداية كانت مع المخرج نجدت أنزور مخرج العمل الأكثر إثارة للحوار والجدل لهذا الموسم الدرامي (ما ملكت أيمانكم) فقال: ظروفنا تتطلب الأعمال الجريئة والطروحات التي تنبه إلى ما يحمله الواقع من مفارقات كثيرة، فالعمل واقعي بالدرجة الأولى ومن الضروري بمكان تسليط الضوء على الواقع والتعمق بانتقاد مفاهيم عشوائية كثيرة تغيب الأرضية المنطقية عنها وأقول أنا مع الجرأة دائماً فالفن يجب أن يكون جريئاً ويبتعد عن المجاملة، وبالنسبة للرقابة بشكلها الرسمي والاجتماعي فقد انحسر دورها أصلاً بوجود المطر الفضائي إن صح القول حيث يمكن للمشاهد أن يختار المحطة التي يريدها بكل بساطة ومن هنا يجب أن يكون شكل الطرح مالكاً للواقعية والصدق ويعالج الحقائق دون تزوير أو تجميل، فهناك حقائق في مجتمعنا لا يمكن تجاهلها أو التعامي عنها.‏‏

كما أن (ما ملكت أيمانكم) تتعامل بجرأة مع قضايا حياتية تتطلب جرأة المعالجة مثل قضية الجنس فمن الضرورة حضور الحوار بين الأهل والأبناء وهذا الكبت والتكتم حالة تخلق الكثير من التشوهات ومن الطبيعي كسر حاجز المعالجة عن هذه الحالة كما أن العمل يدافع عن الدين الإسلامي الحق وقد لامسنا قضايا محرمة سابقاً وبقوة عبر الاهتمام بحكايا عديدة وتطرقنا إلى قضايا التطرف والإرهاب من دون سند ديني حقيقي ولابد من القول إن كل حالة قدمتها تكاد تكون حقيقية وقد تواجه دوماً من العمل نماذج تتناقض وتتعامل في حال عولجت إذ يحضر دوماً الجيد بمقابل السلبي، فهناك الجالية العراقية وتقابل ما بين الأم وابنتها وهناك مصطفى يقابله الشيخ عمار ومحمود وغيرهم من النماذج الإيجابية فالعمل يدافع عن الإسلام الحقيقي بالشكل المطلق خلافاً على ما أثير حوله. ولابد من القول إنه نتيجة الجرأة في العمل تصاعدت الآراء إلى درجة الدعوات لإيقاف العمل وهنا لابد من أن أشكر وزارة الإعلام على موقفها الحضاري من الدراما السورية ومن العمل وعلى رعايتها للجرأة المطروحة في أعمالنا.‏‏

بين الجرأة والمجاملة‏‏

أما الكاتب مروان قاووق فتحدث عن (الخبز الحرام) الذي ناقش أيضاً قضايا جريئة تناولت الفساد الاجتماعي وفضح فئات اجتماعية تعتاش منه ويكون لها ضحاياها، فقال: من الضرورة أن تكون الجرأة الحامل الأهم لطرح المواضيع والمشكلات الحقيقية والتي يعاني منها المجتمع مثلاً (الخبز الحرام) اهتم بقضية المرأة بجرأة وبقسوة أيضاً وبتفاصيل تصور الواقع الذي يستغل المرأة بشكل بشع بهدف التعرية لهذا الواقع، إلا أنه حمل حقائق تحصل على أرض الواقع ومن الضروري معالجتها فدور الفن برأيي أن يطرح بجرأة هذا الغدر لا أن يجامل في قضايا هي خطيرة إن أخفيناها إذ يجب تصوير الواقع والتوعية حوله ليتم تجاوز هذه الحالات وتبعياتها وتداعياتها وأسبابها.‏‏

مسؤولية الفن‏‏

سألنا بعض الممثلين حول نفس الجانب فقال:‏‏

الفنان خالد القيش: الرسالة الفنية والمسؤولية الثقافية التي يحملها الفن يفرض الجرأة والمغامرة خاصة إن حمل العمل معطيات من الواقع، فالفن مسؤولية أولاً وآخراً وعليه أن يخاطب العقل بشكل من الأشكال استوعبته الرقابة الاجتماعية أم لم تستوعبه فطرح أي مشكلة يفيد في حلها وإن تواجدت آراء لا تستوعب هذه الآلية فالمكاشفة ضرورية من خلال الفن وبرأيي أن مهمة الفن هي طرح القضايا المهمة من حياة المجتمع وبشكل جريء ولابد من تسليط الضوء على الجوانب السلبية في المجتمع وتعريتها لا أن يقتصر الفن على المجاملة على حساب مسؤوليته الفنية والفكرية.‏‏

أما الفنانة صفاء رقماني فقالت: من جهتي كممثلة أفضل الأدوار المأخوذة من عالم الواقع خاصة إن حملت الفضح لما يحمله من الشرور والفساد الذي ينتقص من الذات الإنسانية الكثير الكثير.‏‏

ومن جهتي اعتبر أفضل الأعمال تلك التي تضع يدها على الجرح من خلال أسلوبها الفني والدرامي المتقن ومهما حملت من جرأة أو قسوة ووضوح لأنها تعني الاحترام لهذا المشاهد تحديداً عندما تناقش مشكلاته الحقيقية ومعاناته في المجالات المختلفة إن كانت اجتماعية أم مادية أم ثقافية فتشدني هذه الأعمال وأعتبر أن خياراتي الأفضل تلك التي تبحث في المشكلات الواقعية بصدق وجرأة وإن تناقضت الآراء تجاهها وكان خلافات حولها من قبل المتلقي كرقابة اجتماعية أو حتى رسمية حيث لا يمكن للحقائق أن تضع رأسها في الرمل ولن يرتقي الفن ما لم يطرح تلك الإشكالات وتكون نتاجاته بغيرها مجانية لا معنى لها.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية