|
شؤون سياسية والتعليق على هذا القول من قبل الفيلسوف الألماني كارل ماركس قائلاً: (إن هيغل نسي أن يضيف إلى قوله المأثور بأن الأحداث والشخصيات التاريخية تتكرر مرتين, نسي أنه في المرة الأولى تكون مأساوية وفي المرة الثانية مهزلة). ويستخدمون هذا القول للمقارنة بين الحرب الفيتنامية والحرب في العراق والحقيقة التي يجب قولها اليوم أن الحربين كانتا مأساويتين وليس في المرة الأولى فقط. فالعراق في ظل الاحتلال الأميركي يعاني من أوضاع مأساوية, كما عانى الشعب الفيتنامي قبل نحو أربعين عاماً. صحيح أن الحرب الأميركية في العراق لم تبلغ حتى الآن المستوى الفيتنامي من حيث فجاعتها, ولكنها إذا استمرت قد تصبح أسوأ منها. وإذا كانت الحرب الفيتنامية قد حدثت تحت شعارات مزيفة( القضاء على الشيوعية والمد الشيوعي في القارة الآسيوية وانتصار قيم الديمقراطية) الأميركية والغربية عموماً, فإن الحرب في العراق تمت تحت شعارات أيضاً مزيفة وهي القضاء على الديكتاتورية وانتصار قيم( الديمقراطية ) و( الحرية) في العراق والقضاء على الإرهاب الذي تمثله منظمات القاعدة والمتعاونين معها, والقضاء على أسلحة الدمار الشامل الذي اتمت العراق بامتلاكه, ولم يتبين لأميركا ولا لحلفائها أية مؤشرات أو براهين على هاتين التهمتين اللتين ألصقتهما بالنظام العراقي السابق, رغم كل ممارساته اللاديمقراطية والديكتاتورية. وأميركا التي ماتزال رئيسها يتبجج بأن هدفه من غزو العراق واحتلاله, هو تحويل العراق إلى نموذج للديمقراطية في الشرق الأوسط, فإنه وبعد أربع سنوات من الاحتلال ينوء تحت وطأة القتل والإبادة الجماعية على يد القوات الأميركية لدرجة جعلت المستشار السابق للأمن القومي الأميركي الدبلوماسي المخضرم والمشهور ذبغينو بريجينسكي يصرح علناً: بأن جورج بوش أضعف صدقية الولايات المتحدة في العالم, عبر التضحية با لمبادىء الأخلاقية الأميركية تحت شعار الحرب على الإرهاب, ووصف غوست هلترمان مسؤول الشرق الأوسط في مجموعة الأزمات الدولية, الوضع في العراق (بأن هناك تدهوراً مستمراً منذ غزو العراق, وتتجه الأمور من سيىء إلى أسوأ) ولاتوضح الأرقام والإحصاءات القصة الحقيقية وراء الصراع الجاري في العراق وحسب, بل وتؤكد الواقع المتجهم المأساوي الذي يعيش فيه تحت ظل الاحتلال الأميركي وإذاكانت أرقام الضحايا المعلنة رسمياً من مصادر أميركية بين العراقيين والأميركيين وحلفائهم متواضعة, فإن الواقع المخفي للضحايا أكثر بكثير مماهو معلن, رغم أن ماهو معلن كان كافياً لكي تبدأ القوات الأميركية بترك هذا البلد إلى أصحابه ليقرروا مصيرهم بأنفسهم, ولاسيما أن جميع الذرائع التي ادعتها أميركا لغزو العراق قد سقطت بالمطلق, وكان على أميركا أن تعيد جنودها إلى بلادهم ولكن السيد بوش قرر إرسال المزيد منهم, وهذا السلوك المتغطرس الذي يتميز به جورج بوش, جعله حتى الآن, على الأقل لايأخذ بعين الاعتبار, مايواجهه من انتقادات حادة داخل مؤسساته التشريعية والتنفيذية وحتى من قبل العديد من الشخصيات المسؤولة داخل حزبه الجمهوري ولم يشأ لنفس السبب الاستجابة لآلاف المتظاهرين في شوارع نيويورك وسان فرانسيسكو وواشنطن ولوس انجلوس والعديد من عواصم ومدن العالم مطالبة بوش(بالانسحاب الفوري من العراق) رافعين شعارات وهتافات منها( أخرجوا الجنود فوراً) إن أربع سنوات من احتلال العراق, أكدت مجدداً أن الدماء التي تسفك في العراق والسجون المكتظة بالمعتقلين, الذين عذبوا وأهدرت كرامتهم على أيدي طغاة العصر الأميركان والملايين التي هربت من العراق إلى الدول المجاورة, ونزوح الملايين إلى مناطق داخل العراق أكثر أمناً, أكدت أن جل مايقلق المحتلين اليوم هو الفوز بالنفط وحرمان أهله الأصليين منه. فاليوم يعيش العراق في وضع لايشعر فيه أي مواطن بالأمن على حياته وحياة أطفاله وعائلته. لقد تحول العراق إلى دولة ممزقة ومدمرة ومنهوبة ومستباحة وتتحول فيها الحرب شيئاً فشيئاً إلى فيتنام ثانية. ولم يعد خافياً أن الهدف الحقيقي لأميركا في العراق هو بسط هيمنتها الأمبراطورية على العراق والمنطقة وافتضح زيف» دمقرطة) الشرق الأوسط, من خلال احتلال العراق, ولكن المقاومة التي مرغت أنوف المحتلين في الوحول العراقية فإنها بذلك رسخت أفقاً جديداً, يلوح فيها بدء أفول الهيمنة المطلقة على العراق والمنطقة وبدء العد التنازلي لقدرة الغزاة على الاستمرار ونشهد اليوم بداية نهاية حلم الامبراطورية الأميركية في الهيمنة على الشرق الأوسط والعالم, وستصبح حينها المقولة إن الأحداث التاريخية تتكرر مرتين ولكنها في الحالة العراقية مأساوية أيضاً!!. |
|