تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


(1-4)القضايا الاقتصادية...رسائل لمؤتمر القمة العربي التاسع عشر في الرياض

اقتصاديات
الأحد 25 /3/2007
د. مصطفى العبد الله الكفري

من المتوقع أن يعقد مؤتمر القمة العربي التاسع عشر في السعودية هذا الشهر وقد تم توجيه الدعوة للقادة العرب لحضور المؤتمر

من قبل العاهل السعودي, ربما يفتح المؤتمر عهدا جديدا من العمل العربي المشترك, ويحدث نقلة مهمة على مستوى القضايا السياسية التي تهم الدول العربية والقضايا الاقتصادية والعمل الاقتصادي المشترك الذي ظل يراوح مكانه لنصف قرن مضى من الزمن.‏‏

إن أول ما يحتاج إليه العرب هو آلية تخفف من الأهمية التي يوليها البعض لضرورة وجود إرادة سياسية على مستوى القمة للدفع باتجاه العمل الاقتصادي العربي المشترك فهذا العمل يحتاج الى المثابرة والتواصل عبر مؤسسات فاعلة أكثر منه الى قرارات ولقاءات متقطعة حتى إذا كانت على مستوى القمة, ونتيجة للتقاعس والعجز اللذين ميزا الفترة السابقة التي تجاوزت العقود الخمسة من العمل المشترك في المجال الاقتصادي فإن مؤشرا واحدا وهو حجم التجارة البينية العربية يوضح مدى الانجاز الضئيل الذي تحقق, إذ لا تتجاوز نسبتها 8 في المئة من اجمالي التجارة الخارجية العربية بينما يصل حجم التجارة الأوروبية البينية الى حوالي 60 في المئة والآسيوية الى حوالي 35 في المئة.‏‏

وإذا كان ضعف التجارة البينية في المنطقة أهم أبرز نقاط الضعف في الواقع الاقتصادي العربي فإن التأثير الكبير للقطاع النفطي يلقي بظلاله على الأداء العام للاقتصادات العربية, فالناتج المحلي الاجمالي العربي كان في حدود 440 مليار دولار قبل عقدين من الزمن بلغ حوالي 621 ملياراً في عام 1999 ثم وصل الى حوالي 1066 مليار دولار في عام 2005 ومن المتوقع أن يتجاوز هذا الرقم في عام 2006 وذلك بسبب ارتفاع أسعار النفط حيث تجاوز سعر البرميل في المتوسط مبلغ 50 دولارا.‏‏

ومع هذا التذبذب في الوضع الاقتصادي فإن معدل النمو السكاني في الدول العربية ظل عاليا يتجاوز 2.5 في المئة وهو من المعدلات العالية في العالم ليصل عدد سكان الوطن العربي في عام 2005 الى حوالي 3.9 ملايين نسمة أكثر من نصفهم ممن تقل أعمارهم عن 24 عاما.‏‏

وصل معدل البطالة في الدول العربية الى حوالي 15 في المئة رغم غياب الاحصائيات التي يمكن الوثوق بها, والبطالة تنجم عن ضيق فرص العمل وهذه بدورها أحد افرازات عدم القدرة على جذب الاستثمارات اللازمة لتمويل مشروعات مهمة تخلق فرص عمل وتوفر حاجة السوق المحلية وتبدو قدرة الدول العربية على جذب الاستثمارات متواضعة, إذ تمكنت من جذب حوالي 37 مليار دولار في عام 2005 من اجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في العالم الذي وصل الى حوالي 557 مليار دولار وهذا يشكل أربعة في المئة فقط من اجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي كانت متاحة وتوجهت الى مختلف أنحاء العالم في حين كان حجم الأموال العربية المستثمرة خارج الوطن العربي يصل الى حوالي 1200 مليار دولار.‏‏

إن الظروف القائمة الآن والتي تتمثل في ارتفاع أسعار النفط عالميا وتأثيرها الايجابي على اقتصاديات الدول العربية النفطية وغير النفطية على السواء يدعونا الى التأمل والتفكير بحثا عن البدائل المناسبة لمواجهة التحديات في مرحلة ما بعد النفط وأعتقد أن المدخل الملائم للتعامل مع هذه القضية يتمثل في امكانية التوصل الى صيغة ملائمة لمشروع عربي قومي للتنمية الشاملة والمتكاملة والمستدامة التي تشمل كافة الدول العربية, وتقوم هذه التنمية على توظيف المزايا النسبية التي تتمتع بها كل دولة عربية في مجال اقتصادي محدد وإقامة المشروعات الملائمة والمشتركة والتي تحقق عائدا مشتركا تستفيد منه كافة الدول ويمكن الاستفادة في هذا المجال من تجربة مشروع مارشال الذي نفذته الولايات المتحدة في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية وكذلك من تجربة اليابان في مساعدة دول جنوب شرق آسيا.‏‏

إن الاتجاه العالمي نحو التكتل الاقتصادي والأفقي على مستوى الدول والرأسي على مستوى الشركات العملاقة في المجالات المختلفة سوف يكون دافعا نحو المزيد من التنسيق والتكتل الاقتصادي العربي لأن أي طرف عربي لا يستطيع بمفرده أن يتعامل مع هذه التكتلات الاقتصادية بل إن هذه التكتلات في حد ذاتها, خاصة تكتلات الشركات الدولية العملاقة, تمثل تهديدا مباشرا لكيانات اقتصادية عربية حتى ولو كانت قوية, الأمر الذي قد يدفعنا نحو الاتجاه الى اقامة تكتلات عربية, هناك ضرورة ملحة لانجاح مؤتمر القمة العربي التاسع عشر في السعودية لما فيه خير الشعب العربي.‏‏

*جامعة دمشق-كلية الاقتصاد‏‏

gasomfa@scs-net.org‏‏

‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية