|
شؤون سياسية وشكّل ذلك إنذاراً أو ناقوساً للخطر، أدركت عنده هيئات التمويل الدولية خطورة مشاكل الفقر وتفاوت الدخول، وعدت أن العولمة كانت حلاًَ وهمياً، إذ عوّل العالم على أنه يجب أن يكون لها وجه إنساني، وتساعد على تحسين الحياة اليومية لنحو3.1 مليارات شخص يعيشون على أقل من دولار واحد في اليوم. وقد أشارت تقديرات حديثة لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) إلى أن عدد الجياع في العالم سيصل إلى رقم قياسي مقداره مليار وعشرون مليون نسمة. وقال المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة جاك ضيوف:« إن أزمة الجوع التي تشمل اليوم سدس البشرية جمعاء، إنما تطرح خطراً جدياً على السلام والأمن في العالم...» وقد أرجعت المنظمة في ارتفاع أعداد الجياع في العالم إلى الأزمة الاقتصادية العالمية، وتشبث أسعار الأغذية بمستوياتها العالية في البلدبان النامية ، إضافة إلى ماعاناه القطاع الزراعي في تلك البلدان من إهمال ونقص في الاستثمارات على مدى العشرين عاماً الماضية. ووفقاً لما أوردته المنظمة فهناك ضرورة ملحة لتعبئة استثمارات إضافية بمقدار 83 مليار دولار أميركي بصفة سنوية لأغراض الإنتاج الزراعي والخدمات اللاحقة المنبثقة عن القطاع الزراعي لدى البلدان النامية، إذا كان للعالم أن يهيئ ما يكفي من غذاء لتلبية احتياجات 9.1 مليارات شخص بحلول عام 2005. ولمواجهة أزمة الغذاء سينعقد في مقر المنظمة بروما مؤتمر القمة العالمي بشأن الأمن الغذائي في نهاية شهر تشرين الثاني القادم 2010، لاعتماد تدابير رئيسية بشأن هذه الأزمة. وأياً تكن العوامل والأسباب الكامنة خلف أزمة الغذاء الراهنة، فإن الأزمة قد فعلت فعلها في الأمن الدولي ووضعت ملايين إضافية من البشر على طريق العوز والجوع. وقد حددت القمة العالمية للغذاء عام1996 هدفاً لنفسها هو تقليص عدد الجياع في العالم إلى النصف بحلول عام2010، وأعيد تأكيد هذا الأمر في أهداف الأمم المتحدة التنموية للألفية. وعلى الرغم من ذلك ، فقد بات من الواضح بعد انقضاء نصف الفترة المؤدية إلى عام2015 أن تحقيق هذا الهدف يبدو بعيداً. وقد ارتفع العدد المقرر للأشخاص الذين يعانون الجوع، أو سوء التغذية، من 798 مليوناً عام2000 إلى نحو 852 مليوناً في الوقت الراهن. وقد وعت الدول الصناعية بدعم جهود مواجهة أزمة الغذاء العالمي، وأعنت مؤخراً عزمها العناية بتنمية الأبحاث الزراعية، وتدريب جيل جديد من علماء وخبراء الدول النامية، ونشر تكنولوجيات زراعية محسنة مكيفة محلياً، وخصوصاً عبر المجموعة الاستشارية حول الأبحاث الزراعية الدولية ، وعن طريق شراكات متعددة ، مثل تحالف من أجل ثورة خضراء في إفريقيا ، ومن جهته أعلن البنك الدولي عن تأسيس صندوق قدره 1.2 مليار دولار لتلبية حاجات عاجلة قد تحدّ من تداعيات أزمة الغذاء. ومن جهته يتمتع برنامج الغذاء العالمي للأمم المتحدة بميزانية سنوية تبلغ ثلاثة مليارات دولار ، ولديه آلاف السفن والطائرات والعربات وعلى الرغم من ذلك لا يصل سوى عشرة في المئة من الجياع في العالم. ويسعى البرنامج حالياً للحصول على 755 مليون دولار من الجهات المانحة للتعويض عن عجز محتمل في ميزانية لعام 2009م بسبب تكاليف الأغذية والنقل المرتفعة ، وهذه قفزة كبيرة عندما قدر البرنامج أنه بحاجة إلى 500 مليون دولار إضافي . إن الجهود يجب أن تركز على الكيفية التي يمكن بها للزراعة أن تستمر في إنتاج كميات كافية من الأغذية لسكان العالم في ظل ظروف مناخية متغيرة. ويمكن للجهات المانحة أن تقدم في المدى القصير والمتوسط بذوراً ومخصبات للمزارعين في الدول النامية كي يستطيعوا زيادة إنتاجهم . ويمكن للمانحين أن يدعموا جهود تحدد مجموعات الأشخاص الذين أصبحوا حديثاً فريسة الجوع وسوء التغذية وتزويدهم بشبكات سلامة. الأمن الغذائي يتطلب كذلك سوقاً عالمية قوية ونظاماً تجارياً للأغذية والزراعة ، كما أن أسعار الأغذية المرتفعة بدورها تضيف ضغوطاً ، وتولد عدم توازن في الاقتصاد الكلي، وخصوصاً بالنسبة إلى الدول ذات الدخل المتدني. وتبقى القضية الأهم في المقاربة المعنية بحل الأزمة هي كسر دورة الجوع التي تستمر عبر الأجيال ، منتقلة من جيل لآخر ، والمطلوب اليوم هو تحرك دولي فاعل ومنسق لمعالجة الأزمة وتطويق تداعياتها الخطرة على الدول الفقيرة كما الأمن الدولي بوجه عام . وهذه مسؤولية يجب أن تتصدى لها الأطراف المعنية كافة ، إنها مسؤولية سامية لايجوز التهاون فيها. |
|