تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


.. الأبطال يولدون دائماً

ثقافة
الاربعاء 6-5-2015
فؤاد مسعد

همّه الوطن والذود عنه، لا يأبه للمخاطر فهو مروّضها ولا يخاف المنايا فهو فارسها، نبيل في عطاءاته كبير في حبه لوطنه،

إنه الشهيد الذي روى بدمائه الطاهرة أرضاً عطشى مجسّداً الكثير من المعاني والقيم السامية، الحرية والكرامة والعزّة والشموخ والإرادة الصلبة التي لا تكسرها الرياح العاتية.. هي بطولات سطّر ملاحمها بعزيمة قوية جنود بواسل سعيهم الشهادة المكللة بالغار، لا يهابون الموت، لا بل يرون بالشهادة حياة مؤكدين أنهم هم من يصنع الفعل ومن يقول كلمة الحسم في أرض الوغى، همهم تحقيق هدفهم وحماية بلدهم فيقدمون أنفسهم قرباناً على مذبح الفداء للوطن الغالي.‏‏

واليوم يأتي السادس من أيار عيد الشهداء بمثابة ذكرى يتجدد فيها عهد الوفاء لمن أعطوا بلا حدود، إنها الشهادة القيمة الكُبرى والأسمى دائماً التي تحمل في مضمونها معاني خالدة متجذرة في النفوس والوجدان والأفئدة، فشكّلت الزاد للكثير من الأفلام السينمائية السورية التي تغنت بقدسية الشهادة، وسعت عبر ما قدمت إلى ترجمة الصورة التي يمثلها المقاتل السوري على الأرض عبر أعمال فنية أبرزت معاني البطولة والشهادة والإباء وأهمية المقاومة كما أظهرت عظمة سورية وعراقتها، وكيف يستبسل المقاتلون على الجبهة للدفاع عن الوطن فلا يأبهون للثمن حتى وإن كان حياتهم، وكيف يتعامل الناس مع مفهوم الشهادة، مُقدمةً مشاهد لا تُنسى، منها مشاهد زفة الشهيد. ومن تلك الأفلام ما امتلك هويته الخاصة والمتفردة، حيث حرص الكثير منها على اتباع منهج المزج بين الخط السياسي والنضالي والخط الإنساني كما طعّم بعضها بمشاهد توثيقية.‏‏

كثيرة هي الأعمال التي تحدثت عن حالة النضال والمقاومة إما ضد العثماني أو المستعمر الفرنسي أو المحتل الصهيوني، هذا التنوع رصدته الأفلام عبر تناولها موضوع الشهادة، وفيما يلي نرصد للعديد من تلك الأفلام، ففي عام 1971 قدم المخرج أمين البني فيلم (حتى الرجل الأخير) الذي رصد حكاية جنود يختارون الاستشهاد رافضين الاستسلام وهو من إنتاج قسم السينما في الجيش الذي أنتج أيضاً فيلم (تل الفرس) إخراج لطفي لطفي ويروي قصة بطولة طاقم دبابة سورية في القتال حتى الرمق الأخير في حرب تشرين.‏‏

كما قدمت المؤسسة العامة للسينما عبر إنتاجاتها العديد من الأفلام التي أتى فيها موضوع الشهادة كخط أساسي ومحوري أو كواحد من خطوطها الدرامية، ومنها فيلم (كفر قاسم) إخراج برهان علوية عام 1974 الذي سلط الضوء على مجزرة قام بها العدو الصهيوني وراح ضحيتها مدنيون، أما فيلم (الأبطال يولدون مرتين) إخراج صلاح دهني عام 1977 فرصد نشأة طفل استشهد والده وهو يرى نتائج الهمجية الصهيونية والدمار والشهداء.‏‏

وهناك فيلم (الشمس في يوم غائم) إخراج محمد شاهين عام 1985 الذي دارت أحداثه فترة الاستعمار الفرنسي، أما فيلم (ليالي ابن آوى) 1989 فيستشهد فيه أحد أبناء العائلة الرئيسية خلال حرب 1967 والفيلم هو من إخراج عبد اللطيف عبد الحميد الذي قدم عام 2003 فيلم (ما يطلبه المستمعون) وفيه ينادي الواجب أبناء القرية ويستشهد جمال لتنتهي قصة حب قوية بينه وبين عزيزة، وهناك فيلم (الهوية) للمخرج غسان شميط 2007 وتوجيه البندقية للبطل في المشهد الأخير بعد رفضه للأوامر الاسرائيلية.‏‏

وفي عام 2008 تم تقديم أكثر من فيلم ضمن هذا الإطار، حيث أنجز المخرج عبد اللطيف عبد الحميد فيلم (أيام الضجر) 2008 وأظهر خلاله الشهيد الحي، إنه الجندي الذي يعود إلى قريته في نهاية الفيلم وهو مُضمّد بعد أن انفجر فيه لغم أرضي، كما أظهر المخرج ريمون بطرس النضال ضد المحتل الفرنسي في فيلم (حسيبة) حيث نتابع والد البطلة الذي ذهب إلى فلسطين واستشهد فيها، وقدم المخرج ماهر كدو فيلم (دمشق يا بسمة الحزن) وفيه يستشهد أحد أفراد العائلة خلال مقاومته للمستعمر، وفي فيلم للمخرج نفسه (بوابة الجنة) أنجزه عام 2009 تحدث فيه عن عائلة فلسطينية ومعاناتها وسط الاحتلال الاسرائيلي.‏‏

أما المخرج باسل الخطيب فقدم ضمن الأعوام الأخيرة فيلم (مريم) وفيه نتابع الجندي السوري الذي يضحي بحياته من أجل انقاذ الناس، كما أنجز فيلم (الأم) الذي عُرض مؤخراً وتدور أحداثه في الوقت الراهن حيث تتقاطع فيه جنازة الأم مع جنازة الشهيد.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية