تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


استلهام معاني الصمود والبطولة في مواجهة العدوان

متابعات سياسية
الاربعاء 6-5-2015
دينا الحمد

الاحتفال بعيد الشهداء كل عام ليس كباقي الاحتفالات، فشعبنا العربي السوري يستذكر في هذا اليوم بطولات أبنائه الذين قارعوا الاحتلال العثماني ومن بعده الانتداب الفرنسي،

وسجلوا في صفحات التاريخ الوطني أروع الملاحم، وقدموا الغالي والنفيس، فمنهم من ضحى بروحه من أجل وطنه ومنهم من قدم ماله، فكانوا القدوة والمثال لأبنائهم وأحفادهم الذين ساروا على الدرب ذاته وواجهوا المحتل الصهيوني الغاشم، كما يواجهون اليوم الإرهاب التكفيري الذي تدعمه قوى البغي والعدوان لتتوالى قوافل الشهداء في سبيل وحدة الوطن واستقلاله.‏

فالسوريون يستمدون معاني البطولة من هذا اليوم التاريخي ويستلهمون قيم الشهادة والتضحية والفداء ضد المستعمر العثماني والفرنسي ولاحقاً الصهيوني الذي اغتصب فلسطين والجولان ويستذكرون تضحيات هؤلاء الأبطال الميامين الذين تجلت وطنيتهم ببذل الغالي والنفيس للدفاع عن تراب بلدهم وطرد المستعمر الغاصب من أرضهم وصد عدوان المعتدين فقدموا أرواحهم ليحيا أبناؤهم وأحفادهم حياة حرة كريمة عزيزة ولا يأتمرون بأوامر محتل أو غاصب.‏

ومن هنا فإن السادس من أيار يعد محطة مهمة في تاريخ شعبنا النضالي فقد كانت البداية فقط لتاريخ كفاح طويل قدم خلاله هذا الشعب المكافح آلاف الشهداء خلال المعارك التي خاضها ضد المحتلين وتابع نضاله ضد المستعمر الذي نكل وعذب شعبنا في الأراضي الفلسطينية المحتلة والجولان السوري المحتل.‏

و بدءاً من الثورة الكبرى ضد العثمانيين ومروراً بالثورة السورية الكبرى ضد الانتداب الفرنسي وثورات صالح العلي وإبراهيم هنانو وغيرها عشرات الثورات الأخرى لم يقبل شعبنا الأبي بقيد ولم يرضَ عبودية ولم يستكن لمستعمر فكانت قراه ومدنه مخزناً للحرية والأحرار والمكان الذي لا يهادن المحتلين والمغتصبين.‏

وإذا كان جمال باشا السفاح قد علق عشرات المناضلين على أعواد المشانق في دمشق وبيروت إلا أن أرواحهم الطاهرة كانت الشعلة الأولى التي أضاءت الطريق للأجيال القادمة لتستلهم دروب العزة والكرامة وتطيح بعروش المحتلين المستعمرين، وكانت ذكراهم في السادس من أيار المفصل التاريخي الذي تحول إلى يوم يشمل جميع شهداء العروبة الذين سقطوا في ساحات النضال في الجولان وفلسطين المحتلة ولا تزال قوافلهم تتابع مسيرتها نحو الحرية حتى تحقيق الحرية والتحرير لإنساننا العربي وأرضه المغتصبة.‏

لقد أذاق المستعمرون العثمانيون والفرنسيون شعبنا الويلات فقتلوا الآلاف من أبنائه وتوزعت مواكب الشهداء على مساحة سورية من جنوبها إلى شمالها ومن غربها إلى شرقها وزرعت ساحاتها بصورهم وامتلأت الصدور بحبهم وصدحت الحناجر بالهتاف لهم لأنهم قدموا أغلى ما عندهم لتحيا أمتهم ولتبقى ذكراهم على مر الأيام والعصور.‏

ومن هنا فإن تضحيات شهدائنا لا تضاهيها تضحيات ولاستشهادهم معانٍ لا حصر لها ودلالات لا حدود لها أولها أن النصر هو حليف المظلومين مهما تجبر المستعمر وتغطرس وأن الاحتلال البغيض آيل للزوال مهما بلغت قوته وشراسته وإرهابه وإجرامه فالحرية ضريبتها دماء هؤلاء الأبطال وأرواحهم.‏

أما ميزة شهداء السادس من أيار فلأنهم أسسوا ليوم الشهادة وعصر النضال والكفاح في العصر الحديث لأمتنا وتحول استشهادهم إلى قوة دفع وكفاح سمت بموضوع الشهادة إلى مستوى القداسة، وما نظرة شعبنا للبطل يوسف العظمة ورفاقه التي ملؤها الحب والاحترام إلا الدليل على ذلك لأنهم قدموا أرواحهم دفاعاً عن الأرض والكرامة وأعطوا لمن بعدهم دروس الكفاح في جميع الأمكنة والأزمنة فكانت الثورات ملازمة لحياة شعبنا ضد المستعمرين في جميع مدنه من دمشق وريفها إلى السويداء والجولان وصولاً إلى الساحل وحلب والجزيرة مقدماً أسمى آيات البطولة والشجاعة والإقدام.‏

ولهذا هذا فإن شعبنا الأبي لا يزال يضع الشهداء وتضحياتهم في أسمى مراتب القداسة ويعتبر يومهم عيداً وطنياً وقومياً توضع فيه أكاليل الزهور والغار على أضرحتهم التي ملأت كل ساحات المدن والقرى وتطلق المدافع قدائفها تحية لأرواحهم وتعزف الموسيقا لحنهم وتقام الاحتفالات المهيبة للتذكير بتضحياتهم، ولم يكتف شعبنا وقيادته بذلك فحسب بل كرم أبناءهم ووفر وسائل الحياة الحرة الكريمة من خلال تعليمهم وافتتاح مدارس أبناء وبنات الشهداء لترعاهم حتى تخرجهم من الجامعات ليواصل الأبناء طريق الآباء والأجداد.‏

إن ذكرى السادس من أيار تؤكد أن شعبنا الأبي أقوى من تآمر المتآمرين على وحدته الوطنية وترابه المستقل وأن ماعجز المستعمرون عن تحقيقه أيام الانتداب والاحتلال والاستعمار لن يستطيعوا نيله وقد حقق هذا الشعب استقلاله وسيبقى يدافع عن هذا الاستقلال حتى ولو ضحى بأغلى ما يملك.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية