|
متابعات سياسية وشهداؤنا الأبطال بذلوا دماءهم للتصدي لهذه الهجمة الظالمة على سورية وعلى وحدتها الوطنية، وفي هذه المناسبة العظيمة لا بد من استذكار مآثر أبطالنا العظماء في الجيش العربي السوري وشهدائنا الميامين, لنستمد من مواقفهم وتضحياتهم القوة والمنعة والصبر والعزيمة والإيمان والثبات, فالشعب الذي يملك أبناؤه إرادة الصمود والتصدي, إرادة التضحية والشهادة، يملك حتمية النصر والبقاء. أولى قوافل شهداء العروبة والقومية العربية في العصر الحديث جاءت على يد جمال باشا السفاح والذي عرف بنزعته نحو التتريك وطمس الثقافة العربية وقد شكل محاكم تعسفية أحال عليها الوطنيين والمفكرين وأعضاء الأحزاب الوطنية لأنهم دعوا إلى الاستقلال. وبدأت الإعدامات على يده في 21 آب 1915 في دمشق ثم في بيروت حيث أعدم 11 زعيماً وطنياً ثم إعدام الدفعة الثانية في 6 آيار 1916 في بيروت، وكان عددهم 14 شهيداً وإعدام 21 آخرين في ساحة المرجة التي لا تزال تروي قصص الأبطال الذين سجلوا صفحات ناصعة في تاريخ بلاد الشام وسورية. واليوم كما في الأمس يسعى الاستعمار والامبريالية إلى إخضاع بلادنا عبر الإرهاب وتسليح المتشددين العابرين للدول وتدسهم في ربوع بلادنا لضربها من داخلها وتفتيتها وتخريب مؤسسات البلاد والتحضير لواقع عربي متردٍ ولتستمر باستهداف كل ما هو سوري، لتفتيت بلادنا كما فعلت اتفاقية سايكس - بيكو ولكن قضايانا المصيرية لم تواجه يوما بروح الاستسلام والمساومة والانقياد والتبعية للاستعمار: فسورية تقدم الشهداء عبر تاريخها الحديث والمعاصر قافلة تلو أخرى من أجل الاستقلال والسيادة منذ عام 1916 مروراً باستقلالها عن المستعمر عام 1946 وشهداء حزيران وتشرين وكل الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن الوطن والأمة العربية. وستظل سورية أبية بتضحيات أبنائها في كل الميادين وستنتصر على مؤامرة كل المتصهينين المتأمركين في تركيا وقطر والسعودية، في هجمتهم التفتيتية والطائفية والوهابية والإرهابية. كل الأمم تخص الشهداء بالتكريم والتبجيل لما حباهم به الله من حظوة كبيرة, وعرفاناً بما قدموه من تضحيات جسام فهم الذين لبوا بالروح والجسد وضحوا دفاعا عن الوطن والحرية والشرف، وقد أولت القيادة السورية الحكيمة عناية خاصة بالمسألة الاجتماعية والاهتمام بالشهيد وأسرته وقد كرس دستور الجمهورية العربية السورية الجديد في فصله الثالث المبادئ الاجتماعية حقوق الشهداء وأسرهم، بل كفلت الدولة كل مواطن وأسرته في حالات الطوارئ والمرض والعجز واليتم والشيخوخة. وتهدف هذه المناسبة إلى إرساء الروابط بين الأجيال وتذكير الشباب بتضحيات الأجداد من أجل استخلاص العبر والاقتداء ببطولاتهم. والاحتفال بعيد الشهداء محطّة للأجيال يتصالحون فيها مع تاريخهم والتعرّف على رجال سورية الذين سطّروا أروع ملاحم الاستقلال والحرية، وعيد للوحدة الوطنية من أجل توحيد أبناء سورية وتذكيرهم بمعاني الشهادة وفداء الوطن وبذل الغالي من أجله بكل الإيثار وبعيداً عن التقاعس بحقه. إن السوريين اليوم الذين ينعمون بالاستقلال بفضل تضحيات الجيش العربي السوري وأبناء الشعب من إعلاميين ومواطنين وعمال استشهدوا وهم يؤدون الواجب، سينتصرون على جحافل الغزاة ومرتزقة الناتو ورسم شعاعات النصر فوق ربا سورية بعد أكثر من أربع سنوات من التضحيات، لنحافظ على حرية بلدنا واستقلاله وعلى كل الثوابت السورية في الحفاظ على القرار الوطني وتحرير الأراضي المحتلة وطرد كل غاز سولت له نفسه بضرب وحدة سورية. ولنقف إجلالاً لأرواح كل الشهداء الذين سقطوا عبر تاريخ الأمة العربية وكل شهدائنا الذين مثلوا باستشهادهم نبراساً أظهروا من خلاله التفاف السوريين حول الاستقلال والسيادة اللذين هما حق يكتسب بالتضحية ويحافظ عليهما بالدماء. فلولا الشهادة وبطولات الجيش العربي السوري والتفاف الشعب حول الجيش لسادت الفوضى ووقع الوطن تحت نير الطامعين المجرمين من المستعمرين وأعوانهم. إننا في ذكرى الشهداء نستلهم معاني التضحية والفداء والتضامن نحو تحقيق انتصارات جديدة في سياق نضالنا القومي من أجل تحرير جولاننا وبقية أراضينا العربية المحتلة واستعادة الحقوق المغتصبة. |
|