|
منوعات
ولعيد الشهداء قصة حاكتها دماء الأبطال السوريين الذين ما توقفوا يوماً عن الدفاع عن وطنهم ويعود سبب اختيار هذا اليوم للاحتفال بشهدائنا العظماء إلى زمن الاحتلال العثماني للأرض الطاهرة سورية، ففي صباح السادس من أيار 1916، علَّق السفاح جمال رقاب الأحرار من نخبة المثقفين والسياسيين العرب في دمشق وبيروت على أعواد المشانق، ولكنه لم يتمكن من أن يطفئ حمية هذا الشعب وشعلته الملتهبة في المقاومة. وتبدأ القصة بعد أن قام جمال باشا السفاح بتلفيق مختلف التهم لعدد من المناضلين العرب من التخابر مع الاستخبارات البريطانية والفرنسية، إلى العمل على الانفصال عن الدولة العثمانية، وأخيراً توج عمله بجريمته التي نفذها في السادس من أيار عام 1916، عندما أعدم 21 مناضلاً ومثقفاً عربياً في كل من بيروت ودمشق، بعد أن أحال ملفاتهم إلى المحكمة العالية العرفية، حيث أديرت المحاكمة بقسوة وظلم شديدين، وبدون أن تحقق أدنى معايير المحاكمات العادلة والقانونية، صامّاً أذنيه عن جميع المناشدات والتدخلات التي سعت لإطلاق سراحهم. وخصوصاً تلك التي أطلقها الشريف حسين بن علي شريف مكة، الذي أرسل البرقيات إلى السفاح وإلى السلطان وإلى الصدر الأعظم، وأوفد ابنه الأمير فيصل بن الحسين إلى دمشق، وقابل السفاح ثلاث مرات في مسعى لإيقاف حكم الإعدام دون جدوى، إذ إن السفاح كان قد عقد النية على تنفيذ مخططه الرهيب. وفي الخامس من شهر أيار 1916 غادر قطار من منطقة عاليه في لبنان محملا بكوكبة من المثقفين والمناضلين تحت حراسة شديدة، ولما وصل قطار الشهداء محطة البرامكة، منع الجنود الناس من مشاهدتهم، ثم نقلوهم إلى دائرة الشرطة. أنيرت ساحة المرجة في الساعة الثالثة من صباح يوم 6 أيار بالأنوار الكهربائية، كما أمرت السلطة العسكرية صاحب مقهى زهرة دمشق بإنارة المصابيح لتسطع بنورها على الساحة، ووقف جمال باشا على شرفة بناية أحمد عزت العابد ليراقب عملية الإعدام، وقد تم إعدام سبعة من الشهداء في دمشق وهم: شفيق المؤيد العظم وعبد الوهاب الإنكليزي والأمير عمر الجزائري وشكري العسلي ورفيق رزق سلوم والشيخ عبد الحميد الزهراوي ورشدي الشمعة، كما تم في نفس اليوم إعدام مجموعة أخرى في بيروت. وبقي الشعب السوري يستذكر شهداء السادس من أيار، وتم إطلاق اسم (ساحة الشهداء) على كل من ساحتي المرجة في دمشق، والبرج في بيروت، اللتين شهدتا هذه المجزرة المروعة، إلا أن إقرار المناسبة رسمياً للاحتفال في السادس من أيار كيوم لكل الشهداء لم يتم إلا في عام 1937. هكذا تحولت ذكرى هذا اليوم لتشمل جميع شهداء الوطن الأبرار، جميع أولئك الذين ضحوا بدمائهم وحياتهم، على أمل حياة جديدة أفضل لأولادهم وأحفادهم ووطنهم، ولا تزال تنضم قوافل الشهداء دفاعاً عن جنة الله على الأرض سورية. |
|