|
متابعات سياسية ورغم محاولاتها تغطية هذا التوجه بمواصلة الحديث عما تسميه«المعارضة المعتدلة »إلا أن بعضها يبادر لإجراء «اتصالات غير معلنة» بالسلطات السورية لطلب التعاون في تبادل المعلومات الأمنية بهدف احتواء ظاهرة «الجهاديين»خشية ارتدادها إلى أوروبا. صحيح أن الهدف الأساسي لتلك الاتصالات هو الاستفادة من «كنز المعلومات الاستخبارية» الذي تمتلكه الأجهزة السورية عن «الإرهابيين» العرب والأجانب الذين يقاتلون في صفوف الجماعات الإرهابية، وصحيح أيضاً أن التبادل المعلوماتي يتم سراً ويغطى بتصريحات سياسية غربية مازالت تقارب الملف السوري بمعايير مزدوجة .. إلا أن المجال الأمني ليس منفصلاً عن الإطار السياسي ، وفي نهاية المطاف لابد أن يترجم بشكل نتائج سياسية ملموسة على العلاقات السورية - الغربية . وما يجعل الانفتاح السياسي على سورية بحكم النتيجة الفعلية هو تفاقم ظاهرة الإرهاب وانتشار التطرف والعنف واتساع دائرة تهديدات التنظيمات الإرهابية،ومؤشرات هذا التحول لم تبدأ اليوم وفي سياق التحولات الدولية التي تصب في مصلحة سورية كان لافتاً مايلي : 1- دعوة الرئيس الأميركي العالم - رغم الشكوك بمصداقيتها- للانضمام إلى محاربة «داعش» في العراق وسورية باعتباره «تنظيماً شديد العنف ولا يفهم سوى لغة القوة» ووقوفه عند ضرورة «وقف النفاق الذي يمارس من قبل الذين يستخدمون الأموال من أجل مساعدة الإرهابيين وتعليمهم » والأهم اشارته إلى أن الحل النهائي للأزمة في سورية هو «حل سياسي» وتأكيده أن «لابديل عن هذا الحل» 2- تبني مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار رقم 2178 الذي يدعو إلى وقف تدفق المقاتلين الأجانب عبر الحدود إلى دول العالم ، وبخاصة إلى سورية والعراق ، ودعا إلى نزع أسلحة جميع المقاتلين الإرهابيين الأجانب ووقف جميع الأعمال الإرهابية أو المشاركة في الصراع المسلح ، وهو كالقرار 2170 ملزم تحت الفصل السابع. 3-الموقف البريطاني المتناقض الذي كشفت عنه صحيفة «الصنداي ميرور»لايخرج عن كونه خياراً اضطرارياً للمملكة المتحدة وخصوصاً أن الغرب باعتراف الرئيس الأميركي باراك أوباما - أساء تقدير خطورة التنظيمات الإرهابية ، ولم يتوقع أن يؤدي تأزم الوضع في سورية إلى تسهيل ظهور مجموعات متطرفة خطرة على غرار «داعش» الذي يسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي السورية والعراقية بما فيها من موارد طبيعية ويمتلك «طموحات ميدانية وبعض الاستراتيجية وتكتيك الجيش»؟! ومؤكد أن التسليم الأميركي (الظاهري) بضرورة حل الأزمة في سورية سياسياً ليس إلا صدى لما يدور في العقل البريطاني الذي بدأ يقرأ جيداً التداعيات المحتملة على أمن المجتمعات الأوروبية على خلفية تفاقم ظاهرة «الإرهابيين» أكثر مما هو متوقع ، وبات يطالب «المجتمع الدولي» بإشراك ايران - الحليف الاستراتيجي لسورية - في حل أزمات المنطقة ويستنجد بقادتها للمساعدة في «دحر تهديد جماعة داعش» اضافة إلى أنه حاضر في صورة التغيرات الدولية الجارية حيال سورية . وفي ظل تزايد التقارير الإعلامية والأمنية التي تشير إلى أن بربرية التنظيمات المتطرفة تستقطب الكثير من الشبان البريطانيين الذين «ينجذبون للنمط الجهادي أكثر من انجذابهم للحياة الاستهلاكية التي يعيشونها في بلدهم » كما أعلن (جون ويلبي ) أسقف (كانتربري ) ، لن تجد لندن في نهاية المطاف بداً من التنازل عن المكابرة وأساليب الإنكار والالتفاف على مواقفها السابقة عبر اللجوء إلى شراكة أمنية جزئية مع سورية «العدو العاقل » استجابة للضغوط الداخلية ، وليس رأفة بالشعب السوري طبعاً باعتبارها واحدة من العواصم التي توعدها تنظيما«داعش» و«النصرة» باستهداف مصالحها ونقل المعركة إلى أراضيها لانضوائها في حلف واشنطن «الاستعراضي»وقيام طياريها بقصف مواقعها في العراق . |
|