|
إضاءات الكتاب، كما هو واضح من عنوانه، يوثق المسيرة الإبداعية للفنان في مجالي التأليف الموسيقي،و التلحين الغنائي، وهو في واقع الحال سيرة شخصية لسهيل عرفة كتبها ياسر المالح بصياغة سلسة جميلة، حفظت روح السرد الذاتي بكل ما فيها من بساطة، وعفوية، وبعد عن التكلف. أكمل ذلك ملحق لصور الفنان مع أسرته، ومع فنانين عرب، وآخر لشهادات التقدير والجوائز التي نالها حتى الآن. ولم تغب الحالة البحثية عن الكتاب فضم أيضاً فصولاً وثقت للقوالب الغنائية التي استخدمها عرفة في ألحانه،مع نماذج لكل منها، وللمقامات الموسيقية التي اعتمدها،وللألحان التي استقاها من الفولكلور الشعبي المتوارث. يتقدم الكتاب صورة عن المرسوم رقم 449 الذي منح بموجبه السيد الرئيس بشار الأسد وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة للموسيقار سهيل عرفة،وصورة للفنان مع الوسام، ثم مقدمة للدكتور علي القيم تركز على الأهمية الإبداعية لسهيل عرفة،من خلال خصوصية، وتفوق عمله، وأيضاً غناه،وتنوعه، ووفرته. وهو ما يؤكده فصل من الكتاب يحوي سجلاً ضخماً من الأغاني التي لحنها سهيل عرفة لكبار المغنين السوريين والعرب، يحتل وحده اثنتين وسبعين صفحة من صفحات الكتاب البالغة مئتين واثنتين وسبعين صفحة.والتي تضم، إلى ما سبق، ملحقاً بالنوتات الموسيقية لعدد من الأغاني والاسكتشات. يثير الدهشة في الكتاب، حتى بالنسبة للعارف بسهيل عرفة والمطلع على نتاجه، وفرة أعماله التي تجاوزت الألف وخمسمئة عملاً بين لحن وقطعة موسيقية، والمدهش أكثر عدد الأعمال التي حصدت نجاحاً كبيراً، أو شهرة واسعة، أو كليهما.وربما تعطي السيرة الشخصية تفسيراً لهذا، فقد اكتشف سهيل عرفة مبكراً موهبته الموسيقية، وعمل على تطويرها، وتثقيفها، وتنميتها بكل ما أمكنه، مواجهاً في ذلك رفض بيئته المحافظة لتوجهه، وخاصة والده الذي كاد أن يحول كلياً بينه وبين موهبته وأحلامه. ولهذا فإن حديث سهيل عرفة عن درب الفنانين الجدد المفروش بالورود، مقابل درب جيله المفروش بالأشواك يكتسب مصداقية استثنائية من سيرته الشخصية، وربما أن هذا الدرب المحاط بالأشواك قد منحه قوة التحدي التي أزهرت إبداعات غنائية وموسيقية تحفظها الذائقة الراقية لأي عارف بالعربية. لا يغني أي حديث حول الكتاب عن الكتاب نفسه، فهو وثيقة إبداعية بالمعنى الدقيق للتعبير، ومن حسن الحظ أنه توفرت إمكانية وصوله للقارئ. فقد رحل كاتبه الأستاذ ياسر المالح قبل إتمامه، وكان يمكن أن يضيع جهده لولا أن بادرت زوجته السيدة أمل خضركي إلى إكمال الكتاب ثم دفعه للطباعة. والجميل أيضاً أن الهيئة العامة السورية للكتاب قد احتفت بإصدارها هذا ضمن حفل رعاه السيد وزير الثقافة الأسبوع الماضي في دار الأسد للثقافة والفنون، كان أشبه بحفل تكريم للفنان سهيل عرفة، فقد بدأ بفيلم تسجيلي عنه من إعداد وتقديم ابنته الفنانة أمل عرفة،سبق أن قدم في برنامج «سيرهم بأقلامهم» للزميل غسان كلاس، عريف الحفل، وتلاه كلمة للدكتور جهاد بكفلوني المدير العام للهيئة ، فكلمة للدكتور علي القيم ، وختم بكلمة للفنان المكرم قبل أن ينتقل الجمع الذي ضم الأستاذ عصام خليل وزير الثقافة، والفنان زهير رمضان نقيب الفنانين، والمهندس رامز ترجمان المدير العام لهيئة الإذاعة والتلفزيون، وعدد مهم من الفنانين والإعلاميين، إلى البهو الرئيسي للدار حيث تم توقيع نسخ الكتاب من قبل الفنان، ومن قبل السيدة أمل خضركي. في كلمته تحدث الدكتور علي القيم عن تكريم آخر قادم للفنان سهيل عرفة متمثلاً بتوزيع إسطوانة مدمجة مع عدد مجلة «المعرفة» الذي سيصدر مطلع العام القادم،ويضم مجموعة من مقطوعات الفنان عرفة التي تحمل أسماء مدن ومواقع أثرية سورية.. وهو بلا شك شكل آخر لتكريم فنان كبير يستحق كل التكريم.. |
|