|
الدوحة كنت اظن ذلك على الرغم من بعض الشك الذي يساورني بأن سمات المشهد واحدة وان وجدت بعض التفاصيل التي لا تعني الاختلاف الكبير..
في مهرجان الدوحة الثقافي الخامس, كانت الفرصة متاحة ومناسبة لأن اتوجه بالسؤال العريض والكبير : اهي ازمة نقد ام ازمة ابداع.. ام ازمة ثقافة نعاني منها في الوطن العربي. .اقول: ان الفرصة مناسبة ولا بد من اغتنامها لأن عدداً كبيراً من الادباء والمثقفين والنقاد والمتابعين ومن اقطار الوطن العربي كافة اجتمعوا هناك, وقلما يحدث ذلك, وهذا يعني انني امام فرصة نادرة لأطرح السؤال واتأكد من ان ما نشعر به هنا ليس الا جزءا من هم ثقافي واسع يمتد من الماء الى الماء, ولكن كيف يشخص ذوو الامر والاهتمام هذا الواقع, بل اعراض هذا المرض الذي كاد ان يكون مزمناً. كيف يراه الروائي والشاعر والناقد والمترجم.. كيف يراه الاديب الجزائري والمغربي والخليجي والمصري والسوري.. باختصار كيف يراه المبدع العربي هل تختلف التفاصيل والتوصيفات ام اننا متشابهون حتى في الشكوى وعدم القدرة على التشخيص? واذا كنا نجحنا في التشخيص فما العلاج وهل يختلف باختلاف التشخيص? اسئلة حاولنا الاجابة عليها وكانت جولة افق لم يبخل فيها المبدعون بما لديهم .. د.حسام الخطيب : نقدنا غائم وعائم ...
الاستاذ الدكتور حسام الخطيب استاذ لأجيال ونتاجه الفكري غني عن التعريف, توجهنا اليه بالسؤال عن مستقبل الرواية العربية وعن واقع ثقافتنا ونقدنا فرأى ان الرواية هي فن المستقبل وما نقرؤه الآن من روايات عربية جيد ويدل على ان روائيينا قادرون على تقديم ما هو جديد.. اما النقد العربي فهو غائم وعائم, ولا ضابط له,ثمة فوضى في النقد يجب ان نضع حداً لها, وبما ان النقد الآن ليس بذي اهمية لا سيما في مجال الشعر, لذا يجب علينا ان نترك الشعر يسيل كالنهر لا يقف بوجهه شيء, لأن النقد متقلب عندنا , اليوم بنيوية وغداً اسلوبية, وبعد غد لا ادري.. ما نراه الان ليس نقدا وما ينشر الان في معظمه بعيد عن النقد والابداع, وشعر هذه الايام لغو بلغو وصف كلام لا معنى له .. د. طالب عمران: نقادنا غير منصفين.. الروائي طالب عمران كان ضيف ندوة الرواية والمستقبل, وقدم محاضرة حول تجربته في كتابة رواية الخيال العلمي, وقد لا قت تجربته استحسانا وتقديرا من النقاد والمتابعين, ووجدت صدى طيبا في وسائل الاعلام كافة, في الفن الروائي الذي اختاره الدكتور طالب عمران سألناه عن النقد في هذا المجال الادبي الجديد فأجاب قائلا: يحتاج نقاد هذا الجنس الادبي الجديد الى ثقافة علمية مطلوبة, مطلوب منهم ان يكونوا قادرين على التأني في اصدار احكامهم وهذا ما لانراه.. نقبل الآن منهم ان يتعاملوا معنا كتعاملهم مع الكتاب الاخرين واقول: انه لا يوجد انصاف في النقد, الناقد يبتعد عن الحالة الابداعية, وليس من مهمة الكاتب ان يرسل ابداعه الى الناقد, بل على الناقد ان يبحث هو في هذا الابداع, يبحث عنه ويقدم رأيه صريحاً ومعللاً, نقدنا الآن كارثي وشللي, والكثيرون من نقادنا بعيدون عن المهنة التي تسّموا بها . سيف الرحبي : إمكانية النهوض قائمة..
بداية اتفق مع ما قاله د. حسام الخطيب, فليس ثمة نقد بالمعنى الحقيقي- معرفياً واخلاقياً- لكن هذه المسلمة المؤلمة والحزينة مثل واقعنا العربي كله لا بد لها من خروقات, وهناك من يمارس النقد الذي يمكن ان نرصده في اتجاهين, الاول: نقد ادبي, يقوم به متخصصون سواء كانوا اكاديميين ام من خارج الاكاديمية يحاول القليلون منهم ن يواكبوا على نحو ما الحركة الثقافية والشعرية وان يؤرخوا معرفياً في العمق لهذه الثقافة. والاتجاه الثاني: النقد الصحفي الثقافي, وهو يتراوح من بلد لآخر ومن صحيفة لأخرى وحسب الاسماء القيمة على هذه المنابر وعمقها وامانتها وقدرتها على المتابعة. واود ان اشير الى ان امكانية النهوض قائمة, واملنا ان يستعيد النقد وضعه الحقيقي ويتعاطى بجدية اكبر مع الثقافة والحياة وبقدر ما يكون كاشفاً للدلالات الخبيئة للنصوص والكتابات بقدر ما يكون له دور اساسي في توجيه القارئ والحركة الثقافية بصورة عامة,الامكانية قائمة من الناحية الواقعية فثمة نقاد لا يستهان بمعرفتهم وخبرتهم, ولكن ثمة بعثرة وتشظ وبعض هؤلاء يركنون الى العزلة نتيجة للواقع المتردي في كل جوانبه. وختم قائلاً: سورية بلدي وعشت فيها ولي فيها ذكريات جميلة وهي محطة اساسية في حياتي وجدانيا ومعرفيا,وفيها اصدرت اول كتابين لي ولسورية تحية ومحبة. د. عبد الله إبراهيم صاحب موسوعة السرد العربي: لا بد من الانتقال إلى إصدار أحكام القيمة حقق د. عبد الله ابراهيم حضوراً متميزاً على الساحة النقدية من خلال موسوعته الشهيرة رؤية جديدة لنظرية السرد, حول النقد الادبي والثقافة العربية يرى ان النقد العربي يتأرجح بين مرحلة الوصف للاعمال الادبية ومرحلة الحكم عليها, ولكي يتخطى هذه الحال لا بد ان ينتقل الى التحليل والاستنطاق والتأويل ومقاربة الاعمال الادبية بمستوياتها الاسلوبية والبنائية والدلالية لكي يتمكن الناقد من رصد الظاهرة الادبية على نحو شامل, فالوقوف عند مرحلة الوصف يحول دون استخراج حكم القيمة للنصوص, ويؤدي الى اهمال وظيفتها. وبانتقال النقد الى مرحلة الاستنطاق فهو ينخرط في وضع المادة الادبية في مرتبة رفيعة ويدرجها في وظيفة مفيدة, ونتطلع الى ان يكتشف النقد العربي امكانيات جديدة يستعين بها للتحليل, ومن ثم اصدار حكم القيمة. وعن الرواية العربية يقول: حققت انجازات كبيرة,ولكن ليس من ا لمفيد انتاج مقارنة لا تستند الى الاسس الفنية للنصوص السردية,فالظاهرة الروائية العربية مدونة شديدة التعقيد, وهي تجتذب اليها متلقين كثراً يوما بعد يوم, وشأنها شأن اي ظاهرة ادبية متحولة فهي في تطور متواصل, واتوقع انها سوف تستأثر باهتمام اوسع في المستقبل القريب, وهي لم تعد معنية بالتأثر المباشر بالاداب الاخرى كما حدث قبل عدة عقود, فقد استقلت بنيتها ووظيفتها ونجحت في تكوين شرطها الذاتي للتطور, لكن هذا لا يعني انها ليست بحاجة للتعامل مع السرديات المتأصلة والمناظرة لها في العالم, فالنصوص كالثقافة تتفاعل وتتجاذب وتثري بعضها بعضاً والرواية ليست بمعزل عن ذلك . ربيعة ريحان : لا نجيد تسويق ابداعنا .. من اكثر الاسماء المغربية شهرة, قدمت اكثر من خمس مجموعات قصصية ترجمات الى لغات عالمية ولا سيما مجموعتها مطر المساء ترى ربيعة ريمان ان حركتنا النقدية مخيبة للآمال, وثقافتنا ترهلت ولا يشعر بأن ثمة اهمية لما يقدمه النقاد, وترى ان الشعوب تخلد بالابداع فكل شيء يزول ويذهب إلا الابداع, وليس لدينا جدية في ترجمة اعمالنا وتسويقها نحن مقصرون في تعريف العالم على نتاجنا الابداعي, علينا أن نذهب الى العالم, فمن المؤكد ان لدينا ابداعات هامة ولسنا في حالة عقم ابداعي ولكن وسائل التعريف ضائعة فاذا كنا نحن كأدباء عرب لا لا نستطيع التواصل فكيف سنتواصل مع الآخر? د. هشام السقاف أمين العلاقات الخارجية اتحاد الأدباء اليمنيين: على المفكرين والمثقفين مواجهة القادم.. ذهب د. هشام السقاف الى القول ان ابداعنا يغزى الآن, وثقافتنا تفقد اوراق مقاومتها لأن الهجمة شرسة ونحن غافلون عنها, فلا يمكننا أن نفصل السياسي عن الاقتصادي والثقافي, وكلنا مستهدفون الآن, ولذلك ارى ان على المثقفين العرب ان يؤدوا دوراً كبيراً لابراز الوجه الناصع لثقافتنا وحضارتنا, وأود ان اشير هنا الى ان المؤتمر العام لاتحاد الادباء والكتاب العرب الذي عقد في الشارقة وجه التحية لمواقف سورية وتقرر ارسال وفد من اتحاد الكتاب العرب للتضامن معها. . وعلى العموم على وسائل انتاج المعرفة الثقافة والاعلام ان تكون قادرة على مواكبة حركة التغيير العالمي والتقني, ونحن في وطننا العربي لا تنقصنا الكوادر المؤهلة في المجالات كافة ولكن تنقصنا روح التفاعل والتعامل الجماعي والتخطيط, وازمتنا الثقافية والنقدية الى زوال ان احسنا الاعداد للمستقبل بدأنا العمل لا التنظير. د. محمد برادة: لا بد أن نغير أدواتنا المعرفية محمد برادة اسم ادبي ونقدي فرض وجوده من خلال ما قدمه في المجال الروائي والنقدي والترجمة, وقد تجاوزت كتبه الخمسة عشر كتابا في الاجناس الثلاثة, يرى برادة ان النقد الآن ومعه ثقاتنا - يعاني من تأثير وسائل الرفاهية التي تغزو حياتنا وانا متفائل بالنقد الادبي, صحيح اننا كنا في الستينات ننحو نحو نقد ادبي يقوم على مدارس علمية وهذا فيه شيء من التناقض نطبق منهجاً علمياً على نص ذاتي ابداعي والخلاصة غير صحيحة على الاطلاق. نقدنا يجب ان يصل الى مرحلة اصدار الحكم, حكم القيمة, فالقارئ الذي يقرأ 30 صفحة او اكثر وهو يغوص في تحليل واحالات واشارات دون ان يصل الى نقد حقيقي او حكم قيمة لن يعود الى القراءة ثانية, ولذلك علينا ان نصل الى حالة اصدار حكم قيمة في النهاية بعد التعليل وهذا ما يجعل الناقد والقارئ والكاتب يتشاركون في حوار ونقاش ثقافي. وحين يتغير النقد ويتطور لا بد لنا من ان نغير ادواتنا ونطور في اساليبنا التعليمية الجامعية ونعمل على تحديثها وتطويرها حتى نصل الى ما نسميه ( النقد الثقافي) وهو ما نسعى اليه, وهذا ما تساعد عليه الصحف والمجلات ووسائل الاعلام اذا تبنت آراء نقدية دون الوقوع في حالة العرض التي لا تقدم رأياً. د. أحمد عبد الملك : نقدنا ليس حياديا..
قدم د. احمد عبد الملك اعمالاً روائية ومسرحية هامة ولا سيما روايته الاخيرة ( احضان المنافي) وفي المسرح اصدر مسرحيته (المعري يعود بصيرا) يرى د. عبد الملك ان النقد الادبي لدينا نوعان : مديح شديد لصديق او قريب, او ذم شديد غايته التجريح لا اكثر ولا اقل, ويدعو لأن يقرأ الناقد النص دون ان يرى اسم المؤلف وبمعنى اخر ان يكون الناقد حيادياً, وعلينا ان نتجاوز المواقف المسبقة. اما عن ازمة الثقافة فيرى اننا نرفع شعارات اكثرمما نفعل, فالثقافات لا تنمو الا في مناخات العمل الابداعي الذي يؤسس على الارض اكثر مما يثرثر ويقول دون عطاء نحن الان ولاسيما في منطقة الخليج في مرحلة تحول لا بد ان نعي ابعادها واهدافها, ولا بد ان نحافظ على اصالتنا الثقافية, ونسعى نحو غد افضل يتم فيه التواصل بين المثقفين والمبدعين العرب بالقول والعمل لا بالشعارات. خلاصة القول.. من الماء الى الماء, ادباء ومفكرون, واعلاميون يدركون حجم التحديات ويصفون اعراض الازمة الثقافية والنقدية التي نعيشها, التشخيص يكاد يكون واحداً لأن الاعراض متشابهة,والدواء موجود وهو من تركيبة واحدة هي : الارادة في التغيير والعمل, تقديم الاصيل على ما هو زائف, الاستفادة من المتغيرات العالمية وعدم اغماض الاعين عما يجري واعتباره موجة عابرة فهوليس عابرا ولا آنيا لابد من ادوات معرفية جديدة في مناهج التعليم والنقد والبحث وفوق هذا وذاك لا بد من القدرة على التواصل والتفاعل فيما بيننا, وعلى التوازي القدرة على تقديم انفسنا للآخر, لا ان ننتظره حتى يأتينا لأنه لن يفعل, فالعالم ليس جمعية خيرية تبحث عن المحتاج.. الواقع مر والدواء ليس اكثرمرارة لكن آراءنا ستكون اكثر مرارة وخيبة ان كنا سنبقى في حدود التنظير هذه مجموعة اراء لروائيين ونقاد ومبدعين, وتركنا رأي المفكر د. محمد اركون لفسحة اخرى قادمة لأن له رأياً آخر يبيح الحرية قبل جبال البيرينية طبعاً من جهة الغرب ويحرمها من بعده اقصد هنا في الوطن العربي. |
|