|
ساخرة وكنت قد عرفته وعاشرته صديقاً وزميلاً - في الصحافة- بين عامي 1949 و 1955، فقد ضمني وإياه صف واحد في ثانوية أمية، وتزاملنا في صحيفة «الوعي» المسائية التي كانت تصدر في دمشق. عاش برهان كركوتلي بين عامي 1932- 2003، وبعد رحيله في ألمانيا، وضع عنه صديقه وزميله الفنان التشكيلي الكبير غازي الخالدي، كتابا في 496 صفحة من القطع الكبير، زينه بعدد كبير من لوحات برهان التي يتموضع بعضها الكثير على فلسطين والنكبة والثورة. لوحات برهان المختلفة صنفت لوحات الفنان في عدد من العناوين أولها فلسطين، ثم تتوالى لوحاته عن الحياة الشعبية، والوجوه المختلفة التي رسمها، وكان هناك قسم خاص بفن الإعلان، ثم الطرب والنغم، إضافة إلى موضوعات إنسانية أخرى: السجين- المشرد- البطالة- الحب- الخ. زميلان في كلية الفنون الجميلة وما دام الخالدي، على صداقة مع برهان منذ الخمسينيات الأولى، عند لقائهما للدراسة في كلية الفنون الجميلة هناك -لم تكن هذه الكلية موجودة في دمشق في ذلك الزمن، حتى ستينيات القرن الماضي، فإنه استطاع أن يجمع صوراً مختلفة لبرهان كركوتلي، بعضها ظهر فيها غازي وبعضها ظهرت فيها زوجة برهان المصرية، وبعض ثالث صور شخصية لبرهان. عقيدته في الفن التشكيلي يقول غازي الخالدي: إن برهان آمن أن الفن التشكيلي قائد اجتماعي في وطنه، والفن لابد أن يخدم المجتمع، والفن لابد أن يكون معبرا عن قضايا الوطن المصيرية في الحرية والاستقلال وتقرير المصير، لذلك تبنى وبكل صدق طوال حياته في أكثر لوحاته القضية الفلسطينية، حتى ظن بعض النقاد اللبنانيين والألمان أنه فلسطيني، وقد رسم أجمل لوحاته وأشهرها عن فلسطين، بأسلوب واقعي. لم يكن في جيبه شيء ويستطرد الفنان الخالدي قائلاً: ورغم فقره الدائم، وحاجته إلى القرش الواحد أحياناً، فإنه كريم وكريم جداً، لايهتم بالمادة ولا يفكر في الغد، ولم يكن في جيبه إلا قوت يوم واحد فقط، أو قد لا يكون معه هذا أيضاً، ومرة باع بدلة من بدلاتي في القاهرة- حيث كانا يسكنان معاً في أثناء الدراسة في كلية الفنون. وباع بدلة غازي لماذا فعل برهان كركوتلي ذلك؟ يوضح غازي بأن برهان لم يكن يملك ثمن تذكرتي سينما وعشاء فلافل لخطيبته ليلى- التي أمست زوجته الأولى. وفي الصباح وجد غازي مبلغاً من المال، في مغلف أنيق، كتب عليه: عزيزي غازي ! شكراً لك، لقد بعت بدلتك، وتصرفت بالمبلغ وأخذت ليلى إلى سينما كايرو، كما كنت قد وعدتها، وتناولنا العشاء وزاد مبلغ 65 قرشاً مصرياً، أتركه لك لعلك تحتاجه!؟ وللحديث تتمة |
|