|
قاعدة الحدث وبعد أن كانت هذه الظاهرة مسألة مناخية بحتة، أصبحت في عصرنا الراهن قضية شائكة ومقلقة للغاية لأنها تهدد بفناء الحياة على وجه كوكبنا الأرض والعبارة ليست ميلودرامية بالتأكيد بل هي صرخة حقيقية كي لا نشهد عقوداً من الحروب والنزاعات بسبب الجفاف في مناطق والفيضانات المدمرة في مناطق أخرى وهذا على سبيل المثال فقط، إن المخاطر القادمة حقيقية جراء الاحتباس الحراري، وهل تهدد البيئة الطبيعية والإنجازات التي حققتها البشرية عبر تاريخها الطويل على وجه الأرض، منذ بدء الخليقة وإلى يومنا هذا. الآفاق المستقبلية منذرة ومتشائمة وسوداوية في حال استمر الاختلال البيئي الحالي دون البحث الجاد عن حلول ناجعة لظاهرة الاحتباس الحراري والحد من مخاطرها المماثلة للعيان، ورغم أن الدول الصناعية المتقدمة تتذرع بأنه لا دخل للعوامل البشرية/الأنشطة/ فيما يحدث من خلل للمنظومة البيئية تهدد الحياة على الأرض لكن الأبحاث العلمية الجادة تؤكد أن هذه الظاهرة تفاقمت منذ الثورة الصناعية وهي تتسارع بشكل مريع ويزداد خطرها يوماً بعد يوم. ومن هنا نجد مسارعة المجتمع الدولي لعقد المؤتمرات وصياغة الاتفاقيات للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري ونرى أيضاً بأم أعيننا المطالبات العالمية والصيحات الشعبية، للخروج بقرارات ملزمة في مؤتمر كوبنهاغن حول المناخ للتخفيف من الخطر المحدق بالبشرية والكوكب. الطريـق الوعـر.. مـن كيوتو إلـى كوبنهـاغن يبدو أن الآمال التي علقتها شعوب الأرض على مؤتمر كوبنهاغن المناخي التي بدأت أعمالها أمس الاثنين لإنقاص درجة حرارة الأرض وبلورة اتفاقات عالمية للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري وتحقيق الأمن لكوكبنا الأرضي، قد بدأت بالتلاشي منذ الساعات الأولى لانعقاد القمة، في ظل غياب العديد من قادة الدول الصناعية الكبرى التي تتحمل المسؤولية الكاملة عما يجري على ظهر الكوكب بسبب غازات معاملها المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض. فرئيس الولايات المتحدة باراك أوباما، الذي يفترض أن تقود بلاده الحملة العالمية لإصدار قانون يلزم دول العالم الصناعية بخفض غازاتهاالمسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض، باعتبار أن أميركا تتصدر هذه البلدان غاب عن القمة وأجل مشاركته إلى اليوم الختامي في 18 كانون الأول الجاري، ناهيك عن أن البيت الأبيض أعلن أن واشنطن ستدفع فقط حصتها من خطة المساعدة السنوية المقدرة بعشرة مليارات دولار للدول النامية لمساعدتها على التصدي لارتفاع حرارة الأرض. وفوق هذا وذاك أشار تقرير أعده فريق حكومي دولي إلى أن التوافق الدولي في قمة كوبنهاغن على هدف انقاص درجة حرارة الأرض بمقدار درجتين يصطدم بصعوبات كبيرة على طاولة المفاوضات فالبقاء تحت مستوى الدرجتين يتطلب وفق التقرير تخفيض مجمل الانبعاثات العالمية للغازات المسببة للارتفاع الحراري إلى النصف بحلول عام 2050 وهذا يعني أن المستوى الأقصى للانبعاثات ينبغي أن يتحقق بحلول عام 2015 على أن يبدأ بالتراجع عام 2020. ويشير معهد كارينجي والمعهد الملكي للشؤون الدولية إلى أن هناك الكثير من العقبات التي تقف في طريق الجهود الدولية المبذولة من أجل الالتزام بتحقيق الهدف المنشود في مؤتمر كوبنهاغن وهو انقاص درجة حرارة الأرض لتحل قرارات المؤتمر محل اتفاقية كيوتو لعام 1997 حول انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون. وتعد الولايات المتحدة والصين أهم دولتين مسببتين لظاهرة تغير المناخ ومن ثم فإن الكثير من التوقعات حول نتائج المؤتمر ترتبط بمدى استعدادهما الالتزام بحل هذه الظاهرة الخطيرة على أمن الكوكب. كذلك الأمر هناك خلافات كثيرة بين الدول المتقدمة والنامية لا تزال عالقة إلى اليوم وتتمحور حول تحديد المسؤوليات ومدى مساعدة الدول الغنية للدول الفقيرة. ولمقاومة ظاهرة ارتفاع حرارة الأرض انعقدت أول قمة للأرض عام 1991 بالبرازيل في مدينة (ريو) التي مثلت حجر الأساس لسلسلة من الاجتماعات والقرارات للحد من انبعاث الغازات الدفيئة وخاصة ثاني أوكسيد الكربون الذي يستحوذ على قرابة 50% من الانبعاثات الإجمالية للغازات الدفيئة في العالم. وقبل انعقاد هذه القمة شهد العالم مجموعة من الاتفاقيات الدولية للحد من هذه الظاهرة ومنها: - اتفاقية رمسار بشأن الأراضي الرطبة التي وقعت في ايران عام 1971. - اتفاقية الحماية من التلوث البحري عام 1972. - الاتفاقية الدولية للحد من التلوث الناتج عن السفن عام 1978. - معاهدة منع التجارب النووية في الغلاف الجوي وتحت الماء، - اتفاقية فيينا وبروتوكول «مونتريال» لحماية طبقة الأوزون ، - اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ عام 1993. - اتفاقية بازال بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة عام 1992. - معاهدة الحفاظ على التنوع الحيوي عام 1994. - اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر عام 1996. - بروتوكول كرتهينة للسلامة الاحيائية عام2000. - اتفاقية استوكهولم للملوثات العضوية 2004. -بروتوكول كيوتو الملحق باتفاقية تغير المناخ عام 2003. ورغم كل هذه الاتفاقيات الدولية للحد من الظاهرة فإن العالم لم يتوصل إلى حل لها ولم تطبق فقرات الاتفاقيات المذكورة، ومع أن الأمل معقود على التحرك الصيني في مؤتمر كوبنهاغن الحالي حيث أكدت بكين أنها ستفي بتعهدها بتحقيق هدف خفض الانبعاثات وتقديم التمويل ودعم بناء القدرة للدول النامية إلا أن معارضة الولايات المتحدة لتمرير أي مشروع - وخاصة في الكونغرس- مضاد للانبعاثات الكربونية والغازية بصرف النظر عن وعود أوباما يظل العقبة الكأداء أمام أي تقدم في هذا المجال، وبالتالي فإن أميركا هي في مقدمة من ليس لديهم أي استعداد لتحمل تكلفة نظافة العالم وخضرته بسبب جشع شركاتها الاحتكارية وحرصاً على اقتصادها. |
|