|
ملحق ثقافي حتى صار مقياس انتشار الرواية الجديدة هو مدى تجاوزها للخطوط الحمراء؛ وهذا ما آثار ردود فعل متباينة، بين مشجع على الجرأة التي تفضح المسكوت عنه، وتظهر الوجه الخفي من وراء حجاب الصمت؛ وبين منكر الضجيج الذي لا طائل منه غير شهرة المؤلف/ـة وترويج تلك الكتب. ومازال الجدل دائرا بين مد وجزر، بحسب الروايات المطبوعة التي قد يحظر الرقيب تداولها في الكثير من الأحيان، علما أن هذا الحظر قد يعطي الرواية شهرة تسهم في سرعة انتشارها وتداولها!. ••• ترصد الكاتبة اللبنانية المعروفة «علوية صبح» في روايتها الجديدة «اسمه الغرام» حياة مجموعة من النساء اللواتي تجمعهن ملامح متشابهة، وسمات متقاربة، رغم اختلاف مستوياتهن الثقافية, والاجتماعية, والاقتصادية. بطلات الرواية لا يعانين بشكل رئيسي من التسلط الذكوري- كما هو شائع- فبطلة الرواية «نهلا» تصطدم مع أخيها، دون والدها الذي لم يمارس عليها أي قمع يذكر، بعكس أمها التي كانت تنتقد بشدة الأب الذي منح الابنة حرية تسيء إليها. فالانحياز ضد المرأة إذا هو موروث اجتماعي قد تتمسك به المرأة، ولا ينحصر بالذكر وحده، لهذا اتسعت أطياف المعالجة، وتعددت محاورها. ليست كل علاقات الحب التي لا تنتهي بالزواج هي علاقات بائسة تخلف الحسرات، فبطلة الرواية «نهلا» بعد فشل حبها الأول نتيجة ظروف اجتماعية قاهرة تسترد حبيبها «هاني» بعد انقطاع دام لعقد ونصف العقد، لتتخلص من رتابة حياتها الزوجية المملة، ككل صديقاتها اللواتي نال بعضهن الطلاق بعد الكثير من الخلافات الزوجية، والسبب أن الأزواج لا يمنحون الاكتفاء العاطفي والجسدي لزوجاتهم، لهذا نجد تبريرا مبطنا للجوء النساء إلى البحث عن عشيق يعوض المتزوجات عن أحزان الحرمان، لاسيما أن الزوج قد يتعمد أحيانا السخرية من زوجته وأهانتها. كما يتهافت الأزواج أيضا على إقامة علاقات مع أكثر من امرأة، رغم عجزهم واستعانتهم بالأدوية، لأنهم متبجحون بفحولتهم المزعومة لا أكثر. بينما النساء يكتفين بالصمت, فهن يسعين بالدرجة الأولى إلى إرضاء أجسادهن بهدوء. ولا تشكل الخيانات الزوجية أي مشكلة دينية أو أخلاقية لديهن-كما الرجال- فهن يرين أن من حقهن اكتشاف أجسادهن والتمتع بها طالما الأزواج عاجزون عن تلبية رغباتهن، لهذا تأتي العلاقات الجنسية كأمر طبيعي ومرغوب فيه. لهذا لم يكن مستهجنا في الرواية أن تقيم «نهلا» علاقات جسدية عابرة مع بعض الرجال قبل العودة إلى حبيبها السابق بعد زواجه، بلا إدانات، فـ»نهلا» امرأة ودود لا تخدش مشاعر زوجها البليد، فضلا عن أنها لا تشعر بالغيرة من زوجة عشيقها، بل تكن الود لها ولأولادها، وتعبر عن ذلك بإرسال الهدايا لهم مع «هاني» الذي يبدو رجلا يتميز بالإحساس العالي والمشاعر المرهفة، دون أن تشكل له خيانته لزوجته، أو إقامة علاقة مع امرأة متزوجة أي تأنيب للضمير، ككل شخصيات الرواية. لغياب أي رادع أخلاقي أو ديني أو اجتماعي تتهالك البطلات على البحث عن المتعة مع الرجال، فإحدى صديقات البطلة تحترف البغاء طلبا للمال والمتعة، وتجاهر بحرفتها الجديدة أمام صديقاتها دون خجل، لان «نهلا» وصديقاتها لا يجدن أي غضاضة في بيع الجسد المتطلب، فبرأيهن أن من حق المرأة أن تفعل ما تشاء بجسدها دون التظاهر بعفة لا مبرر لها. وهناك امرأة أخرى تقيم علاقات غرامية مع النساء فقط، ورغم ذلك لم تحاول صديقاتها نصحها بإقامة علاقة طبيعية, لان الشذوذ برأيهن أمر طبيعي مادام تعبيرا عفويا عن أحاسيس المرأة التي تقرر بمفردها ما تحتاج إليه. أما أكثر البطلات تعاسة فهي امرأة متزوجة تعاني من الحرمان بأنواعه، ككل الشخصيات، لهذا تجرب خيانة زوجها مصادفة مع رجل لا تعرفه، ورغم ذلك لا يدخل السرور إلى قلبها، ربما لأن تجربة عابرة لمرة واحدة غير كافية؛ لهذا فقدت تلك المرأة التي لم تقم علاقة عاطفية دائمة مع رجل تحبه الكثير من جمالها، بعكس النساء اللواتي يزددن جمالا عندما يعشن تجارب حب جديدة مهما تقدمت بهن السن، وأكثرهن «نهلا» التي لفت جمالها بعد عودتها لعشيقها أنظار صديقاتها اللواتي أطرين على حسنها وحسدنها عليه رغم أنها جدة في الخمسينيات من العمر!. الكتاب: اسمه الغرام الكاتبة: علوية صبح الناشر: دار الآداب- بيروت |
|