تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حديقــــة الشتاء

ملحق ثقافي
8/12/2009
ممـدوح السكاف

1- دياجير الرخام

مَطَرٌ على حَجَر الحديقةِ، والحديقةُ لا تنامْ‏

مطرٌ يَعومُ على فضاءٍ‏

ثم يهوي في ارتعاشته الحنونةِ‏

كالأشعةِ في الظلامْ‏

من قامَ من نوم الجسدْ‏

حَيّا وأطرقَ وابتعدْ؟‏

طيفٌ لنائمةٍ كساهرةٍ‏

هواءٌ.. أم غمامْ‏

جنيَّةٌ تهفو إلى سَهَرٍ وتهربُ من بَرَدْ‏

يا دفئَها الروحيَّ‏

أسكِنها دمي ونقا العظامْ‏

مَطَرٌ على سَفَرٍ وتبكي في الحديقة وعلةٌ‏

للحزن‏

أيقظها الرّدى والصحوُ والألمُ الطَّهورُ‏

فأسلمتْ لسُباتها الأبديّ‏

كوكبَها‏

وأَغفَتْ ثم أغفتْ‏

ثم غابتُ في دياجير الرخامْ‏

2- عناق الضدين‏

خيطٌ من النّور الأليفِ:‏

أأنتِ وحدكِ في الحديقةْ‏

أسمعتِ همسي في الظلامِ‏

حفيف أعضائي‏

وأسراري الطليقهْ‏

أرايتِ ظلّي بين أمواجِ النداءِ‏

وخلفَ شطآن الحنينِ‏

وعند مرساتي الغريقهْ‏

خيطٌ من النور الضعيفِ:‏

أأنتِ جثّتيَ الشقيقَهْ‏

3- حارس القصيدة‏

مَنْ يحرسُ الموت الصغيرَ مع الحديقةِ والسِّياجْ؟‏

ليلٌ كوحشٍ،‏

أم صباحٌ كالخديعةِ‏

أم رياحٌ هارباتٌ من أخاديد الفِجاجْ‏

مَنْ يحرسُ الموتَ البريءَ مع الحديقةِ‏

والرّتاجْ؟‏

قمرٌ عقيمٌ,‏

أم شعاعٌ عاقرٌ كالشمسِ‏

أم ذكرى يُغيِّبها العجاجْ؟‏

من يحرس الموتَ الوحيدَ من الظلام‏

ومن يُضيءُ له السِّراجْ؟‏

4- مشهد الغروب‏

طيرٌ ونافذة وطفل في الحديقةِ والهواءْ‏

مُترنِّحٌ كالعطر‏

والشمسً انحنتْ‏

تدنو إلى حلمٍ يُعَفِّرُ بالتراب يَدينِ من فُلٍّ‏

وقلباً من ضياءْ‏

وأنا هنا أرنو إلى قمرٍ تخضَّب بالبكاءْ‏

5- أغنية الوداع‏

هذا نعيقُ البوم يسري في الحديقة والمكانْ‏

مدَّت له جنيّةُ الماءِ البعيدةُ‏

قُبلةً، وطَفَتْ على الماء اليدانْ‏

مَنْ كان من روح الظلام يُضيئه موتٌ‏

ويدعو كائناتِ الصمت‏

للرمق الأخيرِ‏

ومأتم للأقحوانْ؟‏

هل تلك أغنيةُ الوداع تَلوحُ بالذكرى‏

الطريدةِ‏

ياسمينُ الصوتِ يذوي في الحديقة والزمانْ‏

حملتْ له إنسيّةُ الماءِ القريبةُ‏

سهرةَ الفرحِ المباغتِ‏

فانتضى سيفَ الطعانْ‏

هذا نعيقُ البوم أخلَدَ في الخرائب للتهدُّجِ‏

والهوان‏

ودمي هنا متبضِّعٌ بدمي‏

يُشيِّعُ جثةً في طيلسان.. !‏

6- رماد الخليقة‏

هل كنتِ وحدكِ في الحديقةِ عندما غَنَّى‏

المطرْ؟‏

ليلٌ من الرّيح السّهُورِ‏

وظلمةٌ بيضاءُ‏

طينٌ نائمٌ‏

ومساءُ نهديكِ استضاءَا في يديَّ‏

وأجهشا بالنور يلمعُ في دمٍ كالثلج‏

بردٍ كالشررْ‏

هل كنتِ وحدكِ في الجنازة عندما اغتيل‏

القمرْ؟!‏

7- نوم الثنائي‏

نامَ السُّهادُ مع الرُّقادِ وأيقظَ الليلَ المضرَّجَ‏

بالأنينْ‏

ليلٌ على ليل الحديقةِ مُنْعَمٌ بالصمتِ‏

دفَّاقٌ حزينْ‏

وصباحُ أُغنيةٍ على صُبح الحديقةِ‏

مُترعٌ بندى الشعاعِ,‏

مُرَنَّحٌ بشذى الحنينْ‏

وأنا وأنتِ ونورُنا الأبديّ يهطلُ من هواء‏

الياسمينْ‏

هل تلك رؤيا أم صليل الحلمِ في الجسدِ‏

الطعين؟!‏

8- معزوفة البرد‏

كانت تهيمُ بطيفها، تغفو على ورق الحديقةِ‏

ثم تنأى في رماد الصبح أو ليل الحطامْ‏

حوريَّةٌ عَزَفتْ مع البردِ الرَّؤومِ نشيدَه‏

وتدثّرتْ بأنينها الجسديِّ,‏

سالتْ شهوةٌ كالنور من دمها‏

وأسدلتِ الظلامَ على الظلامْ‏

9- طعـام المـوت‏

مَنْ يحتفي بالليلِ، يُولدُ في الحديقةِ والصباحْ‏

هل كنتِ في دَنَفْ الخريفِ‏

تباركين منيَّةً تدنو إليكِ مع الرياحْ‏

وتُواسدينَ مرارة الجسد المذهّب بالجراحْ‏

من يحتفي بالموتِ يُقبلُ في مهابته،‏

ويبتدئ النُّواحْ.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية