|
ملحق ثقافي استضافت العاصمة الليبية طرابلس ما بين 22-25 من شهر تشرين الثاني الماضي ندوة « الحرية في الأدب النسائي « شارك فيها نخبة من الكاتبات والكتّاب العرب، وعالجت جملة من العناوين التي طالما أرقت الكتابة النسوية العربية ومنها المحرم في الأدب النسائي، ولعله كان من أهم عناوين الندوة، لا سيما أنه دارت حوله نقاشات حادة بوصفه المشكلة الأهم التي تعاني منها الكاتبة العربية منذ خمسينيات القرن الماضي وحتى الآن. وقد اختلفت النظرة لمفهوم المحرّم وتجلياته في الأدب النسوي لكنها لم تخرج في المقام الأول عن حدود الجسد الذي يحاصره المجتمع الذكوري بجملة من المحظورات، تجعل اقتراب الكاتبة منه والبوح بأسراره خطاً أحمر لا ينبغي الاقتراب منه أو تجاوزه، حتى لو كانت تتحدث بلسان شخصياتها لا بلسانها.. ذلك أن القارئ أو الرقابة بمختلف أشكالها، رسمية أم أهلية، لا تميز دائماً بين الكاتبة وشخصياتها، فتربط وتتطابق بينهما، وتحاكم الكاتبة من خلال ما تحمله تلك الشخصيات من وجهات نظر، لا ما تصرّح هي به! وهذا الخلط بين الكاتبة وأبطالها هو ما دفع إلى إثارة الزوابع حول عدد من الأعمال في الماضي البعيد والقريب، منها «أيام معه» لكوليت خوري و «في الليل تأتي العيون» لليلى العثمان وجملة من أعمال نوال السعدواي وغادة السمان وحميدة نعنع وأحلام مستغانمي وفضيلة الفاروق وسلوى النعيمي أخيراً. ورغم التحول النوعي في النظرة إلى المرأة عموماً بعد دخولها شتى ميادين العمل والحياة، إلا أن المجتمع ما يزال ينظر بعين الريبة إلى الإبداع النسوي ويضعه في دوائر الاتهام حالما اقترب من «التابو» المحرّم، وهو ما يعاني منه أيضاً الكتّاب ولو كان ذلك بدرجة أقل. بعض الكاتبات سوّغن الكتابة الجنسية على حساب شرط وجود المرأة الحقيقي وحريتها وصيانة حقوقها، وظهر وكأن حرية المرأة مرتبطة فقط بحرية الجسد المطلقة، ما أدى إلى ظهور سلسلة من الروايات التي لم يكن الهدف منها إنصاف الأنوثة بقدر ما ترمي إلى طرح الجنس كرد فعل على الرجل، ومحاولة لكتابة مختلفة ولكن ليس لقارئ مختلف! وهذا باعتقادي ما سوّغ أيضاً لعقد مثل هذه الندوة التي قد تشكّل عتبة مهمة للإطلالة على الأدب النسوي العربي ودراسة اتجاهاته وتجلياته. |
|