|
شؤون سياسية كذلك أهمية التعاون بين الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي وجيوشه مع إسرائيل، في مجال مكافحة الإرهاب العالمي!. ففي الوقت الذي نقل فيه عن غاينتس قوله إن: (الواقع الراهن درامي ويتسم بعدم الاستقرار، وما يلزم الدول الأعضاء فيه إعادة النظر في سياساتها)، ألقى غاينتس كلمة أمام نظرائه في إطار الحوار المتوسطي خلال هذا اللقاء. لا تعد إسرائيل عضواً في حلف شمال الأطلسي، والذي تتطلب عضويته: (الدفاع المشترك عن أعضائه، وحماية حدود بلدانه، وسياساتها ومصالحها.. الخ). رغم أن محاولات تل أبيب الدؤوبة لنيل هذه العضوية، لما توفرها من حماية استراتيجية إقليمية ودولية في وجه المخاطر التي تواجهها، إلا أنها تشارك منذ عام 1994 في المناورات الجوية المشتركة الإسرائيلية – الأطلسية، وتستند إسرائيل في المناورات إلى المجال الجوي الواسع الذي تستفيد منه إسرائيل بسبب من مجالها الجوي الضيق، و«أزمتها» العسكرية – التدريبية الأخيرة مع تركيا. كما تستفيد من الخبرات الواسعة والمتطورة لدول الحلف وتبادل الخبرات في هذا المجال. وتقدم نفسها وكيلاً مهماً للحلف في مهماته «قديمة – جديدة» في المنطقة وجوارها، وصولاً إلى حالة من التنسيق الثنائي الأطلسي – الإسرائيلي العسكري. وإن كانت إسرائيل قد عوضت مؤقتاً عن «توقف» المناورات والتدريبات المشتركة التركية – الإسرائيلية (لأسباب خلافية إسرائيلية – تركية وغيرها) باستخدام المجال الجوي اليوناني، وهذا ما لا يوفر بحد ذاته مجالاً جغرافياً عسكرياً مناسباً لتدريباتها، وخاصة الجوية والبحرية، فإن استمرار المحاولات الدؤوبة الإسرائيلية، لإيجاد مجال جوي واسع يشبه في العديد من نقاطه وطبيعته منطقة الشرق الأوسط – شكّل ولا يزال هدفاً إسرائيلياً أساسياً في العلاقة الإسرائيلية – الأميركية الأطلسية المرجوة منذ عام 1994. ونظرت إسرائيل إلى هذا البديل بصفته تعويضاً عن توترات، أو تباينات بين إسرائيل وجيرانها وخاصة تركيا (في الفترة الأخيرة). ولذا حرصت إسرائيل مبكراً، وبشكل خاص منذ عام 1994 على تعزيز هذا التعاون الثنائي الأطلسي – الإسرائيلي، بوصفه مجالاً استراتيجياً من جهة، وبديلاً «محتملاً» ولو محدوداً في ظل المتغيرات الإقليمية والعالمية الجارية ثانياً. وتزداد أهمية هذا «التعاون» العسكري والجوي خاصة، مع محاولات إسرائيل الدؤوبة الانضمام إلى أطراف أخرى متممة، أو مكملة للتعاون العسكري المفترض بين الحلف وإسرائيل (الحوار المتوسطي، التحالف بين ضفتي المتوسط، الشراكة المتوسطية.. الخ). وهو الأمر الذي لا يزال يعترض عليه ولأسباب عديدة عدد من الدول العربية ولسكان عدد من هذه الدول أسبابها، وخاصة المطلة على البحر المتوسط، إضافة إلى الأردن. رغم تقديم العديد من دول المغرب العربي طلبات تنسيق متعددة الجوانب: الاقتصادية، التجارية، السياسية، العسكرية. فضلاً عن الارتباطات والمعاهدات التي تربط غالبية هذه الدول بمعاهدات عربية شرق أوسطية، وبمعاهدات عربية وبرتوكولات شاملة باستثناء، حتى تاريخه (مصر، الأردن) عن الانضمام إلى هذه المعاهدات والبرتوكولات. التي تتناقض مع المواقف العربية الجماعية، وفي مقدمتها المقاطعة العربية وتبعاتها. ويصبح مهماً أن تسعى تل أبيب إلى استثمار علاقاتها مع حلف شمال الأطلسي، وصولاً إلى التنسيق والعضوية الكاملة وتبعاتها للمساعدة في ترتيب الأمور المناطقية – الإقليمية، ودورها في هذا السياق. كما يصبح مفهوماً أن تسعى بعض دول المغرب العربي، فضلاً عن الدولتين الموقعتين على اتفاقية سلام مع إسرائيل (مصر والأردن) إلى الانضمام إلى الهيئات الإقليمية التي تشكل دول حلف شمال الأطلسي عمادها (اقتصادياً وعسكرياً)، في محاولة منها لإيجاد حالة من «التوازن» بين القوتين العالميتين روسيا، الولايات المتحدة، رغم انتهاء مرحلة زمن الحرب الباردة والثنائية القطبية، بل ينظر إلى هذه التطورات أميركياً على الأقل في ظل بروز قوى إقليمية ناشئة ومؤثرة. تحاول من خلالها هذه الدول إيجاد حالة من التوازن الإقليمي، وتالياً الدولي الغربي في مواجهة تطلعات ومحاولات إقليمية لتحسين العلاقات بين أطراف هذه الجهات، على الدول المعنية بشرياً وعسكرياً وتقنياً مع جيرانها وخاصة إيران. إذاً تطلعات وخطط أميركية – أطلسية لتوسيع حلف شمال الأطلسي جنوباً باتجاه المغرب العربي، على أهميته الاستراتيجية، وبخاصة الاقتصادية والأمنية منها، وجنوباً شرقاً باتجاه منطقة الخليج بثرواتها النفطية وموقعها الجيواستراتيجي على مقربة من إيران وجوارها غير المستقر راهناً، وخاصة بعيد الانسحاب الأميركي العسكري من العراق، وبدء العد العكسي للانسحاب الأميركي لقوات إيساف «الدولية» وعمادها القوات الأميركية في عام 2014، وما ستتركه من فراغ عسكري – أمني واقتصادي أيضاً على شبكة المصالح الأميركية – الغربية. طبيعي أن تندرج محاولات إسرائيل نحو تعزيز تعاونها ونفوذها مع هيئات شعبية وغير حكومية دولية (بحكم الأمر الواقع) بديلاً من القوات «الدولية» (قوات القبعات الزرق)، وصولاً إلى نيل عضويتها، وتبعات هذه العضوية إسرائيلياً أولاً، في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة العربية أحداثاً بدأت تظهر منذ نحو عام، ولم تتضح بعد ملامحها النهائية الاستراتيجية. وهذا ما يتطلب موقفاً سياسياً – إعلامياً، وربما أكثر تنسيقاً بالحد الأدنى، تجاه هذه المحاولات الإسرائيلية الدؤوبة – القديمة – الجديدة من جهة، ومن تقاعس سابقاً أو تفاءل عن خطورة هذه المخططات من جهة أخرى. في الوقت الذي تحسب فيه القيادة الأميركية، وخاصة العسكرية، تبعات هذه الخطوات، بعد أن أوجد توسيع حلف شمال الأطلسي شرقاً العديد من المشكلات الداخلية الأطلسية والقارية والدولية أيضاً، وسوف تزداد حتى تاريخ وصول طلائعه إلى منطقة الشرق الأوسط المتوترة أصلاً. وهذا ما تدركه واشنطن، وتحاول إسرائيل «حلحلته» بالإشارة إلى الفوائد الكثيرة من هذه العلاقة. وفي الوقت الذي تتباين بشدة مواقف الدول العربية تجاهه وخاصة المخاطر المستقبلية على دولها وعلى دول المنطقة أيضاً. طمأنت الولايات المتحدة إسرائيل بإرسال رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية مارتين ديمبسي إلى تل أبيب مؤخراً، في زيارة رفيعة المستوى لتأكيد عمق العلاقة الاستراتيجية، رغم تأجيل المناورات المشتركة الثنائية (الأسباب ثنائية، إقليمية، دولية) واستعاضت عنها بالتشديد على التعاون الاستراتيجي الخاص بين البلدين، آخذة بالحسبان مصالحها الكونية أولاً، ومصالح حلفائها في المنطقة على اختلاف توجهاتها من الدول الحليفة والصديقة على حد سواء. - باحث في الشؤون الدولية |
|