|
شؤون سياسية وداخلها النزعة الاستعمارية والتي تظهر جلية من خلال تزايد النشاط العسكري والدبلوماسي الأميركي الانكليزي - الفرنسي الواضح تجاه الاتحاد الإفريقي وإفريقيا عموما. مشروع الأطماع القديم الجديد في إفريقيا وعلى خلفية التوقعات المقلقة بشأن الموجة الجديدة من الأزمة العالمية يمكن أن يحاول الغرب بالقوة أو التهديد باستخدام القوة لاستعادة السيطرة من جديد على استخراج وتصدير الثروات الطبيعية من القارة الإفريقية ,إلا أن تطبيق هذا السيناريو يجعل الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين يواجهون منافسا جديا هو الصين التي استطاعت ترسيخ تواجدها على الساحة الإفريقية . في هذا السياق نصل إلى الأهداف القريبة والبعيدة لقرار اوباما بإرسال قوة أميركية إلى أوغندا تحت عنوان محاربة الحركات الراديكالية المحلية ,ويمكن القول انه قد يكون الأمر أبعد من ذلك وقد يتعلق بطبيعة هذا القرار مشاريع لمد النفط من جمهورية جنوب السودان مرورا بأوغندا وكينيا وتجاوزا لأراضي السودان الشمالي ,وهذا يجعلنا أمام سؤال مهم هو ماهي احتمالات توسع ونوعية المشاركة الأميركية والناتو في أزمة الصومال . نعود في البداية لنتحدث عن واقع السودان بشقيه الجنوبي والشمالي للوصول إلى الغايات الحقيقية من وراء التصعيد تارة بينهما لأننا بذلك نصل إلى جوهر المشكلة ,وهذا يجعلنا أمام حالة تتلخص حول هل ستفلح الخرطوم وجوبا في الاتفاق بشأن الحدود وعائدات النفط وصولا إلى عدم التدخل في شؤون بعضهما البعض ؟ الملاحظ هو احتمالات انزلاق التوتر القائم في جنوب كرد وفان والنيل الأزرق إلى أزمة عسكرية أخرى ,ويبدو أن أطرافا عديدة تراقب مايجري وانعكاس ذلك على المصالح الجوهرية لكل من الولايات المتحدة والصين وغيرهما . اندلاع العمليات الحربية مؤخرا في ولايتي كرد وفان الجنوبية والنيل الأزرق السودانيتين وكذلك مناشدة المعارضة الغرب بالتدخل في الشؤون السودانية لإسقاط حكومة عمر البشير أثارا اشد القلق في التوقعات المتعلقة بمستقبل السودان ,فرغم انفصال الجنوب ظلت المشكلات في الداخل والعلاقات بين الخرطوم وجوبا على مايبدو وبنفس الحدة التي كانت من قبل ,والى جانب التناقضات السياسية المتعددة ,كان الموضوع الرئيسي المعلق بين شمال السودان وجنوبه, ولا يزال موضوع تقاسم عائدات النفط والتي حقوله الأساسية في أراضي جمهورية السودان الجنوبي والتي حصلت على الاستقلال مؤخرا . الواضح أن الخرطوم ستدافع بشدة عن حق السودان بحصة كبيرة من عائدات النفط الذي يصدره الجنوب عبر أراضي الشمال ,وفي مثل هذه الحالة يمكن أن نصل إلى حالات تصعيديه في حال عدم الوصول إلى تسوية تنعكس سلبا عبر مشكلات حدودية بين السودان الشمالي والسودان الجنوبي تصل إلى حد المواجهات العسكرية مجددا بين الخرطوم وجوبا ,وما يزيدالامر تعقيدا على حد تعبير العديد من المراقبين هو دعم السودان الجنوبي للمعارضة والحركات بجميع أنواعها وأشكالها الرامية إلى إسقاط نظام البشير في جمهورية السودان ,أما الدبلوماسية الأميركية من حيث الظاهر فهي تمارس حتى الآن ضغوطا على كلتا العاصمتين من اجل التوصل إلى حل وسط ,ومن الواضح طبعا أن موقف الغرب من واقع العلاقة بين الدولتين السودانيتين لايتميز بالنزاهة والحياد. المحاولات التي نراها منذ فترة والتي بدأت بضغوط متصاعدة على السودان قبل تقسيمه كان الهدف منها هو إنشاء دولة في الجنوب , وهذا يعتبر آنذاك البداية لتشكيل واقع جديد في إفريقيا عبر سلسلة من التحولات والتي ترجمت واقعا حقيقيا عبر معطيات حدثت وتحدث ,الهدف من ورائها هو التدخل المباشر في القارة الأفريقية . ويبدو أن واشنطن بعد نجاح عملية إسقاط نظام القذافي في ليبيا تحاول أن تزيد من وتيرة تواجدها العسكري في دول إفريقية أخرى . ولا بد من القول انه اعتبارا من تشرين الأول عام 2011شرعت قوات أميركية وقوات تابعة لحلف الناتو بتقديم إسناد عسكري ذي طبيعة حربية لقوات كينيا التي بدأت بشن حملة على مقاتلي حركة (الشباب ) الإسلاميين على أراضي الجارة الصومال ,وعلى هذا الأساس ترسل واشنطن عناصر من قوات المهمات الخاصة إلى أوغندا المجاورة لكينيا لكي يتولوا هناك مهمة تنظيم العملية القتالية ضد متمردي بما يسمى (جيش الرب ) بهدف( اعتقال أو تصفية زعيم هذه المنظمة الراديكالية جوزيف كوني ,كما تنوي قوات المهمات الخاصة الأميركية من خلال آراء الخبراء العسكريين بالتعاون مع القوات الأوغندية شن عمليات قتالية ضد /جيش الرب /في أراضي جنوب السودان,والأرجح أن الولايات المتحدة الأميركية تريد بهذه الطريقة أن تمهد لمد أنابيب النفط من جمهورية جنوب السودان عبر كينيا إلى سواحل المحيط الهندي دون المرور بأراضي السودان الشمالي),ويرى المراقبون أن الولايات المتحدة تتخذ من الشعارات النبيلة أداة لمكافحة المتطرفين في إفريقيا وإزاحة الصين ,منافستها الرئيسية في القارة الإفريقية من هناك , ومن جهة أخرى يعتبر البعض توسيع التواجد العسكري الأميركي في أفريقيا خطوة غير مألوفة بالنسبة للولايات المتحدة ,ذلك لأنها لم تتعود على المباشرة في إخماد حركات التمرد الإفريقية منذ توليه والاستعداد الواضح الذي تجلى على ارض الواقع بالتدخل الفاعل والمباشر في النزاعات المحلية التي تتسبب في غياب الاستقرار السياسي في العديد من الدول الإفريقية . من خلال ماتقدم نلاحظ المخططات التي رسمت تنفذ على ارض الواقع فيما يخص القارة الإفريقية والبداية كانت ماحصل في السودان مرورا بما حدث في ليبيا وما قام به حلف الناتو على ارض الواقع بحجة حماية المدنيين وصولا إلى التدخلات المباشرة وغير المباشرة بمناطق عديدة في إفريقيا . كل ماتقدم يؤكد الأطماع الأميركية في هذه القارة والسيطرة عليها عبر أشكال مختلفة واستعمارها بشكل جديد تحت تسميات مختلفة تتشدق بها الولايات المتحدة عناوينها الحرية والديمقراطية ,والهدف النهائي هو استعمار هذه القارة بكل ماتعنيه هذه الكلمة من معنى . |
|