|
شؤون سياسية وإفراغ الطبيعة من مخزونها وخيرها وينابيع ورودها ومساحات صفائها الفطري وتعايشها البسيط إلى درجة القداسة، إنه الغرب كان بالأمس أوروبا الصليبية واليوم صار أوروبا الصليبية وأميركا الصهيونية وائتلف عقد الإفك وتطاولت مساحة السموم حتى جابت أفق العالم كله وصار الغرب متعهد الاستعمار والموت ذهاباً وإياباً، يأتي إلينا قائلاً ونذهب إليه قتلى، يرانا مجموعات بشرية لاحق لها في الحياة ثم نراه نحن مصدراً نلقي بين أظافره وأنيابه آخر ما عندنا من الموسميات العقائدية ومن محاصيل النفط والغاز وتدفق خيرات الطبيعة يتقدمها القمح ويتوسطها الزيتون ويختمها موسم الرياحين والأغاني الساذجة التي ما زالت تدور وتدور في أفق البساطة والطيبة وفي مرابع الصحارى اللامتناهية وعلى مسطحات المروج الخضراء التي تغفو ما بين البحر واليابسة. وما انحرف الغرب قط عن طبيعته ولا استراح من وظيفته الاستعمارية وهو هائج يقتل وهو مهزوم يقتل، في صحوة يحقد وفي غفوته يعيد إنتاج الحقد حتى صارت دماء الشعوب ورسالات السماء ومنابع النور في العالم هي الأماكن المفضلة للهوس الغربي الاستعماري. وفي دورة الزمان الآثمة التقى الغرب بالصهيونية وهي موجته المستترة وهو خادمها الأمين وصارت القرون الحديثة مرتعاً لأخطر مغتصبين في التاريخ هما الغرب والصهيونية، ولم يكن ذلك كافياً في مشروعهما الموحد وكان لابد من ثالثة الأثافي وهي مجرد ملحقات وتوابع لكنها تملك دوراً مميزاً في النذالة وطاقة متجددة في وأد القيم ومطاردة الأنبياء والصالحين وتقبيل يد الجلاد وخيانة الشقيق والصديق ، وكانت أنظمة الأعراب في جزيرة العرب ومعها ممالك بعضها في بلاد الشام وبعضها في المغرب هي المسند الرخيص الثالث من منظومة الغرب والصهيونية والأتباع في الداخل العربي. وبدأت اللعبة الماكرة تتوطد ثم تنبعث على أسس الحقد الكامن القديم وفي اتجاه يراد فيه وله أن يصبح الحر عبداً والعبد سيداً أميراً أو شيخاً أو ملكاً. وفي أعماق الحقد تتدافع وتتلاطم موجات الهيمنة الغربية الصهيونية والتي مازالت تؤهل الأعراب لفعل الاغتيال بطريقة الاقتناص والاختلاس، والليل العربي بهيم وقد أرخى سدوله على كل أفق واصطادوا في الطريق أدلاء ومتطوعين، فرغوا أنفسهم لممارسة أقذر دور في حياة البشر أجمعين، وكان من الواجب على كل عربي طبيعي أن يكتشف ولو بصورة متأخرة أن الذيل في الداخل العربي يتحول إلى موكب من العباءات والخسة المموجة والألوان التي لا تستطيع أن تخفي تحتها ذلك الصنم القديم الذي تحول إلى تقاليد متجردة ورغبة متدفقة في وضع الإنسان والطاقة تحت تصرف الأجنبي والغريب، وللمنظومة الهمجية الثلاثية ارتجاجاتها وقدرتها على الطوي والانتشار وقد استحوذت في ذاتها صفة الليونة ومقدرة التشابه من الظاهر وتقمصت من الأفعى قدرتها على الالتفاف على ذاتها ووضع الرأس في موضع الذيل وبسط الذيل حتى حدود الرأس ووظيفة الرأس. نعم هكذا صار المشهد العربي الراهن، فالرأس هناك في واشنطن وباريس وأنقرة والذيل بجوار المقدسات الإسلامية والمسيحية وعلى ضفاف الخليج وفي استطالات كالبؤر الشاذة بعضها صار اسمه المغرب والبعض الآخر صار اسمه مملكة الأردن، والذيول العربية هذه ليست ملحدة كافرة فحسب بل هي الإلحاد والكفر بذاته ونحن لا نجد إنساناً ملحداً ولكننا اليوم نعثر على مشيخات وإمارات وممالك بنيت في أصل الإلحاد وتوطدت فيه واستمتعت بمواهبها عبر دوائره فصار قتل الشقيق وظيفة دائمة لهؤلاء الحكام وأتقن هؤلاء الدهاقنة المقنعون بالعباءات وبالعقال دون العقول فن إنتاج الجريمة بطابقيها المادي والمعنوي وفي اللغتين الإنكليزية والعربية وتنفس الغرب والصهيونية معاً الصعداء فها هم يقعون على كنز لا يقدر بثمن. إن هناك أعراباً يقتلون العروبة وإن هناك مسلمين يغتالون الإسلام وإن هناك متخلفين يجففون الحضارة باسم التقدم التكنولوجي، وكان لابد لهذا الدور عبر هذه المواصفات من مهام يكون صداها على وسع الكون ويكون مداها على امتداد التاريخ في أزمنته وعصوره، وحدث مالم يكن في الحسبان فإذا الأعراب عبيد الغرب وخدمه والمروجون لسمومه ومخدراته وانحرافاته الفكرية وغرائب الطباع والأفكار وأنماط السلوك التي اقتبسوها من حقيقة الصهيونية العالمية و دهاليز الأساطير اليهودية التلمودية، وما كان الدور مفاجئاً ولكنه انكشف بلا حياء أو تردد في هذه الأيام، فإذا حمد وعبد الله الملك وسعود والحسن وأسماء أخرى ما أنزل الله بها من سلطان هي التي تقود معركة الاغتيال الكبير والتزوير الأكبر في التاريخ العربي والعالمي المعاصر. وكم هو مؤلم وقاس أن يصبح الأمر على هذا النحو فإذا حكام مأفونون مثل حكام قطر، هم الذين يقومون موقعاً حضارياً مثل سورية ثم يتقدمون أكثر في لعبة الموت والمهانة فإذا بهم يهددون سورية ويتوعدون شعبها وإذا بهم يفترسون مؤسسة الجامعة العربية ويبذرون المال لالتقاط الشاردين من كل حدب وصوب ويصنعون لهم معابر من الظلام إلى الظلام ويشترون الضمائر ويدشنون نسقاً جديداً في البحث عن المرتزقة والمأجورين في الداخل السوري ويعلمون الجوقة كلها أن قتل النفس البريئة هو عمل مأجور مباشرة فاقتل سورياً وخذ مئة دولار ومثل دوراً إعلامياً وخذ مئتي ريال قطري وانشر الذعر والخوف وخذ ثلاثمئة ريال سعودي، وصار من مستلزمات هذه الوظيفة أن يصبح السلاح الفتاك حتى ولو كان إسرائيلي الصنع ضرورة وزينة في الأيدي التي لا تعرف سوى الغدر ولم تخرج من الجهل والتعصب قط ويحيط في ذلك كله نطاق مفتوح من المنافذ الإعلامية عبر قنواتها المتكررة والتي أحدثت أخطر وأنجس اختراع في العصر الحديث عبر ثورة الاتصالات والمعلومات. |
|